اقتراح عظيم في الإصلاح الإسلامي
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
يود بعض الموسرين من المستمسكين بعروة الكتاب والسنة لو يعرفون
أمثالهم من الفقراء والمساكين المتجنبين للمعاصي والبدع، المحافظين على
الفرائض والسنن؛ ليؤدوا إليهم ما يجب من زكاة المال وزكاة الفطر وغيرهما من
الصدقات؛ إذ لا تطيب أنفسهم لصرفها إلى فاسق ولا مبتدع ولا مجهول الحال؛ لما
يعلمون من فشوّ البدع والضلال، وكثرة المعاصي والنفاق، دعْ المجاهرة بالكفر
والإلحاد، فالصدقات المفروضة التي يُتقرَّب بها إلى الله تعالى لإقامة دينه، يتحرى
صرفها إلى من ينفقها في طاعته، أو فيما أباحه لعباده من الطيبات، لا في
المعاصي والمحرمات، ولا في البدع والخرافات، فإذا كانت صدقة التطوع يجوز
بذلها لكل مؤمن وكافر - من ذمي أو مستأمن أو معاهد - فصدقة الفرض ليست
كذلك؛ لذلك اقترح علينا بعض هؤلاء الموسرين أن نحصي مَن نعرف، ومن
يتيسر لنا أن نعرفهم من المؤمنين المذعنين المعتصمين، من فريق الموسرين
وفريق المستحقين للزكاة من الفقراء والمساكين، والمؤلفة قلوبهم والغارمين، ومن
يلم بإدارة المنار من أبناء السبيل، وأن نكون واسطة التعارف والتعاون بين
الفريقين؛ لأن وقوف كل فرد من الموسرين على هؤلاء المستحقين متعذر، وأن
منهم من تعدد تأخيرهم الزكاة عن وقتها زمنًا طويلاً أو قصيرًا لأجل ذلك.
ولعمري إن هذا اقتراح جليل، ولكن القيام به على حقه عسير غير يسير،
وإذا علم الناس أن بعض الناس يعطون صدقاتهم لمجتنب كبائر المعاصي والبدع
والمحافظين على الفرائض والسنن - يكثر المدّعون لذلك وحاملو الشهادات من
العلماء والوجهاء على صحة دعواهم، وأخذ الشهادات على هذا سهل على أكثر
الناس في هذا العصر، فإن كثيرًا من محبي الصدق يستحلون أن يشهدوا لمن يدعي
مثل هذه الدعوى إذا كانوا لم يروا منه ما يصدقها ولا ما يكذبها، وأما غيرهم فلا
يتحامى شهادة الزور وقول الباطل في ذلك، ومنهم من يرى أنه يتقرب به إلى الله
تعالى بمساعدة الفقير على تحصيل قوته. وإننا على ما نعلم من العسر في ذلك سننظر فيه ونجتهد في القيام به بقدر الطاقة، ونرجو من إخواننا الصادقين إعانتنا على ذلك.