أرشيف المقالات

انشقاق السماء يوم القيامة

مدة قراءة المادة : 22 دقائق .
2انشقاق السماء يوم القيامة   السماء مأخوذة من: سما يسمو سموا: ارتفع وعلا، وسماء كل شيء: أعلاه، وسماء البيت: سقفه؛ لأنَّه يَعلوه. والمراد بالسماء: الجهة التي تَعلو الأرض وتظهر فيها النجومُ والكواكب، وهي مؤنَّثة وقد تُذكَّر، وقد يراد بها الجمع، وجمع سماء سماوات[1].   السماء كانت في الأصل دُخانًا، فخلقها الله منه، قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [2].   خلقها الله وشدَّد في بنائها؛ بل رفع سَمْكَها وسوَّاها، وأغطَش ليلها وأخرج ضحاها، كما قال الله تعالى: ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا - رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا - وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ﴾[3].   وزيَّنها بزينة الكواكب والمصابيح، وما جعل فيها من فُروج وشقوق، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴾[4]، وقال تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ﴾[5]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴾[6]، وقال تعالى: ﴿ ...
وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾[7]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ﴾[8]، وقال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾[9].   ولكن ما خلقها باطلًا، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾[10]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾[11].   بل خلقها لنفع الإنسان، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾[12]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾[13].   فإذا حان حينها، وقامت الساعةُ، جعلها مفروجة ومشقوقة ومنفطِرةً، ثم تطيع السماء ربَّها في ذلك الانشقاق، ثم تجذب أو تنزع وتطوى؛ وذلك من أعظم أهوال ذلك اليوم، قال الله تعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ﴾[14].   قال الطبري والفرَّاء وابن قتيبة والثعلبي والواحدي وابن كثير والسيوطي[15] رحمهم الله تعالى في تفسير هذه الآية: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ﴾: انشقَّت[16].   قال أبو الليث السمرقندي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: "﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ﴾ يعني: انفجرت لهيبة الرب تبارك وتعالى، ويقال: انفجرت لنزول الملائكة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا[17] ﴾"[18].   وقال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ﴾ "أي: تشقَّقت بأمر الله؛ لنزول الملائكة؛ كقول: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا ﴾[19]، وقيل: تفطَّرتْ لهيبة الله تعالى، والفطر: الشق؛ يقال: فطرته فانفطر؛ ومنه فطر ناب البعير: طلع، فهو بعير فاطر، وتفطَّر الشيء: تشقَّق، وسيف فطار، أي: فيه شقوق..."[20]. وقال تعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ - وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾[21].   قال أبو الليث السمرقندي والثعلبي رحمهما الله تعالى في تفسير هذه الآية: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴾ "يعني: انفرجت لهيبة الرب عز وجل، ويقال: انشقت لنزول الملائكة، وما شاء من أمره، ﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ ﴾، يعني: أطاعت السماءُ لربِّها بالسمع والطاعة، وَحُقَّتْ يعني: وحقَّ لها أن تطيع ربها الذي خلقها[22]".   وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ﴾[23]. قال مجاهد رحمه الله تعالى: في تفسير قوله: ﴿ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ﴾ "جُذبت"[24]. قال الفرَّاء وابن قتيبة رحمهما الله تعالى: في تفسير قوله: ﴿ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ﴾ "نزعت وطويت"[25].   