أرشيف المقالات

تفسير سورة الطلاق كاملة

مدة قراءة المادة : 14 دقائق .
سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]
تفسير سورة الطلاق كاملة

الآية 1: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ يعني إذا أردتم - أنت والمؤمنون - أن تطلِّقوا نساءكم لأمرٍ اقتضى ذلك (كأن تكون أخلاقهنّ سيئة أو كُنّ مُستكبراتٍ عن طاعتكم أو غير ذلك): ﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾: أي طَلِّقوهنّ لأول عِدّتهنّ (يعني في وقتٍ تكون فيه طاهرة من الحَيض - ولم يُجامعها زوجها في هذا الطُهر - ليكون ذلك الطُهر هو أول عِدّتها)، فهذا الطلاق هو الذي تكون العِدّة فيه واضحة (بخِلاف ما لو طلَّقها وهي حائض، فإنها لا تَحتسب تلك الحَيضة التي وقع فيها الطلاق، فبذلك تَطُول عليها العِدّة)، وكذلك لو طلَّقها في طُهرٍ قد جامَعَها فيه، فقد تَحمل بعد هذا الجماع، فلا يتضح بأيّ عِدّةٍ تَعتَدّ (هل بمرور ثلاث حَيضات أم بوضع الحمل؟)، وأما لو طلَّقها وهي حامل فإنّ عِدّتها تنتهي بوضع حَمْلها كما سيأتي.
 
♦ واعلم أن العِدَّة هي المدة التي تنتظر فيها المرأة دونَ زواجٍ مِن رجل آخر، وذلك للتأكُد مِن فراغ الرَحِم مِن الحَمل، وكذلك لإعطاء الفرصة للزوجين في الترَوِّي والرجوع إلى بناء الأسرة المُتهَدِّمة بسبب الطلاق، وكذلك لضمان استحقاق الزوجة للنفقة والسَّكَن - مِن الزوج - ما دامت في العِدَّة.
 
﴿ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ﴾ يعني: واحفظوا العِدَّة (وذلك بأن تعرفوا بدايتها ونهايتها)، لِما يترتب على ذلك من أحكام (كَصِحّة المراجعة وعدمها، واستمرار النفقة على المُطلَّقة وإسكانها أو توَقُّف ذلك).
 
♦ واعلم أن مدة هذه العِدَّة: ثلاث حَيْضات (وذلك على الَراجح من أقوال العلماء)، بمعنى أن يَمُرَّ عليها الحَيْض ثلاث مرات، تبدأ في عَدِّ هذه الحَيْضات الثلاث مِن لحظة وقوع الطلاق، فإذا أتَى عليها الحَيْض بعد الطلاق ولو بلحظة: فإنها تحتسب هذه الحَيضة من الحَيْضات الثلاث، أمّا إذا طلقها الزوج وهي حائض: فإنها لا تَحتسب هذه الحَيْضة - التي وقع فيها الطلاق - مِن الثلاث حَيْضات.
 
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ﴾ يعني أطيعوه في أمْره ونهْيه، وقِفوا عند حدوده فلا تتعدوها، و﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ﴾ أي لا تُخرِجوا المُطلَّقات من البيوت التي يَسكنَّ فيها حتى تنتهي عِدّتهنّ، ﴿ وَلَا يَخْرُجْنَ ﴾ يعني: ولا يجوز لهنّ الخروج من البيوت بأنفسهنّ ﴿ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ يعني إلا إذا فعلنَ فعلة مُنكَرة ظاهرة كالزنى، أو تكون بذيئة اللسان فتؤذي أهل البيت أذىً لا يتحملونه، فعندئذ يُباح إخراجها, ﴿ وَتِلْكَ ﴾ أي ما سَبَقَ مِن التشريعات والأحكام هي ﴿ حُدُودُ اللَّهِ ﴾ الفاصلة بين الحلال والحرام، ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ لأنه بذلك يُعَرِّضها لغضب الله وعذابه، ﴿ لَا تَدْرِي ﴾ - أيها المُطلِّق -: ﴿ لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾: أي لَعَلّ الله يُحدِث بعد ذلك الطلاق أمرًا لا تتوقعه - وهي في بيتك - فتُراجِعها، (كأنْ يَجعل الله في قلبك رغبةً في مُراجَعتها - أثناء العِدّة - وفي ذلك خيرٌ كثير لكما ولأولادكما).
 
الآية 2، والآية 3: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ﴾: يعني فإذا قارَبَتْ عِدَة المُطلَّقات أن تنتهي: ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾: أي فرَاجعُوهُنَّ، وَفي نِيَّتكُم: (حُسن معاملتهنّ بعدَ مُراجَعتِهنّ والإنفاق عليهنّ) ﴿ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾: يعني أو خَلّوا سبيلهنّ، معَ أداءِ حقوقِهنّ، وعدم ذِكرهنّ بسوء،﴿ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ يعني: وأشهِدوا على هذه الرَّجعة - أو هذه المُفارَقة - رَجُلين مُسلِمَين بالغَين عاقلَين مَشهودٌ لهما بالعدل، (واعلم أن العدل يُشترَط فيهِ العُرف في كل مكان وزمان، فكل مَن كان صادقاً أميناً مُعتبَرًا عند الناس: قُبِلَتْ شهادته)، ﴿ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ﴾ يعني: وأدُّوا الشهادة - أيها الشهود - خالصةً لله وحده، لا لشيءٍ آخر, ﴿ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ ﴾ أي بهذا يَعِظ اللهُ الذي يؤمن ﴿ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴾﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ ﴾ فيَفعل ما يُرضيه ويَجتنب ما يُغضبه (وخصوصاً في هذه الأحكام المتعلقة بالطلاق والرَجعة والعِدّة): ﴿ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ مِن كل ضِيق ﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾: أي يُيَسّر له أسباب الرزق من حيث لا يَخطر على باله, ولا يكونُ في حُسبانه، ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ أي يَعتمد على الله تعالى، آخِذاً بالأسباب التي شَرَعها له - مع تعلق قلبه بالله وحده -: ﴿ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ أي فهو سبحانه كافيه ما يُهِمُّه في جميع أموره، ﴿ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ﴾ أي غالبٌ على أمْره (فإذا أراد شيئاً قال له كُن فيكون)، وإنما ﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ أي جعل لكل شيءٍ أراده أجلاً ينتهي إليه, وتقديرًا لا يُجاوزه (فهو واقعٌ لا مَحالة، ولكنْ في الوقت الذي يريده الله).
 
الآية 4: ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ ﴾ يعني: وأما حُكم المُطلَّقات اللاتي انقطع عنهنَّ دم الحيض؛ لكِبَر سِنّهنّ: ﴿ إِنِ ارْتَبْتُمْ ﴾: يعني إنْ شَكَكتم فلم تدروا ما الحُكم فيهنَّ: ﴿ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ﴾ تبدأ مِن لحظة وقوع الطلاق،﴿ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ﴾ يعني: وكذلك الصغيرات اللاتي لم يَحِضن بعد, فعِدَّتهنّ ثلاثة أشهر، ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ يعني: وأما المُطلَّقات الحَوَامِل، فإنَّ عدَّتهنّ تنتهي بوضْع الحَمل، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ ﴾ أي يَخَف عذابه ويُنَفِذ أحكامه: ﴿ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ أي يُسَهِّل له أموره ويُصلح باله في الدنيا والآخرة.
 
الآية 5: ﴿ ذَلِكَ ﴾ أي ذلك الذي ذُكِر مِن أمْر الطلاق والعِدّة، هو ﴿ أَمْرُ اللَّهِ ﴾ الذي ﴿ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ ﴾ أيها الناس لتعملوا به، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ ﴾ باجتناب معاصيه وأداء فرائضه: ﴿ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ ﴾ أي يَمْحُ عنه ذنوبه ﴿ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾: أي يُعطه ثواباً عظيماً مضاعَفاً في جنات النعيم.
 
الآية 6: ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ ﴾ يعني أسكِنوا - أيها الرجال - مُطلَّقاتكنّ في سَكَنكم، أو في سَكَن مِثل سَكَنكم (وذلك في أثناء العدة) ﴿ مِنْ وُجْدِكُمْ ﴾ أي على قدر سَعَتكم وطاقتكم.
 
♦ وقد اختلف العلماء: (هل يَسكن معها في نفس السَكَن أثناء العِدّة؟، أو يوَفِّر لها سَكناً مناسباً بقدر استطاعته (ولو بالإيجار)؟، أو يَترك لها مَنزله ويَخرج منه حتى تنتهي عِدّتها؟)، والراجح أن المنزل إذا كانَ يَتَّسع لهما معاً (هو في حجرة وهي في أخرى)، فلا داعي لإخلائه لها (بل الأوْلى أن يَسكُنا معاً، كما تقدَّم في تفسير قوله تعالى: (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا))، وأما إنْ كان البيت لا يَتَّسع إلا لواحدٍ منهما فيَجب أن يَتركه لها، أو يوَفِّر لها سَكناً مناسباً (بالإيجار) بقدر استطاعته.
 
