أرشيف المقالات

اعتقاد الأئمة الأربعة

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2اعتقاد الأئمة الأربعة
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد: فإن كثيرًا من المسلمين يظنُّون أن الأئمة الأربعة الذين عاشوا في القرن الثاني والثالث من الهجرة، لم يكونوا يُعْنَونَ بالعقيدة، وينسبون دائمًا هذا الفضل الى مَن جاؤوا بعدهم ممن عاشوا في القرن الثامن من الهجرة.   وبين يدي الآن كتاب مختصر تحت عنوان: اعتقاد الأئمة الأربعة، أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل؛ تأليف محمد بن عبدالرحمن الخميس، يذكر المؤلف في المقدمة: "أما بعد، فقد قمتُ ببحثٍ موسَّع لنَيْل درجة الدكتوراه في أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - وقد ضمنت المقدمة تلخيص عقيدة الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد، وقد طلب مني بعض الفضلاء إفراد عقيدة هؤلاء الأئمة الثلاثة".   وفيما يأتي بعض ما جاء في هذا الكتاب: قال ابن تيميَّةَ في كتابه الإيمان: "لكن من رحمة الله بعباده أن الأئمة الذين لهم لسانُ صدقٍ؛ كالأئمة الأربعة وغيرهم، كانوا يُنكِرون على أهل الكلامِ من الجهمية قولَهم في القرآن والإيمان وصفات الربِّ، وكانوا متَّفقين على ما كان عليه السلف".   من أقوال أبي حنيفة في العقيدة: قوله: لا ينبغي لأحدٍ أن يدعو الله إلا به، وكان يكرهُ أن يقول الداعي: أسألك بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام.   ومن أقواله: لا يُوصَف الله - تعالى - بصفات المخلوقين، وغضبُه ورضاه صفتانِ من صفاته بلا كيفٍ، وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو يغضبُ ويرضى، ولا يقال: غضبُه: عقوبته، ورضاه: ثوابه...
ويدُ الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه، ووجهُه ليس كوجوهِ خلقه...
ولا يقال: يدُه: قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال.   وقال: مَن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض؟ فقد كفر، وكذا مَن قال: إنه على العرش، ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض؟!   ومن أقواله: ولا يكون في الدنيا ولا في الآخرة شيء إلا بمشيئته، وقال: الإيمان إقرار باللسان، وتصديق بالجنان، والإقرار وحدَه لا يكون إيمانًا، وقال: الإيمان لا يزيد ولا ينقص.   يقول المؤلف: "قوله في عدم زيادة الإيمان ونقصانه، وقوله في الإيمان: إنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان، وإن العمل خارج عن حقيقة الإيمان، قولُه هذا هو الفارق بين عقيدة الإمام أبي حنيفة في الإيمان وبين عقيدة سائر أئمة الإسلام: مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والبخاري، وغيرهم، والحق معهم، وقول أبي حنيفة مجانبٌ للصواب، وهو مأجورٌ في الحالين، وقد ذكر ابن عبدالبر وابن أبي العز ما يشعر أن أبا حنيفة رجع عن قولِه، والله أعلم".   من أقوال الإمام مالك في العقيدة: سئل الإمام مالك عن صفات الله، فقال: أمِرُّوها كما كانت، وسئل: كيف استوى الله على العرش؟ فقال: الكيف منه غير معلوم، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وسئل عمن يقول: القرآن مخلوقٌ، فقال: إنه زنديقٌ فاقتلوه.   ومن أقواله: الله في السماء، وعلمه في كل مكان، إياكم والبدعَ، قيل: يا أبا عبدالله، وما البدع؟ قال: أهل البدع الذين يتكلَّمون في أسماء الله وصفاته، وكلامه، وعلمه، وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان.   من أقوال الشافعي في العقيدة: قوله: إن لله وجهًا وقدمًا وعَيْنين، وإنه ليس بأعورَ، وإن له إصبعًا، وإن لله صفات، لكن ليست كصفاتنا؛ لقوله - سبحانه -: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11].   ومن أقواله: إذا سمِعْتَ الرجل يقول: الاسم غير المسمَّى، أو الشيء غير الشيء، فاشهد عليه بالزندقة، وإن الله - تعالى - على عرشه في سمائه يقرُبُ من خلقه كيف شاء، وإن الله - تعالى - ينزلُ إلى السماء الدنيا كيف شاء.   ومن أقواله: مَن حلف بالله أو باسم من أسمائه فحنث، فعليه كفَّارة، ومن حلف بشيء غير الله فحنث، فلا كفَّارة عليه؛ ذلك أنه لا يجوز الحلف إلا بالله.   وسُئِل عن صفات الله فأجاب بما أجاب به أبو حنيفة ومالك، وله أقوال أخرى كثيرة عن أهل الكلام؛ من ذلك قوله: ما ناظرتُ أحدًا في الكلام إلا مرَّة، وأنا أستغفر الله من ذلك.   وقال - رحمه الله -: لو أردتُ أن أضعَ على كل مخالف كتابًا كبيرًا لفعلتُ، وليس الكلام شأني، ولا أحب أن يُنسب إليَّ منه شيء.   من أقوال الإمام أحمد بن حنبل: الصلاة والزكاة والحج والبِرُّ من الإيمان، والمعاصي تنقص الإيمان.   وسئل عن الإرجاء، فقال: نحن نقول: الإيمانُ قول وعمل، يزيد وينقص، إذا زنا وشرِب الخمر نقص إيمانه، ومن أقواله: إنه لا يُفلِح صاحب الكلام أبدًا، ولا تكاد ترى أحدًا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغلٌ، ولا تجالسوا أهل الكلام وإن ذبُّوا عن السنة.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