أرشيف المقالات

الحكمة من اليوم الآخر

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
الحكمة من اليوم الآخر


أولاً: تعريف اليوم الآخر:
اليوم الآخر هو: يوم القيامة، يوم البعث والقيام لربِّ العالمين، سُمِّي "اليوم الآخر" لأنه يأتي بعد هذه الدنيا، ويُسمَّى يوم القيامة لقيام الناس فيه لربِّ العالمين، وله أسماء عديدة، كلُّ اسم يدلُّ على حدثٍ فيه أو حالٍ من أحوال الناس فيه، وكلها تدلُّ على عظمة شأنه وخُطورة إنكاره وشَناعة الكُفر به، وفيها تذكيرٌ بأهواله وتنبيهٌ على الاستعداد له.
 
ثانيًا: منزلة الإيمان باليوم الآخر من الدِّين:
الإيمان باليوم الآخِر هو أحد أركان الإيمان، وغالبًا يُذكَر هو الخامس منها، وقد دلَّت النُّصوص على فَلاح مَن آمَن به وعمل له - مخلصًا لله تعالى بما شرع - وعلى كُفر مَن أنكَرَه وجحَدَه؛ قال تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ [البقرة: 177]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136].
 
ثالثًا: كيفيَّة الإيمان باليوم الآخِر:
الإيمان باليوم الآخِر هو التصديق بمَجِيئه وما يكونُ فيه والحِكمة منه على النحو الوارد في الكتاب والسُّنَّة، فيتضمَّن الإيمان باليوم الآخِر أمورًا غيبيَّة لا يتحقَّق الإيمان به إلا بالتصديق بها واعتقادها والعمل بمُقتضاها؛ وهي:
أ‌- أحوال الموت والبرزخ: وتتضمَّن:
1- كيفيَّة مجيء الملائكة إلى مَن حضره الموت، وكيفيَّة قبض روحه، وأين يذهب بها بعد ذلك.
2- السؤال في القبر - أو فتنة القبر - وما جاء في صفته ونتيجته التي تترتَّب عليه، فيكون عليها مستقبل الميت من حيث امتحانه إلى يوم بعثه.
3- حال الميت في القبر ومدَّة لبثه فيه، وعَلاقة رُوحه بجسده، وما جاءتْ به النُّصوص من نعيم المثبتين وعَذاب المضلِّين.
 
ب‌- مقدِّمات الساعة وتفاصيل يوم القيامة:

1- أشراط الساعة وعلاماتها الكبار والصِّغار.
2- البعث، وهو إحياء الموتى بالنَّفخ في الصُّور النَّفخة الثانية، فتُعاد الأبدان، وتُنفَخ فيها أرواحها، وتنشقُّ عنها القُبور، ويقوم الناس لربِّ العالمين.
3- الحشر، وهو جمْع النَّاس في موقِف القِيامة في موقفٍ واحد، وصِفته وحال الناس فيه.
4- الحساب، وهو العَرض على الله تعالى وتَقرير المؤمنين، ومُناقشة الكافرين كل بعمَلِه.
5- الكتُب وصُحف الأعمال وكيفيَّة أخْذ الناس لها.
6- الموازين وصِفتها ونتيجتها.
7- الحوض وصِفته، وصِفة الورود عليه، ومَن يُطرَد عنه.
8- الصراط وصفته، وحال مُرور الناس عليه.
9- الشفاعة وأنواعها.
10- الإيمان بالجنَّة والنار، وما جاء من صِفتهما وحال أهلهما فيهما، وأنهما المآل الأبدي للجن والإنس.
 
رابعًا: الحِكمة من مَجِيء اليوم الآخِر:
لمجيء اليوم الآخر حِكَمٌ مُتعدِّدة مُبيَّنة في بعض الآيات المحكَمات؛ كقوله تعالى: ﴿ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ ﴾ [النحل: 39] ، وقال تعالى: ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ * وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [سبأ: 4 - 6].
ويمكن إجمال تلك الحِكَم بالآتي:
1- إثبات صِدق ما أخبرَتْ به الرُّسل، ونطقَتْ به الكتب من أمْر يوم القيامة وما يكونُ فيه.
2- بَيان تصديق أهل العلم والإيمان الذين صدَّقوا به وعملوا له ودعَوْا إليه على مِنهاج النبيِّين والمُرسَلين.
3- ظُهور كذب الكُفَّار فيما أنكَروه وأعرَضوا عنه، وخَسارتهم فيه.
4- الحُكم بين الخلق بالحقِّ، وأداء الحقُوق إلى أهلها.
5- جَزاء المحسِنين بالإحسان، والمسيئين بما عَمِلوا، فاقتضَتْ حِكمةُ الله تعالى أنْ يجعَل للخلق مَعادًا يُبعَثون فيه، ثم يُردُّون إليه ليُجازِيهم على ما كلَّفَهم به على ألسِنة رسُلِه، وما أنزل إليهم من كتبه؛ قال تعالى: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115].

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١