أرشيف المقالات

منهج ابن كثير في الدعوة إلى الشريعة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
منهجه في الدعوة إلى الشريعة
(العبادات والمعاملات والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
 
معنى الشريعة في اللغة: "الشريعة في اللغة: مَشْرعةُ الماء، وهي مَوْرِدُ الشاربة التي يشرعها الناس فيشربون منها ويَسْقون"[1]، وفي الصحاح: "والشريعة: الطريق الأعظم"[2].
 
وعند ابن كثير الشريعة هي الشِّرعةُ؛ "فإن الشِّرعة هي الشريعة أيضًا، وهي ما يبدأ منه إلى شيء، ومنه يقال: شرَع في كذا؛ أي: ابتدأ فيه، وكذا الشريعة، وهي ما يُشرَع منها إلى الماء"[3].
 
وأما في الاصطلاح: "فالشريعة الإسلامية: هي الأحكام التي شرَعها الله لعباده، سواء كان تشريع هذه الأحكام بالقرآن، أم بسُنة النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعل أو تقرير".
 
وقد عرَّف ابن تيمية الشريعة فقال: "والشريعة إنما هي كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه سلف الأمَّة، في العقائد والأحوال والعبادات، والأعمال والسياسات، والأحكام والولايات..."[4].
 
وأما ابن كثير، فيرى أن الشريعة هي الأحكام العمليَّة فقط، وهي الفروع التي اختلَفتْ فيها الرسالاتُ السماوية كما قال تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48]، فيقول في تفسيرها: "هذا إخبار عن الأمم المختلفةِ الأديانِ، باعتبار ما بعث الله رسلَه الكرام من الشرائع المختلفةِ في الأحكام، المتفقةِ في التوحيد"[5].
 
اهتمام ابن كثير بالشريعة والدعوة إليها: وكما اعتنى ابن كثير رحمه الله بالعقيدة، فقد اهتم واعتنى بالشريعة؛ ببيانها والدعوة إليها، وخطورة مخالفتها، وأن كل عمل لا يكون خالصًا ولا موافقًا للشريعة، فهو باطل، ونحو ذلك مما يجب على الدعاة مراعاتُه والالتزام به في دعوة الناس؛ لأنهم يدعون إلى شريعة الله التي أنزَلَها على رسوله صلى الله عليه وسلم، وارتضاها دينًا لعباده.
 
فكما أن العمل لا بُدَّ فيه من الإخلاص لله، فكذلك يجب أن يكون موافقًا لشرع الله، يقول رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]: "أي عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سبيله ومِنهاجُه، وطريقتُه وشريعته، فتُوزَنُ الأعمال بأقواله وأعماله؛ فما وافَقَ ذلك قُبِل، وما خالَفَه فهو مردود على قائله كائنًا من كان"[6]، "فكل عمل لا يكون خالصًا وعلى الشريعة المَرْضيَّة، فهو باطل"[7].
 
ويؤكِّد رحمه الله "أن الشريعة تشتمل على شيئين: علم، وعمل؛ فالعلم الشرعي صحيح، والعمل الشرعي مقبول، فإخباراتها حق، وإنشاءاتها عدل"[8].
 
وقد تعرَّض رحمه الله في تفسيره إلى فروع الشريعة؛ من العبادات والمعاملات والأخلاق ونحوها، ودعا إليها، وحثَّ على الالتزام بها، وهذا ما سنشير إليه بإيجاز في المطالب التالية:
1- منهجه في الدعوة إلى العبادات.
2- منهجه في الدعوة إلى المعاملات.
3- منهجه في الدعوة إلى الجهاد.
4- منهجه في الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.



[1] لسان العرب، مادة شرع، لأبي الفضل جمال الدين محمد بن منظور.


[2] الصحاح، مادة شرع، لإسماعيل بن حماد الجوهري.


[3] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 86.


[4] الفتاوى 19/ 134.


[5] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 86.


[6] المرجع نفسه 3/ 382 عند تفسير الآية: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ﴾ [النور: 63].


[7] انظر تفسير القرآن العظيم 3/ 391 عند تفسير الآية: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ ﴾ [الفرقان: 23].


[8] المرجع نفسه 4/ 239 عند تفسير الآية: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى ﴾ [الفتح: 28].

شارك الخبر

المرئيات-١