أرشيف المقالات

مسألة: اختلاف العلماء في يوم ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهرها

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2مسألة اختلاف العلماء في يوم ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهرها
أولًا: تسمية اليوم الذي وُلد فيه صلى الله عليه وسلم: الذي يُقطع به في ذلك أنَّه يوم الاثنين؛ لورود النصِّ الثَّابت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ففي صحيح مسلم وغيره عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم الاثنين، قال: ((ذاك يومٌ وُلدتُ فيه)).   فعلى هذا؛ كلُّ قولٍ سوى هذا القول فهو باطِل؛ لمخالفته هذا النصَّ الصَّريح. قال ابن عبدالبرِّ: "ولا خلاف أنَّه وُلد يوم الاثنين"، وقال ابن الجوزي: "اتَّفقوا على أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وُلد يوم الاثنين"، وقال النووي: "واتَّفقوا أنَّه وُلد يوم الاثنين"، وقال ابن كثير: "وهذا ما لا خلاف فيه"، ثمَّ قال: "وأبعدَ بل أخطأ مَن قال: ولد يوم الجمعة لسبع عشرة خلَت من ربيع الأول؛ نقله الحافظ ابن دحية فيما قرأه في كتاب (إعلام الورى بأعلام الهدى) لبعض الشِّيعة، ثمَّ شرع ابن دحية في تضعيفه، وهو جديرٌ بالتَّضعيف؛ إذ هو خلاف النصِّ".   ثانيًا: تاريخ اليوم الذي وُلد فيه صلى الله عليه وسلم: اختلف العلماءُ في تاريخ اليوم الذي وُلد فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أقوال: القول الأول: أنَّه كان يوم الثاني من شهر ربيع الأول؛ قاله ابنُ عبدالبرِّ، ورواه الواقديُّ عن أبي معشر نجيح بن عبدالرحمن المدني.
القول الثاني: أنَّه كان يوم الثالث من شهر ربيع الأول؛ نقله ابن جماعة الكتاني بصيغة التمريض.   القول الثالث: أنَّه كان يوم الثامن من ربيع؛ حكاه الحميديُّ عن ابن حزمٍ، ورواه مالك وعقيل ويونس بن يزيد وغيرهم عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم، ونقل ابن عبدالبرِّ عن أصحاب التاريخ أنَّهم صحَّحوه، وقطع به الحافظ الكبير محمد بن موسى الخوارزمي، ورجَّحه الحافظُ أبو الخطاب بن دحية في كتابه: "التنوير في مولد البشر النذير".   القول الرابع: أنَّه كان يوم التاسع؛ وهذا ما وصل إليه محمود باشا الفلَكي عن دراسة فلكيَّة، ورجَّحه ابن عثيمين، واختاره المباركفوريُّ صاحب الرحيق المختوم.   القول الخامس: أنَّه كان يوم العاشر؛ نقله ابن دحية في كتابه السابق، ورواه ابن عساكر عن أبي جعفر الباقر، ورواه مجالد عن الشَّعبي.   القول السادس: أنَّه كان يوم الثاني عشر؛ نَصَّ عليه ابن إسحاق، ورواه ابن أبي شيبة في مصنَّفه عن عفان، عن سعيد بن ميناء، عن جابر وابن عباس أنَّهما قالا: "وُلد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، يوم الاثنين، الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وفيه بُعث، وفيه عرج به إلى السماء، وفيه هاجَرَ، وفيه مات"؛ وهذا هو المشهور عند الجمهور.   القول السابع: أنَّه وُلد لثمانٍ بقين من ربيع، نقلَه ابن دحية من خطِّ الوزير أبي رافع ابن الحافظ أبي محمد بن حزم عن أبيه، قال ابن كثير: "والصَّحيح عن ابن حزمٍ الأولُ؛ أنَّه لثمانٍ مضين منه؛ كما نقله عنه الحميديُّ، وهو أَثبت".   القول الثامن: وقيل: إنَّه كان يوم السابع عشر من ربيع، نقله ابن دحية عن بعض الشيعة.   ثالثًا: الشهر الذي وُلد فيه صلى الله عليه وسلم: اختلف العلماء في تَحديد الشَّهر الذي وُلد فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، على أقوال: القول الأول: شهر ربيع الأول، وهذا قول الجمهور؛ كما قال ابن كثير، وصحَّحه الكتاني والزرهوني وغيرُهما.   القول الثاني: شهر ربيع الآخر؛ نقله الكتانيُّ، غير منسوب.   القول الثالث: شهر صفر؛ نقله الكتاني أيضًا.   القول الرابع: شهر رمضان، قال ابن كثير: "نقله ابن عبدالبرِّ عن الزبير بن بكَّار؛ وهو قول غريبٌ جدًّا، وكأنَّ مستنده أنَّه عليه الصلاة والسلام أُوحي إليه في رمضان بلا خلاف؛ وذلك على رأس أربعين سنَة من عمره، فيكون مولده في رمضان؛ وهذا فيه نظر، والله أعلم".   الترجيح: الذي يَظهر بعد هذا أنَّ الشهر الذي وُلد فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هو شهر ربيع الأول، واليوم الذي وُلد فيه هو يوم التاسع من الشهر نفسه؛ لقيام هذا القول على تحقيقٍ فلَكي، وهو حجَّةٌ في هذا الباب، والله أعلم.   المراجع: ينظر: "السيرة النبوية"؛ لابن كثير (1 / 198 - 201)، "عمدة القاري شرح صحيح البخاري"؛ للعيني (25 / 69)، "التمهيد"؛ لابن عبدالبر (3 / 26)، "الفجر الساطع على الصحيح الجامع"؛ للزرهوني (3 / 11)، "شرح النووي على مسلم" (15 / 100)، "تحفة الأحوذي"؛ للمباركفوري (10 / 63)، "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"؛ للملَّا علي القاري (17 / 8)، "مشكاة المصابيح، مع شرحه مرعاة المفاتيح"؛ للتبريزي (5 / 313)، "الاستيعاب في معرفة الأصحاب"؛ لابن عبدالبر (1 / 10 - 11)، "أنساب الأشراف"؛ للبلاذري (1 / 39)، "أسد الغابة"؛ لابن الأثير (ص: 8)، "الرحيق المختوم"؛ للمباركفوري (ص: 35)، "الروض الأنف"؛ للسهيلي (1 / 276)، "المختصر الكبير في سيرة الرسول"؛ لابن جماعة الكتاني (ص: 22)، "الوفا بتعريف فضائل المصطفى"؛ لابن الجوزي (1 / 49)، "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (7 / 281).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ١