أرشيف المقالات

ترجيح المقلد: كيفيته وأحكامه

مدة قراءة المادة : 49 دقائق .
2ترجيح المقلد: كيفيته وأحكامه   سبَق أن بينا في المطلب السابق أن الشَّاطبي يرى أن على المقلد إذا اختلفت عليه أقوال المجتهدين أن يجتهد وأن يرجح بينهم، ولما أن كان الترجيح أمرًا مجملًا أراد الشَّاطبي أن يوضحه ويبين معالمه، فعقد مسألة ليوضح فيها كيفية الترجيح؛ حتى يتضح للعامي من هو الأهل للتقليد عند اختلاف الأقوال، ومن هو الأكثر أهلية عند تعدُّد المجتهدين.   والترجيح: في اللغة من رجح، وهو: أصل يدل على رزانة، يقال: رجح الشيء، وهو راجح، إذا رزن، وهو من الرجحان، ورجح الميزان: إذا مال وثقلت كفته، ورجحت الشيء إذا فضلته وقويته[1].   وترجيح المقلد هو: تقديم أحد المجتهدين على غيره. ويكون ذلك بسبب ما اتصف به هذا المجتهد المفضل من صفات تؤهله ليكون الأفضل بين المجتهدين. رأي الشَّاطبي: ذكر الشَّاطبي أن الترجيح على نوعين، وهما طريقان للترجيح: النوع الأول: هو الترجيح العام، وهو الطريق الأول. النوع الثاني: هو الترجيح الخاص، وهو الطريق الثاني[2]. وفيما يلي نعرض لكل نوع وطريق، ونوضح فيه رأي الشَّاطبي.   النوع الأول: الترجيح العام. ويريد به الشَّاطبي الترجيح بين المذاهب المتبوعة، وأصحابها، فهو في حقيقته وإن ارتبط في أحيان كثيرة بالأشخاص، فإنه متوجِّه على طرائق هؤلاء الأشخاص ومذاهبهم. والترجيح العام يكون عن طريقين: أحدهما: طريق جائز، والثاني: طريق فاسد باطل. أما الطريق الجائز: فقد صرح الشَّاطبي أن الترجيح إنما يكون جائزًا إذا كان متوجهًا على ذكر الفضائل والخواص والمزايا الظاهرة، معرضًا عن تنقص الآخرين والوقوع فيهم.   قال الشَّاطبي: "أما إذا وقع الترجيح بذكر الفضائل والخواص والمزايا الظاهرة التي يشهد بها الكافة، فلا حرج فيه، بل هو مما لا بد منه في هذه المواطن، أعني عند الحاجة إليه"[3].   وبين الشَّاطبي أن أصل هذا الترجيح إنما هو الكتاب والسنة، وفعل الصحابة والسلف الصالح. وهذا الطريق كما قال الشَّاطبي: "هو القانون اللازم، والحكم المنبرم، الذي لا يتعدى إلى سواه، وكذلك فعل السلف الصالح"[4].   أما الطريق الفاسد: فهو الترجيح بذكر مثالب الآخرين، وأخطائهم وعيوبهم، فالشَّاطبي يرى أن هذا النوع من الترجيح ترجيح فاسد لا يجوز بحال.   قال الشَّاطبي: "إلا أن فيه موضعًا يجب أن يتأمل ويحترز منه؛ وذلك أن كثيرًا من الناس تجاوزوا الترجيح بالوجوه الخالصة إلى الترجيح ببعض الطعن على المذاهب المرجوحة عندهم، أو على أهلها القائلين بها، مع أنهم يثبتون مذاهبهم ويعتدون بها ويراعونها، ويُفْتون بصحة الاستناد إليهم في الفتوى، وهو غير لائق بمناصب المرجحين، وأكثر ما وقع ذلك في الترجيح بين المذاهب الأربعة، وما يليها من مذهب داود، ونحوه"[5].   وعلى هذا، فالشَّاطبي يرى أن يكون الترجيح بالطرق المرجحة السليمة، المبنية على الفهم والحكمة بعيدًا عن التعصب المذموم. وقد ذكر الشَّاطبي أمورًا تشين الترجيح بطريقة ذكر المثالب، وتقبحه في أعين أهل الشرع والعقلاء عمومًا؛ فهو أولًا: في حقيقته ليس من أخلاق أهل العلم، وليس من شأن العلماء.   وثانيًا: أنه لما أن كان الترجيح بين الأمرين إنما يكون بعد اشتراكهما في الوصف الذي تفاوتا فيه، كان الطعن في أحدهما إبطالًا لذلك الوصف، وإسقاطًا له بالكلية، وعدم اعتبار به، وهذا مخالف للترجيح، وخروج من نمط في الترجيح إلى نمط آخر مخالف له؛ لأن هذا الفاعل خرج من ترجيح بعض العلماء والمذاهب على بعض إلى القدح في الوصف الذي اتصف به ذلك العالم أو هذا المذهب، وإنما يحق القدح في الوصف إذا كان المتعاطي له ليس أهلًا، وهؤلاء الأئمة مبرَّؤون من ذلك.   وثالثًا: أن هذه الطريقة الخارجة عن طور العلماء مما يثير العناد من أهل المذهب أو العالم المطعون فيه، ويزيد في دواعي التمادي والإصرار على مذاهبهم أو تعلقهم بعلمائهم؛ لأن فيما ذكره المخالف تنقيصًا لمذهبه أو العالم الذي ينتمي إليه، مع اعتقاده بخلاف ذلك في مذهبه أو ذلك العالم؛ ولذا كان ذلك مما يدفعه إلى التعصب المقيت، ومحاولة إظهار محاسن مذهبه أو عالمه الذي ينتمي إليه، وحينئذ تسقط فائدة الترجيح، فلا تكون له ثمرة ولا مزية؛ لأنه قد فقد إغراء الآخرين بالتزام المذهب الذي يرجحه هذا المرجح، بل زاد الآخر تمسكًا بما هو عليه.   ورابعًا: أن من المحاذير التي تقع بسبب هذا الترجيح أنه يدفع المقابل إلى ترجيح مذهبه أو عالمه بالطريقة نفسها، وفي ذلك بُعدٌ عن الأصل؛ إذ الأصل أن تتبع المحاسن، وفي هذا النوع من الترجيح أصبحت القبائح هي التي تتبع، وسبب ذلك أن النفوس قد جُبلت على حب الانتصار للنفس وكل ما يتعلق بها من مذهب أو عالم متبع أو غير ذلك، ولا شك أن من ابتدأ بالغض من مذهب الآخر أو عالمه الذي ينتمي إليه هو المتسبب في غض الآخر من مذهبه أو عالمه، فهو كالذي ورد في الحديث: ((إن من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه))، قالوا: (وهل يسب الرجل والديه؟)، قال: ((يسُبُّ أبا الرجل فيسُبُّ أباه، ويسب أمه فيسب أمه))[6].   خامسًا: أن هذا النوع من الترجيح يفضي إلى التدابر والتقاطع والتباغض بين أصحاب المذاهب والمنتسبين للعلماء، فيرسخ في قلوب أصحاب هذا المذهب أو العالم بغض أصحاب العالم أو المذهب الآخر، فيتفرقون شيعًا، وقد نهى الله عن ذلك، فقال: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا ﴾ [آل عمران: 105]، وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 159].   وقد نقل ابن جرير الطبري عن عمر أنه لما أرسل الحطيئة من الحبس في هجائه الزبرقان بن بدر قال له: (إياك والشعر)، قال: "لا أقدر يا أمير المؤمنين على تركه، مأكلة عيالي، ونملة[7] على لساني"، قال: (فتشبب بأهلك، وإياك وكل مدحة مجحفة)، قال: "وما هي؟"، قال: (تقول: بنو فلان خير من بني فلان، امدَحْ ولا تفضل)، قال: "أنت يا أمير المؤمنين أشعرُ مني"[8].   وعلق الشَّاطبي على هذه الحادثة، فقال: "فإن صح هذا الخبر وإلا فمعناه صحيح؛ فإن المدح إذا أدى إلى ذم الغير كان مجحفًا، والعوائد شاهدة بذلك"[9].   وينقل الشَّاطبي قول الغزالي: "أكثر الجهالة إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهال أهل الحق؛ أظهروا الحق في معرض التحدي والإدلاء، ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة، وتعذَّر على العلماء المتلطفين محوُها مع ظهور فسادها، حتى انتهى التعصب بطائفة إلى أن اعتقدوا أن الحروف التي نطقوا بها في الحال بعد السكوت عنها طول العمر قديمة، ولولا استيلاء الشيطان بواسطة العناد والتعصب للأهواء لَمَا وُجد مثل هذا الاعتقاد مستقرًّا في قلب مجنون، فضلًا عن قلب عاقل"[10].   وعلق عليه الشَّاطبي بقوله: "هذا ما قال، وهو الحق الذي تشهد له العوائد الجارية؛ فالواجب تسكين الثائرة ما قدر على ذلك"[11].   وإذا كان هذا النوع من الترجيح سببًا وسبيلًا إلى الوقوع في هذه المفاسد، فلا غرابة أن يستنكره الشَّاطبي؛ لا سيما وهو الناظر بعمق في مقاصد الشريعة، والسابر للأصول بمسبار الشرع.   ولذلك يقول الشَّاطبي: "وربما انتهت الغفلة أو التغافل بقوم ممن يشار إليهم في أهل العلم أن صيروا الترجيح بالتنقيص تصريحًا أو تعريضًا دأبهم، وعمروا بذلك دواوينهم، وسوَّدوا به قراطيسهم، حتى صار هذا النوع ترجمة من تراجم الكتب المصنفة في أصول الفقه، أو كالترجمة، وفيه ما فيه مما أشير إلى بعضه، بل تطرق الأمر إلى السلف الصالح من الصحابة ممن دونهم، فرأيت بعض التآليف المؤلفة في تفضيل بعض الصحابة على بعض على منحى التنقيص بمن جعله مرجوحًا، وتنزيه الراجح عنده مما نسب إلى المرجوح عنده، بل أتى الوادي فطم على القرى، فصار هذا النحو مستعملًا فيما بين الأنبياء، وتطرق ذلك إلى شرذمة من الجهال فنظموا فيه، ونثروا وأخذوا في ترفيع محمد - عليه الصلاة والسلام - وتعظيم شأنه بالتخفيض من شأن سائر الأنبياء، ولكن مستندين إلى منقولات أخذوها على غير وجهها، وهو خروج عن الحق...
