أرشيف المقالات

إسباغ الوضوء

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2إسباغ الوضوء
الصلاة مناجاةٌ بينك وبين المولى سبحانه، مناجاة بهيئة مخصوصة وأذكار محددة، لذا يسبق أداءَها بعضُ الطاعات تهيئةً للنفس وإيقاظًا للقلب، وتحريكًا للعقل وطمعًا في حُسن إقامتها، ومنها، إحسان الوضوء: الوضوء تجهيزٌ لنفسك، وإعداد لقلبك بأنك تستعد لمقابلة عظيم، وقد علمت اهتمام أهل الدنيا بمظاهرهم عند مقابلة عظمائهم، وعظيمنا هو الله سبحانه، الذي لا ينظر إلى الصور بل إلى البواطن والنوايا، فالوضوء مع الغفلة لا يحدث أثره المنشود، ولذلك ذكروا أن السيدة نفيسة رحمها الله رثت الإمام الشافعي رضي الله عنه عند موته بقولها: "رحم الله الشافعي! لقد كان والله يحسن الوضوء"؛ لأن الوضوء تهيئة للدخول على الملك سبحانه، وإعلان بأن لحظة الدخول على الملك قد اقتربت، ورحم الله كثير بن عُبيد الذي أَمَّ أهلَ حمص ستين عامًا ولم يسهُ في الصلاة، وعندما سُئل قال: "ما دخلت المسجد قطُّ وفي نفسي غير الله"[1].
• فاعلم - عبدَ الله - أن الوضوء حلية الصالحين، وشرط للدخول إلى محراب الصلاة، إلا في حالات يجوز فيها التيمم؛ إذ الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقبل صلاة بغير طهور))[2]. • هنا حُق لك أن تفرح بقوله صلى الله عليه وسلم: ((تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء))[3].
• وبقوله أيضًا صلى الله عليه وسلم: ((إذا توضأ العبد المسلم - أو المؤمن - فغسل وجهه خرج من وجهه كلُّ خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كلُّ خطيئة كانت بطشتها يداه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كلُّ خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء؛ حتى يخرج نقيًّا من الذنوب))[4].
• ما أجمل استشعارك أن ماء الوضوء رذاذ جميل من ماء الخير والنور، أَوَلَمْ يصلك صوت الحبيب صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات))؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط))[5].
• هنا مع الوضوء استحضر المكاره: وكم هي في حياتنا؟! مكاره الوظيفة، والأولاد، وسوء الأخلاق، وتغير الناس، وقلة الناصح..
إلخ، هنا تذكرها لعل هذا الماء يكون عونًا على محوها أو التهوين من شأنها.
• هنا ماء الوضوء: وميض النور الذي به تعرف يوم القيامة، كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم في الحديث: ((إن أمتي يدعون يوم القيامة غُرًّا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يُطيل غرته فليفعل))[6].
• فيا أيها الحبيب: ما الذي ألهاك عن السعادة ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ - الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء))[7].


[1] موارد الظمآن لدروس الزمان، عبدالعزيز السلمان: (2/ 480).
[2] أخرجه مسلم: (224).
[3] أخرجه مسلم (250)، (وتبلغ الحلية) أراد بها النور يوم القيامة.
[4] أخرجه مسلم: (244). [5] أخرجه مسلم: (251).
[6] أخرجه البخاري: (136)، ومسلم: (246).
[7] أخرجه أحمد (17314)، والترمذي (55)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6167).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