أرشيف المقالات

دروس دعوية في نداءات سورة الأنفال

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2نداءات سورة الأنفال
أول هذه النداءات وأهمها وأشدها حسمًا: 1- النداء الأول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ﴾ [الأنفال: 15].   2- النداء الثاني: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾ [الأنفال: 20].   3- النداء الثالث: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24].   4- النداء الرابع: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].   5- النداء الخامس: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].   6- النداء السادس: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]، وهو نداءٌ يؤكِّد ويكمِّل النداءَ الأول.   ومما يجدر الإشارةُ إليه أن في هذه النداءات دروسًا دعوية وتربوية في غاية الأهمية، منها: أولاً: أهمية النداء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ - جاء في تفسيرِ قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 104]، وهو أولُ نداءٍ للمؤمنين في سورة البقرة، وهو يُشير إلى استقلالية الشخصية الإسلامية؛ يقول ابن كثير - رحمه الله تعالى -: (إن رجلاً أتى عبدَالله بن مسعود فقال: اعهَدْ إليَّ فقال: إذا سمعتَ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾، فأَرْعِها سَمْعَك؛ فإنه خيرٌ يأمُرُ به، أو شرٌّ يَنهى عنه)[1].   ثانيًا: المتأمِّل لهذه النداءات يجد أن كل نداء يتصل به ويعقبه معانٍ تناسبه: • فالأمر بعدم الفرار من الزحف (تولية الأدبار) في النداء الأول يناسِبُه أن يعلَمَ المؤمنُ أن كل ما يتم إنما هو بتقديرِ الله وتدبيره؛ فلِمَ الخوف ولِمَ الفرار؟ ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17]، ويتصل بالموضوعِ أيضًا أن يتيقن المؤمنُ بأن الله مُوهِنُ كيد الكافرين، فلا يفر.     • وفي النداء الثاني: وهو الأمرُ بطاعة الله ورسوله، يناسبه التنفيرُ من حال الكافرين الذين هم كالدوابِّ الصُّمِّ البُكْم الذين لا يسمَعونَ ولا يعقِلون.   • وناسب النداءَ الثالث، وهو الأمر بالاستجابة لله وللرسول: التحذيرُ من أمرين يحُولان بين المرء والاستجابة لنداء الحق؛ أحدهما داخلي حين يُحال بين المرء وقلبه، وثانيهما خارجي حين تعُمُّ الفتنة في الأمة، ويعظُمُ شرها، فلا يستطيع أن يقفَ أمامها ذو رأي، أو يكبَح جماحَها ذو عزيمة.   • ناسب النداء الرابع (بعدم الخيانة): التذكيرُ بفتنةِ الأموال والأولاد.   • ناسب النداء الخامس (بالتقوى وثمارها): تذكيرُهم بما كانوا عليه من قبلُ، وبما كان عليه المشركون مِن كيدٍ ومَكْرٍ وعناد؛ فقد تآمَروا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ليحبِسوه أو يقتلوه أو يُخرجوه، كما أنهم استهزَؤوا بآياتِ الله وقالوا: ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الأنفال: 31].   • وكان النداء السادس أمرًا بالثَّباتِ والذِّكْر حين يتحقَّق النصر، ناسبه أمرٌ بالطاعة، وتَرْكِ التنازع؛ لأن في التنازع فشلاً وهزيمة، وتحذير من الوقوع فيما وقَع فيه المشرِكون من البَطَرِ والأَشَرِ[2].   ومن هنا، فقد تبيَّن أن كل نداء تلاه ما يناسِبُه مِن حكم وتوجيهات؛ مما يسهِّل قَبول تلك الأوامر بإيمان ويقين، وإقناع وارتياح، وهذا هو منهجُ القرآن، وطريقة الربِّ سبحانه في التربيةِ والإعداد والبلوغ إلى الكمال.


[1] تفسير ابن كثير، جزء 1، ص 148. [2] مِن هدي سورة الأنفال، د.
محمد أمين المصري، دار الأرقم، ص 9، 12 بتصرف.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ١