أرشيف المقالات

أنواع الشرك

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
الحلقة الخامسة من حلقات التوحيد
أنواع الشرك
 
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
1- ففي الحلقة السابقة كتبتُ عن خطورة الشرك، وفي هذه الحلقة أتحدَّث عن أنواعه؛ لكن قبلها أُذكِّر بحديثين عظيمين في التحذير من الشرك، وبيان منزلة التوحيد والموحِّد عند الله هما:
اﻷول: عن جابر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لقِي الله ﻻ يُشرك به شيئًا دخل الجنة، ومَنْ لقِيه يُشرِك به شيئًا دخل النار))؛ رواه مسلم.
 
الثاني: في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال: ((يا معاذ، أتدري ما حقُّ الله على العباد، وما حق العباد على الله؟))، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((حق الله على العباد أن يعبدوه وﻻ يُشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله ألَّا يعذب مَنْ ﻻ يشرك به شيئًا))، قلت: يا رسول الله، أفلا أُبشِّر الناس، قال: ((ﻻ تُبشِّرهم فيتَّكلوا)).
 
أقسام الشرك:
قسمان:
اﻷول: شرك أكبر.
الثاني: شرك أصغر.
 
أما الشرك الخفي فإنه يدخل فيهما معًا، فما هو الشرك اﻷكبر؟!
هو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله؛ كالصلاة والدعاء والذبح، والنذر والاستغاثة والاستعانة بغير الله فيما ﻻ يقدر عليه إلَّا الله؛ قال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].
 
ما حُكمه وحُكم فاعله؟
ج: حكمه مُخرج من الملَّة، وحُكم مقترفه أنه كافرٌ لا يُقبَل له أيُّ عملٍ، وإن مات مصرًّا عليه، فمصيره جهنم خالدًا فيها، وإن صلَّى وصامَ وحجَّ وزكَّى، وزعم أنه مسلم، هذا من حيث العموم، أمَّا إذا تعلَّق الحكم بشخص بعينه، توقَّفنا حتى تتبيَّن لنا اﻷسباب، ويُنصح ويُستتاب.
 
من الذي يحكم على شخص بالكفر والشرك؟
يترك الحكم عليه لجهات علمية وقضائية؛ حتى ﻻ يكون التكفير والتفسيق والتبديع ملعبة للأهواء والجُهَّال.
 
تعريف الشرك اﻷكبر:
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: "حد الشرك اﻷكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده - أن يصرف العبد نوعًا أو فردًا من أفراد العبادة لغير الله"؛ القول السديد في مقاصد التوحيد، ص52.
 
قال ابن كثير معظمًا خطورةَ الشرك اﻷكبر: "في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88] - تشديد ﻷمر الشرك، وتغليظٌ لشأنه، وتعظيم لملابسته؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ [الزمر: 65]، وقال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب (مبينًا معنى قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 116]) -: فتبيَّن بهذا أن الشرك أعظم الذنوب؛ لأن الله أخبر أنه ﻻ يغفره إلا بالتوبة منه، وما عداه فهو داخل تحت مشيئة الله إن شاء غفَره بلا توبة، وإن شاء عذَّب به)؛ تيسير العزيز الحميد، ص115.
 
اللهم جنِّبنا الشرك بجميع أنواعه، وارزُقنا التوحيد الخالص، وأمِتْنا عليه، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

شارك الخبر

المرئيات-١