ثم تُطوى السماء كطيِّ السجِّل للكتب، قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾[26]. هذه خاتمة للسَّماء بهذه العظمة؛ وذلك من أعظم أهوال ذلك اليوم.   ومنها دَكُّ الأرض وصف الملك ومجيء جهنم: ومن شدَّة أهوال ذلك اليوم دَكُّ هذه الأرض بعظمتها، التي نعيش عليها ونأمن فيها وتكون مهدًا لنا ونستفيد منها؛ لأن الله تعالى جعل فيها ما يكون لنا مفيدًا وممتعًا، قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾[27].   قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في تفسير قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾ "تَحْرِيكُهَا"[28]. وقال أنس رضي الله تعالى عنه في تفسير قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾ [الفجر: 21]: "تُحْمَلُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَيُدَكُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ"[29].   وذَكر القرطبيُّ رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾ [الفجر: 21] "دُكَّتْ، أَيِ: اسْتَوَتْ فِي الِانْفِرَاشِ، فَذَهَبَ دُورُهَا وَقُصُورُهَا وَجِبَالُهَا وَسَائِرُ أَبْنِيَتِهَا"[30].   والحاصل أنَّ ذلك المشهد الذي هو عظيمٌ رؤيته وكبير هيبته يملأ القلوبَ رعبًا وخوفًا؛ وذلك مِن مخاوف وأهوال يوم القيامة التي نستقبلها بعد حين بإذن الله تعالى.   وصف الملائكة هَوْلٌ آخر يغطي الوجوه يوم القيامة وحشةً ويملأ القلوبَ قلقًا ورعبًا؛ وذلك بإحاطتهم حول الناس أضعافًا مضاعفة بحيث لا ينفذ أحد منهم إلا بسلطان وهيبة ذلك المشهد تكون مِن شدَّة أهوال يوم القيامة التي سنواجهها، قال الله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾[31].   عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22]: "إذا كان يوم القيامة مُدَّت الأرض مَدَّ الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا، وجُمع الخلائق بصعيدٍ واحد؛ جِنُّهم وإنسهم، فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض، وَلأهل السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض جنهم وإنسهم بضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض فزِعوا منهم، فيقولون: أفيكم ربنا: فيفزعون مِن قولهم ويقولون: سبحان ربنا ليس فينا! وهو آتٍ، ثم تقاض السماء الثانية، وَلأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومِن جميع أهل الأرض بضعف جنِّهم وإنسهم، فإذا نثروا على وجه الأرض فزِع إليهم أهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيفزعون مِن قولهم ويقولون: سبحان ربِّنا! ليس فينا، وهو آتٍ، ثم تقاضُ السماوات سماء سماء، كلَّما قيضت سماء عن أهلها كانت أكثر مِن أهل السموات التي تحتها ومن جميع أهل الأرض بضِعْف، فإذا نُثروا على وجه الأرض، فزِع إليهم أهلُ الأرض، فيقولون لهم مثل ذلك، ويرجعون إليهم مثل ذلك، حتى تقاض السماء السابعة، فلَأهل السماء السابعة أكثر من أهل ستِّ سموات، ومِن جميع أهل الأرض بضعف، فيجيء الله فيهم والأمم جِثيٌّ صفوف، وينادي منادٍ: ستعلمون اليوم مَن أصحاب الكرم، ليقم الحمَّادون لله على كل حال؛ قال: فيقومون فيسرحون إلى الجنَّة، ثم ينادي الثانية: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، أين الذين كانت تتجافيجنوبهم عن المضاجع، يدعون ربهم خوفا وطمعًا، ومما رزقناهم ينفقون؟ فيسرحون إلى الجنة؛ ثم ينادي الثانية: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم: أين الذين لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيع عن ذِكْر الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوما تتقلَّب فيه القلوب والأبصار فيقومون فيسرحون إلى الجنة؛ فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة خرج عُنُق من النار، فأشرف على الخلائق، له عينان تبصران، ولسان فصيح، فيقول: إني وكِّلتُ منكم بثلاثة: بكلِّ جبَّار عنيد، فيلقُطهم من الصفوف لقط الطير حبَّ السمسم، فيحبس بهم في جهنم، ثم يخرج ثانية فيقول: إني وكلت منكم بمن آذى الله ورسوله فيلقطهم لقط الطير حبَّ السمسم، فيحبس بهم في جهنم، ثم يخرج ثالثة، قال عوف: قال أبو المنهال: حسبتُ أنه يقول: وكلت بأصحاب التصاوير، فيلتقطهم من الصفوف لقْطَ الطير حَبَّ السمسم، فيحبس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة، ومن هؤلاء ثلاثة، نُشرت الصحف، ووُضعت الموازين، ودُعي الخلائق للحساب"[32].   وعن الضحَّاك بن مزاحم رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22]: "إذا كان يوم القيامة، أمر الله السماءَ الدنيا بأهلها، ونزل من فيها من الملائكة، وأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة، فصفُّوا صفًّا دون صفٍّ، ثم ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهلُ الأرض ندُّوا، فلا يأتون قطرًا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه فذلك قول الله: ﴿ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِم ﴾، وذلك قوله: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ﴾ وقوله: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ﴾ وذلك قول الله: ﴿ وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ﴾[33].   يفزع الإنسان من شدَّة هذا الهول، وبينما هم كذلك إذ يظهر مشهدٌ آخر وهو مجيء جهنَّم التي تسبب خروج الدم من مسار العرق من الإنسان؛ وهذا هول ما واجهه بشَر من قبل ويخاف ويرتجف كلُّ أحد منه إلا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تعالى يحفظه كما أشير إليه في الحديث السابق، فيومئذ يتذكَّر الإنسان وأنى له الذكرى، قال الله تعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾[34].   وأخرج مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا))[35].   وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآيات: "يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا يَقَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْأَهْوَالِ الْعَظِيمَةِ، فَقَالَ: ﴿ كَلَّا ﴾ أَيْ: حَقًّا ﴿ إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾، أَيْ: وُطِئَتْ وَمُهِّدَتْ وَسُوِّيَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ، وَقَامَ الْخَلَائِقُ مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّهِمْ، ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾، يَعْنِي: لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ؛ وَذَلِكَ بَعْدَمَا يَسْتَشْفِعُونَ إِلَيْهِ بِسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ عَلَى الْإِطْلَاقِ مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلم، بَعْدَمَا يَسْأَلُونَ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَكُلُّهُمْ يَقُولُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَاكُمْ، حَتَّى تَنْتَهِيَ النَّوْبَةُ إِلَى مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلم فَيَقُولُ: ((أَنَا لَهَا، أَنَا لَهَا))، فَيَذْهَبُ فَيَشْفَعُ عِنْدَ اللَّهِ فِي أَنْ يَأْتِيَ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ، وَهِيَ أَوَّلُ الشَّفَاعَاتِ، وَهِيَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ "سُبْحَانَ" فَيَجِيءُ الرَّبُّ تَعَالَى لِفَصْلِ الْقَضَاءِ كَمَا يَشَاءُ، وَالْمَلَائِكَةُ يَجِيئُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ صُفُوفًا صُفُوفًا..."[36].