فإياك والدخول في هذه المضايق، ففيها الخروج عن الصراط المستقيم"[12].   والشَّاطبي في هذه المسألة يضع لنا أصلًا، ويقرر لنا أساسًا في الترجيح سواء بين المجتهدين أم بين غيرهم، بل حتى مع سائر الناس، وفيما بينهم.   وها هو الشَّاطبي - وهو الإمام الرباني - يَفِي بما قال، ويتبع ما ذكر، فتراه عندما ذكر الأوصاف التي تشهد للعامي بصحة اتباع من اتصف بها في فتواه، وساق آثارًا كثيرة عن مالك، وفيها خوفه من الفتوى، وورعه في إفتاء الناس، وعدم تسرعه وتعجله في ذلك[13]، قال: "ولم آتِ بها على ترجيح تقليد مالك، وإن كان أرجح، بسبب شدة اتصافه بها، ولكن لتتخذ قانونًا في سائر العلماء؛ فإنها موجودة في سائر هداة الإسلام، غير أن بعضهم أشد اتصافًا بها من بعض"[14]. ويقول: "وعين الإنصاف ترى أن الجميع أئمةٌ فضلاءُ"[15].   فالشَّاطبي يرجح مذهب مالك؛ لأنه يرى أن مالكًا أسبق من غيره في اتصافه بهذه الصفات، ولم يرجحه بتنقيص غيره، أو سلبه مكانته العلمية، بل تراه يسميهم هداة الإسلام، ويذكر أن هذه الصفات موجودة في الأئمة، وهذا - بحق - هو الترجيح الحق، وهو الإنصاف والعدل.   أما النوع الثاني - من نوعي الترجيح -: فهو الترجيح الخاص: ويريد به الشَّاطبي الترجيح بين أعيان العلماء بحسب مطابقة قول كل منهم لفعله، والشَّاطبي يرى أن المنتصبين للفتوى والاجتهاد ينقسمون إلى قسمين باعتبار مطابقة الفعل للقول: القسم الأول: من كان منهم فعلُه وقوله وحاله مطابقًا لفتواه، فهو متصف بوصف العلم، قائم معه مقام الامتثال، حتى إنك إذا أردت الاقتداء به لم تكن بحاجة إلى سؤاله، إنما يغنيك بكثير من عمله عن كثير من سؤاله؛ فهو متشبه بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان يؤخذ العلم من أقواله وأفعاله وتقريراته.   قال الشَّاطبي: "فهذا القسم إذا وجد، فهو أولى ممن ليس كذلك"[16]. فالشَّاطبي يرى أن صاحب هذا القسم أولى من صاحب القسم الثاني، وهو الذي عناه بقوله: "ممن ليس كذلك".   وصاحب القسم الثاني: هو العَدْلُ الذي لا يكون كامل الامتثال والاتصاف بوصف العلم، فترى أقواله وأفعاله وأحواله ليست دائمًا على وفق فتواه، بل قد يخل بذلك، فيفارق قوله فعله.   ولا ريب أن صاحب القسم الأول أبلغ موعظة، وأنفع قولًا، وأوقع فتوَى؛ فهو حريٌّ إذا قال أن يمتثل قوله، وإذا فعل أن يقتدى بفعله، فهو كما قال الشَّاطبي ممن: "ظهرت ينابيع العلم عليه، واستنارت كليته به، وصار كلامه خارجًا من صميم القلب، والكلام إذا خرج من القلب وقع في القلب[17]، ومن كان بهذه الصفة، فهو مِن الذين قال الله فيهم: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28][18]"؛ ذلك أن فِعله مصدق لقوله، شاهد له بالثقة، وقد تفاوت الناس في هذه المرتبة، فمن كان أغلب تطبيقًا واتصافًا بهذا الوصف، فهو أرجح من غيره، فمن زهَّد الناس في الفضول التي لا تقدح في العدالة، وكان زاهدًا فيها تاركًا لها، فهو أرجح على من زهَّد فيها، وليس بتارك لها، قال الشَّاطبي: "فإذا اختلفت مراتب المفتين في هذه المطابقة، فالراجح للمقلد اتباع من غلبت مطابقة قوله بفعله"[19].   ويبين الشَّاطبي كيفية النظر في مطابقة الفعل للقول فيقول: "والمطابقة أو عدمها ينظر فيها بالنسبة إلى الأوامر والنواهي، فإذا طابق فيهما، فهو الكمال"[20].   والعامي إذا نظر إلى العالم من هذا الباب - وهو مطابقة فعله لقوله - فنتيجة النظر لا تخلو من حالتين: الحالة الأولى: أن يرى أن العالم قد طابق قوله فعله، وأن غيره مقصر فيهما، فاتباع هذا العالم أولى من اتباع غيره.   الحالة الثانية: أن يرى العامي العالم فيرى اختلافًا وتفاوتًا عنده بين تطبيقه للأوامر واجتنابه للنواهي، وهذا لا يخلو: إما أن يكون ذلك مخلًّا بشروط العدالة، فإسقاط قوله واضح؛ فإن غير العدل لا تقبل فتواه، ولا يجوز تقليده. وإن كان ذلك غير مخل بشروط العدالة، فالشَّاطبي هنا يرى أن الأرجح هي النواهي. قال الشَّاطبي: "فإن تفاوت الأمر فيهما - أعني فيما عدا شروط العدالة - فالأرجح المطابقة في النواهي"[21].   وعلى هذا فلو فرض أن العامي نظر إلى العالم، فرآه يخل بالأوامر، لكنه يتجنب النواهي، ورأى عالمًا آخر يخل بالنواهي، ويحافظ على الأوامر، ففي هذه الحالة يلزمه أن يقدم من كان مخلًّا بالأوامر، لكنه يتجنب النواهي.   ويعلل ذلك الشَّاطبي بأن الأوامر والنواهي - فيما عدا شروط العدالة - إنما مطابقتها من المكملات ومحاسن العادات، واجتناب النواهي أبلغ وآكد عند الشارع، وأيد هذا بما يلي: أولًا: أن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، وهذا أصل معروف عند العلماء، ومن لا يرتكب المناهي قد درأ المفسدة، بخلاف من يقع فيها، وإن كان محافظًا على الأوامر؛ فارتكاب المناهي مفسدة، وتقديمها أولى من فعل الطاعات، وهي المصلحة.   ثانيًا: أن المناهيَ تكون بفعل واحد، وهو الكف عن الفعل، والإنسان قادر على ذلك في الجملة من غير مشقة، أما الأوامر فلا قدرة للعبد على فعل جميعها، وإنما ترد على المكلف على البدل بحسب ما اقتضاه الترجيح، فترك بعض الأوامر ليس بمخالفة على الإطلاق، بخلاف فعل بعض النواهي، فهو مخالفة في الجملة، وعليه فترك النواهي أبلغ في تحقيق الموافقة.   ثالثًا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم))[22]، فالنص قد جعل المناهي آكد في الاعتبار من الأوامر؛ ولذلك حتم ترك النهي مطلقًا، ولم يحتم فعل الأمر إلا بقدر الاستطاعة، فدل هذا على تقديم جانب النواهي على جانب الأوامر[23].   ولم أرَ أحدًا من الأصوليين قسم هذا التقسيم، ولا توسع هذا التوسع في هذا المبحث؛ ولذا فإن الشَّاطبي أضاف في مبحثه هذا لعلم الأصول، بل ولغيره من العلوم المناسبة لهذا المبحث، إضافة رائعة بحق، وبنى لبنة لا بد منها؛ فإن الحاجة إلى الترجيح بين العلماء ملحة، لاسيما على القول بالترجيح بين المفتين، ولا سيما والناس مقبلون على التمذهب، ويحتاجون إلى الترجيح بين المذاهب ليتبعوا أقربها للسنة فيما يرون.   أما من حيث أصل هذا المبحث، فإن العلماء قد دأبوا على الترجيح بين العلماء عند الحاجة لذلك بالمرجحات الشرعية، لا بالأهواء النفسية والميولات القلبية.   وقد نصَّ علماء الأصول عند الحاجة للترجيح - ولا سيما على القول بالترجيح بين المفتين - بالترجيح بالأعلمية، والأورعية، ونحوهما[24]، وقد اتخذ بعض من رجح بين المذاهب هذا المسلك طريقًا له في الترجيح بعيدًا عن إغفال حسنات العلماء، أو الوقيعة فيهم[25].   وقد نهى بعض العلماء عن الترجيح بالتعصب والهوى؛ إذ هو مدعاة إلى التفرق والاختلاف المنهي عنه[26]، نعم لا شك أن بعض العلماء قد تنكبوا هذا الطريق، فحادوا عن الصراط القويم، ومالوا عن القسطاس المستقيم، فوقعوا في العلماء الفضلاء من أجل ترجيح مَن قلدوه واتبعوه. وطريقة هؤلاء لا تمتُّ للعلم بصلة، ولا للخَلْق بوصلة، فلا سماع لها، فضلًا عن الاعتبار بها[27]، والله أعلم.   أدلة الشَّاطبي ومن وافقه: استدل الشَّاطبي على جواز الترجيح العام بالمزايا والفضائل والخواص الظاهرة بما يلي: الدليل الأول: أن القرآن الكريم قد دل على جواز هذا النوع من التفضيل، ومنه قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [البقرة: 253]، وقوله: ﴿ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا ﴾ [الإسراء: 55].   ووجه الدلالة: أن الله تبارك وتعالى ذكر أصل التفضيل، ثم ذكر بعض الخواص والمزايا والفضائل التي خص بها بعضَ الرسل[28].   