العدد 57 - صفحات مشرقة من حياة
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
صفحات مشرقة من حياة عمر بن عبد العزيز
للشيخ إبراهيم الجمل
مدرس بالمعهد الثانوي
كان عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي أمّةً وحده في تاريخ بني أمية، فلم تر الدنيا مثل عمر حاكما، يخاف الله، ويكره ويبغض لله، فكان ورعاً، زاهداً، تقياً، صابرا. كان من أشد الخلفاء حرصًا على أن ينال كل إنسان تحت إمرته حقه، لا فرق بين أمير وغير أمير، أو قريب وبعيد.
وإن أخباره مشهورة، وأعماله تبارى فيها مع جده الفاروق عمر بن الخطاب [1] رضي الله عنه، حتى عده المؤرخون الخليفة الخامس المتمم للخلفاء الراشدين الأربعة. لقد أعاد عمر نهار الإسلام الساطع في الخلافة الأموية، برغم قصر مدة خلافته فقد كانت سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام. أرسى قواعد الدين الصحيحة وأعاد للإسلام قوته ومبادئه، فتفرع العلماء لتدوين الحنيفية السمحة، فلا عجب أن ينبش العباسيون- وقد حاربوا الدولة الأموية واستولوا عليها- قبور الأمويين، وأن يمثلوا شر تمثيل بمن في القبور من خلفاء وقادة إلا قبر عمر بن عبد العزيز فقد احترموا رفاته، وأثنوا عليه الثناء الكامل؛ والفضل ما شهدوا به تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة بعد موت الخليفة سليمان بن عبد الملك.
والبلاد قد اتسعت رقعتها، وكثر العدو الذي كان يهدد أطرافها، وشغل عمر بأمر الناس والبلاد ليلا ونهارا.
وما كان لكل هذا أن يشغله عن رعاية أولاده، وأن يتعرف على أحوالهم، وما يقتضيه واجب العناية والتربية.