[1] راجع: "مخطوطة الجمل؛ معجم وتفسير لغوي لكلمات القرآن"؛ لحسن عز الدين بن حسين بن عبدالفتاح أحمد الجمل، مادة: (س م و)، (2/ 343). [2] سورة فصلت: (11). [3] سورة النازعات: (27 - 29). [4] سورة الحجر: (16). [5] سورة الفرقان: (61). [6] سورة الصافات: (6). [7] سورة فصلت: (12). [8] سورة الملك: (5). [9] سورة ص: (6). [10] سورة ص: (27). [11] سورة الأنبياء: (16). [12] سورة البقرة: (29). [13] سورة البقرة: (22). [14] سورة الانفطار: (1). [15] السيوطي (849 911 هـ = 1445 1505 م)، هو: عبدالرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري السيوطي، جلال الدين أبو الفضل، أصله من أسيوط، ونشأ بالقاهرة يتيمًا، وقضى آخر عمره ببيته عند روضة المقياس حيث انقطع للتأليف، كان عالمًا شافعيًّا مؤرخًا أديبًا، وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه والفقه واللغة، كان سريع الكتابة في التأليف، ولما بلغ أربعين سنة أخذ في التجرُّد للعبادة، وترك الإفتاءَ والتدريس وشرع في تحرير مؤلَّفاته فألَّف أكثر كتبه، ومؤلفاته تبلغ عدَّتها خمسمائة مؤلَّف، منها: (الدر المنثور) في التفسير و(الحاوي للفتاوى) و(الإتقان في علوم القرآن). راجع: "شذرات الذهب في أخبار من ذهب"؛ لعبدالحي بن أحمد بن محمد ابن العماد، العَكري الحنبلي، أبي الفلاح (المتوفى: 1089هـ)، (10/ 74 79)، حققه: محمود الأرناؤوط، خرج أحاديثه: عبدالقادر الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق بيروت، الطبعة: الأولى، 1406 هـ 1986 م، عدد الأجزاء: (11)، و"الأعلام"؛ للزركلي، (3/ 301 302). [16] "جامع البيان في تأويل القرآن"؛ لابن جرير الطبري، (24/ 243)، ومعاني القرآن للفراء، (3/ 243)، وغريب القرآن، لابن قتيبة، (ص 443)، و"الكشف والبيان عن تفسير القرآن"؛ للثعلبي، (10/ 145)، و"الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"؛ للواحدي، (ص1180)، و"تفسير القرآن العظيم"؛ لابن كثير، (8/ 341)، و"الدر المنثور"؛ للسيوطي (8/ 438). [17] سورة الفرقان: (25). [18] "بحر العلوم"؛ لأبِي الليث السمرقندي، (3/ 554). [19] سورة الفرقان: (25). [20] "الجامع لأحكام القرآن"؛ للقرطبي، (19/ 244). [21] سورة الانشقاق: (1، 2). [22] "بحر العلوم"؛ لأبِي الليث السمرقندي، (3/ 560)، و"الكشف والبيان عن تفسير القرآن"؛ للثعلبي، (10/ 158). [23] سورة التكوير: (11). [24] "جامع البيان في تأويل القرآن"؛ لابن جرير الطبري، (24/ 249)، و"الكشف والبيان عن تفسير القرآن"؛ للثعلبي، (10/ 145)، و"الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"؛ للواحدي، (ص1180) و"تفسير القرآن العظيم"؛ لابن كثير، (8/ 341)، و"الدر المنثور"؛ للسيوطي (8/ 438). [25] "معاني القرآن"؛ للفراء، (3/ 241)، و"غريب القرآن"؛ لأبي محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة (ص 441). [26] سورة الأنبياء: (104). [27] سورة الفجر: (21). [28] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره "تفسير القرآن العظيم"، رقم الحديث: (19281)، (10/ 3429). [29] المصدر السابق. [30] "الجامع لأحكام القرآن"؛ للقرطبي، (20/ 54). [31] سورة الفجر: (22). [32] أخرجه الطبري في تفسيره "جامع البيان في تأويل القرآن"، (24/ 417 418)، وقال ابن حجر العسقلاني: "هَذَا مَوْقُوفٌ، إِسْنَادُهُ حَسَنٌ"؛ "المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية"؛ لابن حجر العسقلاني رقم الحديث: (4557)، (18/ 536)، المحقق: (17) رسالة علمية قدمت لجامعة الإمام محمد بن سعود، تنسيق: د.
سعد بن ناصر بن عبدالعزيز الشثري، الناشر: دار العاصمة، دار الغيث السعودية، الطبعة: الأولى، 1419هـ، عدد الأجزاء: (19). [33] أخرجه الطبري في تفسيره "جامع البيان في تأويل القرآن"، (24/ 418). [34] سورة الفجر: (23). [35] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا، بَابٌ فِي شِدَّةِ حَرِّ نَارِ جَهَنَّمَ وَبُعْدِ قَعْرِهَا وَمَا تَأْخُذُ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ، رقم الحديث: (2842)، (4/ 2184). [36] "تفسير القرآن العظيم"؛ لابن كثير، (8/ 399).



شارك الخبر

المرئيات-١