﴿ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ﴾ يعني: ولا تُلحِقوا بهنّ ضررًا - سواء في السكن أو في النفقة - لأجل أن تُضَيّقوا عليهنّ السَكَن فيَترُكنَه لكم ويَخرُجنَ منه، ﴿ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ ﴾ يعني: وإنْ كانَ نساؤكم المُطلَّقات حوامل: ﴿ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ ﴾ أثناء عِدّتهنّ ﴿ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ ﴾ أولادهنّ منكم: ﴿ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ على هذا الإرضاع (وهذا خاص بالمُطلَّقة فقط)، ﴿ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ﴾ أي تشاوَرا في أمرٍ يَنتهى بالاتفاق على أُجرة مُعَيّنة نظير هذا الإرضاع (لا إفراطَ فيها ولا تفريط), ﴿ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ ﴾ يعني: وإن اختلفتم في الأجرة، فامتنعتم عن الإنفاق عليهنّ بسبب عُسرٍ عندكم في النفقة، وامتنعنَ هُنّ عن الإرضاع: ﴿ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ﴾ يعني فلْتُرضِع للأب مُرضِعة أخرى غير الأم المُطلّقة (حتى لا تقعوا في هذا الاختلاف).
 
الآية 7: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ﴾ يعني: فلْيُنفقْ الزوج الغني - من الرزق الذي وسَّعه الله عليه - على زوجته المُطلّقة وعلى ولده منها, ﴿ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ﴾ يعني: ومَن ضُيِّق عليه في الرزق (وهو الفقير): ﴿ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ ﴾ يعني فليُنفق مما أعطاه الله من الرزق على قدر طاقته، ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا ﴾ (فلا يُكَلَّف الفقير مثلما يُكَلَّف الغني)، و﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾: أي سيجعل الله بعد ضيقٍ وشدة: سَعَةً وغِنىً، (واعلم أنّ هذا كانَ وعداً من الله تعالى قد أتمه لأصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث كانوا في شدةٍ وفقر، ففتح عليهم مُلك الفُرس والروم فأبدل عُسرهم يُسراً)، وأما غيرهم فيُشترَط لهم التقوى حتى يوَسّع الله أرزاقهم، كما تقدم في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾.
 
من الآية 8 إلى الآية 11: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ ﴾ يعني: وكثير من القرى التي عصى أهلها أمْر الله ورُسُله، واستمروا في طغيانهم وكُفرهم ﴿ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا ﴾ أي جازينا أهلها على أعمالهم السيئة جزاءً شديداً ﴿ وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا ﴾ أي عذابًا عظيمًا (تُنكِره العقول من شدته وفظاعته)﴿ فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا ﴾: أي ذاقوا سُوء عاقبة طغيانهم وكُفرهم, ﴿ وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ﴾ يعني: وكان مَصير كُفرهم هلاكًا وخُسرانًا لا خُسرانَ بعده، وقد﴿ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ﴾ في الآخرة (لا يُطاق ولا يُحتمَل)، إذاً ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾: أي خافوا اللهَ واحذروا غضبه يا أيها المؤمنون - أصحاب العقول السليمة - ﴿ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا ﴾ (وهو القرآن)، وأرسل إليكم ﴿ رَسُولًا ﴾ وهو محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ﴿ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ ﴾ أي يَقرأ عليكم آيات الله التي توضِّح لكم الحق من الباطل ﴿ لِيُخْرِجَ ﴾ اللهُ تعالى - بهذا الرسول وهذا القرآن - ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ أي مِن ظلمات الكُفر إلى نور الإيمانِ، ومِن ظلمات الجهل إلى نور العِلم، ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ ﴾ رَبّاً وإلهاً، فلا يَعبد غيره ﴿ وَيَعْمَلْ صَالِحًا ﴾ (وهو كلّ عمل كانَ خالصًا للهِ تعالى، وموافقًا لِمَا كان عليه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم): ﴿ يُدْخِلْهُ ﴾ اللهُ ﴿ جَنَّاتٍ ﴾ أي بساتين عجيبة المنظر ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ أي تجري أنهار الماء واللبن والعسل والخمر من تحت أشجارها المتدلية وقصورها العالية ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾﴿ قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴾: أي قد أحسن الله للمؤمن رزقه في الجنة، إذ لا يَنقطع عنه نعيمها أبداً.
 
الآية 12: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ ﴾﴿ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾ يعني: وخَلَقَ سبحانه سبع أرَضين (أرضاً فوق أرض)، كما هو الحال في السماوات السبع (سماءً فوق سماء)، ﴿ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ﴾ يعني: أي يَتنزل وحي الله إلى رُسُله، ويَتنزل تدبيره لخلقه (بين السماوات والأرض)، وقد أخبَركم سبحانه بخَلقه العظيم وتدبيره لشؤون عباده ﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ (فتَرغبوا فيما عنده من النعيم) ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ (لتتقوه في كل أفعالكم وأقولكم، حتى تنجوا مِن ناره).

[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.
- واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن