شرح معنى لا إله إلا الله
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
شرح معنى لا إله إلا الله(المحصول الجامع لشروح ثلاثة الأصول)
قال المصنف رحمه الله:
(لا إله): نَافِيًا جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ الله.
(إِلا الله): مُثْبِتًا الْعِبَادَةَ للهِ وَحْدَهُ، لا شَرِيكَ لَهُ فِي عِبَادَتِهِ؛ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ.
الشرح الإجمالي:
شهادة التوحيد: "لا إله إلا الله" مركبة من: النفي والإثبات، وهما ركناها، فـالنفي في قول: (لا إله)، وهذا يتضمَّن نفي استحقاق العبادة عن كل من سوى الله عز وجل؛ أي: (نافيًا جميع ما يعبد من دون الله)، والإثبات في قول: (إلا الله)، وهذا يتضمن إثبات العبادة لله عز وجل وحده لا شريك له؛ أي: (مثبتًا العبادة لله وحده، لا شريك له في عبادته؛ كما أنه لا شريك له في ملكه)؛ فإذا كان هو الذي له الملك كله، لا شريك له فيه، وهو خالق كل شيء، فيجب أن يكون هو المعبود وحده [1].
الشرح التفصيلي:
قال المصنف: ((لا إله) نافيًا جميع ما يعبد من دون الله، (إلا الله) مثبتًا العبادة لله وحده): فبيَّن أن كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" مكونة من نفي وإثبات، هما ركناها: النفي: (لا إله)، والإثبات: (إلا الله)، والنفي المحض ليس بتوحيد، وكذلك الإثبات المحض، فلا بد من الجمع بينهما؛ حتى يتحقق التوحيد وينتفي الشرك، فدلالة هذه الكلمة العظيمة على إثبات الإلهية لله وحده، أعظم من دلالة قولنا: الله إله؛ لأن النفي والإثبات يجعل الشيء المقصود محصورًا بما ذُكر فقط، ولا يعدوه إلى غيره، فالمقصود أن يكون التأله لله جل وعلا وحده لا شريك له[2]، فالذي يقول (لا إله إلا الله)، يقول: أنفي جميع ما يُعبد من دون الله، وأُثبت العبادة لله، فـ(لا) نافية للجنس، و(إله) اسمها، وخبرها محذوف تقديره (حق)؛ فالله هو الحق، وعبادته وحده هي الحق، وعبادة غيره منفية بـ(لا) في هذه الكلمة، فــ(لا إله) تتضمن نفي وجود معبود بحق سوى الله، فالمنفي بـ(لا) في هذه الكلمة هو عبادة غير الله؛ لأنها عبادة بالباطل، فقول: (لا إله): هذا نفي للآلهة الباطلة، وليس نفيًا لجميع الآلهة، وبه يُعلم أن المستثنى (إلا الله) مُخرج من المستثنى منه (لا إله)، ومن حكمه، فلا يدخل أصلًا في المنفي حتى يُستثنى منه، ولا يدخل في حكمه حتى يخرج منه [3].
قال المصنف: (لا شريك له في عبادته، كما أنه ليس له شريك في ملكه)؛ أي: كما أن الله تعالى هو المتفرد في ملكه، فيجب أن يُفرد بالعبادة، فإن من أظلم الظلم أن يُجْعَلَ المخلوق الذي ليس شريكًا لله في الملك، شريكًا لله في العبادة، تعالى الله وتقدس، وهذا كالدليل لما تقدم ذكره من تقرير أنه لا معبود بحق إلا الله، ووجه هذا أنه لا يستحق العبادة إلا الله عز وجل، كما أنه ليس له شريك في ملكه، وهذا استدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الإلهية، فالإقرار بأن الله عز وجل ليس له شريك في ملكه لا على وجه الاستقلال ولا على وجه الإشاعة، يلزم منه لزومًا أكيدًا أن الله جل وعلا واحد في استحقاقه العبادة، لا يستحق العبادة إلا هو، لا شريك له، كما أنه هو وحده له الملك لا شريك له، والله جل وعلا بَيَّن في القرآن أنه لو كان له شريك في الملك - في ملكه - لابتغى إليه سبيلًا؛ قال جل وعلا: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 42]، فلو كان معه آلهة - معبودات تستحق العبادة فعلًا - للزِمَ أن يكون لهم نصيب في ملك الله؛ لأنه لا يستحق العبادة إلا من يملِك النفع والضر، والله جل وعلا ليس معه أحد في ملكه، بل هو المتوحد في ملكه، وينتج من ذلك ويلزم أنه هو المستحق للعبادة وحده [4].
[1] شرح الأصول الثلاثة، عبدالرحمن بن ناصر البراك (26).
[2] ينظر: حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (52)؛ والمحصول من شرح ثلاثة الأصول، عبدالله الغنيمان (140).
[3] ينظر: حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (52)؛ وشرح ثلاثة الأصول، عبدالله بن إبراهيم القرعاوي (81).
[4] شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (140)؛ وينظر: شرح الأصول الثلاثة، د.
خالد المصلح (43).