الدليل الثاني: أن السنة النبوية قد دلت على هذا النوع من التفضيل، وأمثلة ذلك كثيرة، ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكرم الناس؟ قال: ((أتقاهم))، فقيل له: (ليس عن هذا نسألك)، قال: ((فيوسف؛ نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله))، قالوا: (ليس عن هذا نسألك)، قال: ((فعن معادن العرب تسألوني؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا)[29].   وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل جاءه رجل، فقال: هل تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال: لا، فأوحى الله إليه: بلى، عبدنا خَضِر))[30].   وفي رواية: ((أن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلم؟ قال: أنا، فعتَب اللهُ عليه إذ لم يردَّ العلم إليه، قال له: بل لي عبد بمجمع البحرين، هو أعلم منك))[31].   وتسابَّ رجلانِ؛ رجل من المسلمين، وآخر من اليهود، فقال المسلم: والذي اصطفى محمدًا على العالمين، وقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، إلى أن قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تخيِّروني على موسى؛ فإن الناس يصعقون، فأكون أول من يُفيق، فإذا موسى آخذٌ بجناب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله))[32]، وفي رواية: ((لا تفضِّلوا بين الأنبياء؛ فإنه ينفخ في الصور ...))[33].   والحديثانِ في قصة موسى فيهما النهي عن التفضيل بدون مرجح، وصحته مع وجود المستند والدليل المؤيد مع انتفاء الطعن في الآخرين.   ومنه حديث: ((كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام))[34]، وقال صلى الله عليه وسلم للذي قال له: "يا خير البرية": ((ذاك إبراهيم))[35]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((أنا سيد ولد آدم))[36]، وقال: ((خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))[37]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((خير دُور الأنصار: بنو النجار، ثم بنو عبدالأشهل، ثم بنو الحارث بن خزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دُور الأنصار خير))[38]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أُبَيُّ بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح))[39]، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((اقتدوا باللَّذَيْنِ من بعدي أبي بكر وعمرَ))[40]، وقال ابن عمر: (كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان)[41].   إلى غير ذلك من الأحاديث التي فيها التفضيل بذكر الفضائل والمزايا دون تجريح أو تنقص لأحد[42].   الدليل الثالث: أن الصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا يفضلون بينهم بهذا النوع من التفضيل؛ كقول ابن عمر السابق، وكقول عثمان للرهط القرشيين الثلاثة، وهم عبدالله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام: (إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنما نزل بلسانهم)، ففعلوا ذلك[43].   ومنه قول عبدالرحمن بن زيد: سأَلْنا حذيفةَ عن رجل قريب السمت والهدي من النبي صلى الله عليه وسلم حتى نأخذ عنه؛ فقال: (ما أعرف أحدًا أقرب سمتًا وهَدْيًا ودلًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد)[44]، ولما حضر معاذَ بن جبل الوفاةُ قيل له: "يا أبا عبدالرحمن، أوصنا"، قال: (أجلسوني)، قال: (إن العلم والإيمان مكانهما، مَن ابتغاهما وجدهما - يقول ذلك ثلاث مرات - والتمسوا العلم عند أربعة رهط؛ عند عويمر أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبدالله بن مسعود، وعند عبدالله بن سلام)[45].   فهذا اتبع فيه الصحابة الترجيح بالفضائل والمزايا الظاهرة[46].   واستدل الشَّاطبي على تحريم الترجيح بذكر النقائص والمثالب في العلماء بأدلة: الدليل الأول: أن مِن قواعد الشرع سد الذرائع؛ فيمنع من الجائز؛ لأنه مفضٍ إلى المحذور؛ كما في قوله تعالى: ﴿ لَا تَقُولُوا رَاعِنَا ﴾ [البقرة: 104]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 108].   وإذا كان هذا في الحلال، فمن باب أولى أن يكون ذلك في الحرام إذا كان مفضيًا للحرام؛ كما في الحديث: ((إن مِن أكبر الكبائر أن يسُبَّ الرجل والديه))، قالوا: (وهل يسب الرجل والديه؟)، قال: ((يسُبُّ أبا الرجل فيسبُّ أباه، ويسبُّ أمه فيسبُّ أمه))[47].   والترجيح بين المذاهب والعلماء بهذا الترجيح من هذا النوع الممنوع؛ لأنه مفضٍ إلى تنقُّص العلماء، وتتبع القبائح، وطمس المحاسن، وهذا لا يجوز.   كما أن هذا النوع من الترجيح يفضي إلى التعصب المذموم، ويفضي إلى التدابر والتقاطع والتباغض والتفرق، وهذا منهيٌّ عنه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا ﴾ [آل عمران: 105]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 159]، وكل ما أدى إلى ممنوع فهو ممنوع[48].   الدليل الثاني: أن هذا النوع من الترجيح خروج عن طريقة الترجيح؛ لأن أصل الترجيح إنما يقع بين أمرين اشتركا في الوصف مع تفاوت بينهما فيه، فإذا كان الترجيح بالطعن في اتصاف أحدهما بالوصف الذي اشتركا فيه، كان هذا خروجًا عن نمط الترجيح إلى السب والتنقص، وليس هو من الترجيح عند أهل العلم؛ فكان مما لا ينبغي، ولا يجوز[49].   الدليل الثالث: أنه قد جاء في حديث الذي لطم وجه اليهودي حين قال: "والذي اصطفى موسى على البشر": أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب وقال: ((لا تفضلوا بين الأنبياء))[50]، وقال: ((لا تخيروني على موسى))[51]، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فضله على سائر البشر، فقال: ((أنا سيد ولد آدمَ))[52].   وقد تأوَّل بعض شيوخ المازري ذلك بأن المراد: لا تفضلوا بين الأنبياء تفضيلًا يؤدي إلى تنقيص بعضهم. قال المازري: "وقد خرج الحديث على سبب، وهو لطم الأنصاري وجه اليهودي، فقد يكون صلى الله عليه وسلم خاف أن يفهم من هذه الفعلة انتقاص حق موسى - عليه السلام - فنهى عن التفضيل المؤدي إلى نقص الحقوق"[53].   وقال القاضي عياض: "وقد يحتمل أن يقول هذا وإن علم بفضله عليهم وأعلَمَ به أمته، لكن نهاه عن الخوض فيه والمجادلة به؛ إذ قد يكون ذلك ذريعة إلى ذكر ما لا يحب منهم عند الجدال، وما يحدث في النفس لهم بحكم الضجر والمراء، فكان نهيه عن المماراة في ذلك، كما نهى عنه في القرآن، وغير ذلك"[54].   قال الشَّاطبي: "هذا ما قال، وهو حق؛ فيجب أن يعمل به فيما بين العلماء؛ فهم ورثة الأنبياء"[55]. وعلى هذا؛ فكان مُفاد هذا الحديث النهي عن المدح الذي فيه إنقاص من حق العالم الآخر، والنهي عن الجدال والمراء المخرج عن جادة العلم.   واستدل الشَّاطبي على أن مَن وافق فعله قوله من العلماء هو الأرجح - بدليلين: الدليل الأول: أن مَن كان بهذه الصفة كان وعظه أبلغ، وقوله أنفع، وفتواه أوقع في القلوب، وقد جرت العادة بأن قبول قول هذا أولى ممن ليس كذلك، وإن اتصف بوصف العدالة والصدق والفضل، فقول صاحب الوصف الأول أبلغ في القلوب من الآخر[56].   الدليل الثاني: أن صاحب هذا الوصف لما أن كان فعله مصدقًا لقوله كان مقدمًا على من لم يكن كذلك؛ لأن مَن طابق فعله قوله صدَّقَتْه القلوب، وانقادت له النفوس، بخلاف غيره ممن لم يبلغ ذلك المبلغ[57].   مناقشته: نوقش: بأن هذا الدليل يحتاج إلى بيان الفرق بينه وبين الأول؛ إذ كلاهما استدلال بأن الفعل مصدق للقول، وأن اتباع الفعل للقول أوقع في النفس[58].


[1] انظر: معجم مقاييس اللغة (2/ 489) المصباح المنير (1/ 219) القاموس المحيط (279) كلها مادة: "رجح". [2] انظر: الموافقات (5/ 286). [3] الموافقات (5/ 291). [4] الموافقات (5/ 298). [5] الموافقات (5/ 286). [6] رواه البخاري في صحيحه كتاب الأدب باب لا يسب الرجل والديه (7/ 92/ 5973) ومسلم في صحيحه كتاب الإيمان باب بيان الكبائر وأكبرها (2/ 73/ 90) عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. [7] النملة: قرحة وبثرة تخرج في الجسد بالتهاب واحتراق، ويرم مكانها يسيرًا، ويدب إلى موضع آخر، والمراد في النص أن الشعر كالقرحة والبثرة على لساني؛ انظر: القاموس المحيط (1376) مادة: "نمل". [8] روى القصة ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2 من مسند عمر/ 647 / 958) وسكت عنها ولم يضعفها، كما ذكر الشاطبي، فلعله وقف على نسخة أخرى، أو وقف على كتاب آخر ذكر فيه القصة وضعفها.
[9] الموافقات (5/ 288).
[10] نقله عنه في الاعتصام (2/ 428) الموافقات (5/ 289). [11] الاعتصام (2/ 428) الموافقات (5/ 289). [12] الموافقات (5/ 298) وانظر: الاعتصام (2/ 506). [13] الموافقات (5/ 323 - 333). [14] الموافقات (5/ 333). [15] الاعتصام (2/ 507). [16] الموافقات (5/ 299). [17] ليست هذه قاعدة مطردة، بل إذا وجد التهيؤ من القلب الآخر كان مستقبلًا لما خرج من القلب الأول، وإن لم يكن الأمر كذلك فلا، ودعوات الأنبياء - عليهم السلام - شاهد على ذلك. [18] الموافقات (5/ 299). [19] الموافقات (5/ 300). [20] الموافقات (5/ 300). [21] الموافقات (5/ 300). [22] رواه البخاري في صحيحه كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم (8/ 180/ 7288) ومسلم في صحيحه كتاب الحج باب فرض الحج مرة في العمر (9/ 85/ 1337) عن أبي هريرة رضي الله عنه. [23] انظر: الموافقات (5/ 300 - 301). [24] انظر: البرهان (2/ 879) قواطع الأدلة (2/ 358) المستصفى (2/ 391) المنخول (594) المحصول (6/ 82) الإحكام (4/ 237) مختصر المنتهى مع شرح العضد (2/ 309) أدب الفتوى (137) المجموع (1/ 92) ميزان الأصول (2/ 950) شرح مختصر الروضة (3/ 668) إعلام الموقعين (4/ 203). [25] انظر: أدب الفتوى (142 - 146) المجموع (1/ 94) صفة الفتوى (74) وانظر: البحر المحيط (6/ 293). [26] انظر: مجموع الفتاوى (20/ 291 - 293). [27] وبالإمكان التمثيل على هذه الطريقة المشينة بأمثلة لعلماء فضلاء حاد بهم حب الإمام المتبوع، وميلان القلب إلى المذهب عن العدل والإنصاف والأدب مع مَن هو أجلُّ منهم في العلم والفضل، فضلًا عن المتعصبة الغارقين في التقليد، الشاهدين على أنفسهم بالجمود والركود، فزخم هؤلاء كثير، وشره التقليد والتعصب في نفوسهم كبير، ولكن محبة العافية خير، كما لا يحسن أن أتعب القارئ، وأثقل على القلوب بذكر ما لا ينبغي، والله الموفق. [28] انظر: الموافقات (5/ 291). [29] رواه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125]، وقوله: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ ﴾ [النحل: 120] (4/ 134/ 3353) ومسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب من فضائل يوسف - عليه السلام - (15/ 109/ 2378) عن أبي هريرة رضي الله عنه. [30] رواه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب حديث الخضر مع موسى - عليهما السلام - (4/ 153/ 3400) ومسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب من فضائل الخضر عليه السلام (15/ 119/ 2380 رقم خاص 174) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
[31] رواه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب حديث الخضر مع موسى - عليهما السلام - (4/ 153/ 3401) ومسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب من فضائل الخضر - عليه السلام - (5/ 111/ 2380) عن ابن عباس رضي الله عنهما. [32] رواه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب وفاة موسى وذكره بعد (4/ 158/ 3408) ومسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب من فضائل موسى (15/ 107/ 2373 رقم خاص 160) عن أبي هريرة رضي الله عنه. [33] رواه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الصافات: 139] (4/ 160/ 3414) ومسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب من فضائل موسى (15/ 106/ 2373) عن أبي هريرة رضي الله عنه. [34] رواه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم: 11، 12] (4/ 158/ 3411) ومسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة باب فضائل خديجة أم المؤمنين - رضي الله عنها - (15/ 161/ 2431) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. [35] رواه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم (15/ 99/ 2369) عن أنس رضي الله عنه. [36] رواه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق (15/ 30/ 2278) عن أبي هريرة رضي الله عنه. [37] أصله في الصحيحين بلفظ: (خير الناس قرني ...)، رواه البخاري في صحيحه كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (4/ 229/ 3651) ومسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة باب فضل الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم (16/ 70/ 2534 رقم خاص 212) عن ابن مسعود رضي الله عنه. [38] رواه البخاري في صحيحه كتاب مناقب الأنصار باب منقبة سعد بن عبادة رضي الله عنه (4/ 275/ 3807) ومسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة باب في خير دور الأنصار - رضي الله عنهم - (16/ 57/ 2511) عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه. [39] رواه الترمذي في جامعه كتاب المناقب باب مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأُبَيٍّ وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم (5/ 664/ 3790) وابن ماجه في مقدمة السنن باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 55/ 154) وأحمد في المسند (3/ 281) وابن حبان في صحيحه - كما في الإحسان - كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة (16/ 74/ 7131) والحاكم في المستدرك كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب زيد بن ثابت كاتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3/ 422) وفي معرفة علوم الحديث (114) والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الفرائض باب ترجيح قول زيد بن ثابت على قول غيره من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - في علم الفرائض (6/ 210) عن أنس رضي الله عنه، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وقال الحاكم: "إسناد صحيح على شرط الشيخين"، ولم يتعقبه الذهبي، وفي علوم الحديث أعله بالإرسال، وضعفه ابن تيمية لأجل ذلك في مجموع الفتاوى (4/ 408) ومنهاج السنة (7/ 513)، وقال ابن حجر في فتح الباري (7/ 93): "إسناد صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري"، يعني قوله: ((إن لكل أمة أمينًا))، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/ 223/ 1224) بمجموع طرقه. [40] رواه الترمذي في جامعه كتاب المناقب باب في مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كليهما (5/ 609 - 610/ 3662 - 3663) وابن ماجه في مقدمة السنن باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 37/ 97) والحميدي في مسنده (1/ 214/ 449) وأحمد في المسند (5/ 382، 385، 399، 402) وابن حبان في صحيحه كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم (15/ 327/ 6902) والحاكم في المستدرك كتاب معرفة الصحابة، في ذكر أبي بكر بن أبي قحافة - رضي الله عنهما - (3/ 75 - 76) والبيهقي في السنن الكبرى كتاب قتال أهل البغي باب ما جاء في تنبيه الإمام على مَن يراه أهلًا للخلافة بعده (8/ 153) والبغوي في شرح السنة كتاب فضائل الصحابة باب في فضل أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - (11/ 101/ 3894 - 3895) عن حذيفة - رضي الله عنه - وقال الترمذي: "حديث حسن"، وصححه ابن حبان، والحاكم، وأقره الذهبي، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/ 200). [41] رواه البخاري في صحيحه كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب فضل أبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم (4/ 231/ 3655). [42] انظر: الموافقات (5/ 291 - 198). [43] رواه البخاري في صحيحه كتاب المناقب باب نزل القرآن بلسان قريش (4/ 188/ 3506) عن أنس رضي الله عنه. [44] رواه البخاري في صحيحه كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب مناقب عبدالله بن مسعود رضي الله عنه (4/ 263/ 3762). [45] رواه الترمذي في جامعه كتاب المناقب باب مناقب عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - (5/ 671/ 6804) والنسائي في السنن الكبرى كتاب المناقب، في عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - (5/ 70/ 8253) وأحمد في المسند (5/ 243) والبخاري في التاريخ الأوسط (1/ 168/ 244) والحاكم في المستدرك كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب عبدالله بن سلام الإسرائيلي - رضي الله عنه - (3/ 416)، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب"، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، وأقره الذهبي، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/ 230). [46] انظر: الموافقات (5/ 295 - 297). [47] سبق تخريجه (ص 837). [48] انظر: الموافقات (5/ 287 - 289). [49] انظر: الموافقات (5/ 286). [50] سبق تخريجه (ص 845). [51] سبق تخريجه (ص 845). [52] سبق تخريجه (ص 845)، وانظر للجمع بين هذه الأدلة: شرح مشكل الآثار (3/ 56) دلائل النبوة للبيهقي (5/ 491) المعلم بفوائد مسلم (3/ 134) إكمال المعلم (7/ 354) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/ 226) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/ 228) شرح النووي لصحيح مسلم (15/ 30) فتح الباري (6/ 446). [53] المعلم بفوائد مسلم (3/ 134). [54] إكمال المعلم (7/ 354). [55] الموافقات (5/ 291). [56] انظر: الموافقات (5/ 299). [57] انظر: الموافقات (5/ 299). [58] انظر: تعليق دراز على الموافقات (5/ 299).



شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير