يا له من دين لو كان له رجال!
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
يا له من دين لو كان له رجال!الحمد الله، نحمده حمد من لا ربَّ له سواه، وأشكره على جزيل فضله وعطاياه، وأشهد أن الحلال ما أحلّه، وأن الحرام ما حرَّمه، وأن الدين ما شَرَعه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
فيا له من دين لو كان له رجال!
دين عظيم، دين قويم، يهدي به الله إلى طريق مستقيم، اختاره الله - عز وجل - لنا، فوحَّدنا على كلمة التوحيد، وجعل رسلاً مبشرين ومنذرين، فجاؤوا كلهم للدعوة إليه وإلى توحيده - سبحانه وتعالى -: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 165].
﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2].
ففي هذا الدين الفلاحُ في الدنيا والآخرة، والسعادة الأبدية السرمدية حيث لا شقاء أبدًا، هو رابط العبد الذليل بالربِّ العزيز، وواصل العبد الفقير بالرب الغني.
فيه طمأنينةُ القلب، وحلاوة الروح، وراحة البدن، وسعادة الآخرة.
فيا له من دين لو كان له رجال!
كم تحمَّل الأنبياء والمرسلون في سبيل نشر هذا الدين!
وكم قُتل منهم وكم عُذِّب، وكم لاقوا لأجل هذا الدين!
ففي سبيل الدعوة إلى هذا الدين:
ظل نوح يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين، ولبث يوسف في السجن بضع سنين، وألقي في النار أبو الأنبياء والمرسلين، ونُشر بالمنشار زكريا، وقُتل ابنه يحيى الأمين، وناهيك عما حدث لقائد الغر الميامين، وخاتم الأنبياء والمرسلين؛ ففي أُحُدٍ كُسرت رباعيته، وشُجَّ وجهُه، واستقرَّ سهم في وجنته، على أيدي المشركين.
فيا له من دين!
وقتل لأجل هذ الدين، وفي سبيل نشر هذا الدين، من الصحابة: عمر، وعثمان وعلي، وطلحة والزبير، والحسن والحسين، وغيرهم الكثير، وكلهم من المصطفَينَ.
وعُذِّب في سبيله الكثيرُ من العلماء؛ فجُلد مالك فقيل: لا يُفْتي إلا مالك، وجُلد أحمد فصار إمام أهل السنة، وسُجِن ابن تيمية فصار علم الأمة، وقُتل ابن جبير إمام التابعين، وكلهم جاهدوا في الله حتى أتاهم اليقين.
فأين نحن من هؤلاء الرجال؟!
وأين نحن من هؤلاء الدعاة؟!
فيا له من دين لو كان له رجال!
ففي بورما دماء تُراقْ
وفي الشيشان قتل وإحراقْ
وفي البوسنة دم دفَّاقْ
وفي سوريا بلغت الأرواح التراق
وفي كل هذه البلاد وغيرها
نداءات وآهات وصراخات
اخترقت السموات السبعَ الطباقْ
فأين الرجال؟