أرشيف المقالات

الحضارة العربيّة في الأندلس وأثرها في أوربا

مدة قراءة المادة : 70 دقائق .
فكر العرب في تحرير أسبانيا بعد أن طردوا البيزنطيين من شمال أفريقيا، وكانت أسبانيا قبل الفتح قد ملكها الرومان حتى القرن الخامس للميلاد، ثم انقض الوندال والآلان والسويف، الذين هم من القبائل البربرية الجرمانية على أسبانيا، ولم يلبث القوط أن قهروهم واستولوا على أسبانيا في القرن السادس للميلاد وظلوا سادتها إلى أن جاء العرب.
وقد اختلط القوط بالسكان الأسبان – الرومانيين، فاتخذوا اللاتينية لغة لهم، وتحولوا من الآريوسية إلى المذهب الكاثوليكي، وكان اختلاط القوط باللاتينيين قبل حركة التحرير العربي مقتصراً على علية القوم، وكان سكان البلاد الأصليون من الأرقاء، والذين كانوا مستعدين لقبول أي سلطان عليهم، كما أن التنافس على عرش أسبانيا أدى إلى نزاع سياسي اجتماعي، وفتن داخلية، وفقدان الروح العسكرية، وفتور عن الدفاع بين الأهلين المستعبدين، وكان من جراء ذلك تفرق الدولة القوطية وسهل للعرب تحرير أسبانيا[1].
ونتيجة للتعاون بين العرب والبربر بعد تحرير شمال أفريقية، دخل جيش مؤلف من اثني عشر ألف جندي بلاد أسبانيا في سنة 92هـ/ 711م وتم فتحها بقيادة طارق ابن زياد ثم القائد موسى بن نصير 93هـ/ 712م[2]، وقد وصفها القائد العربي في رسالة للخليفة الأموي أنها: (شامية في طيبها وهوائها يمنية في اعتدالها واستوائها، هندية في عطرها وذكائها، أهوازية في عظم جباياتها، صينية في معادن جواهرها، عدنية في منافع سواحلها)[3].
وتميزت الفترة الأولى من تاريخ العرب في الأندلس بين 92- 138هـ/ 711- 756م والتي تسمى (عصر الولاة) بعدم الاستقرار وانشغال الولاة فيما بينهم بالمنازعات مما مهد لدخول عبدالرحمن الداخل الأموي (صقر قريش) بعد فراره من وجه العباسيين وأسس الدولة الأموية في الأندلس بعصريها (الأمارة والخلافة) والتي امتدت من سنة 138هـ - 422هـ/ 756- 1031م[4].
ولم يكن الفتح العربي لأسبانيا احتلالاً عسكرياً بل كان حدثاً حضارياً هاماً وحركة تحرير للشعوب الأسبانية فقد أمتزجت حضارة سابقة كالرومانية والقوطية مع حضارة جديدة هي الحضارة العربية الاسلامية، ونتج عن هذا المزج والصهر حضارة أندلسية مزدهرة أثرت في الحياة الأوربية وتركت آثاراً عميقة مازالت تتراءى مظاهرها بوضوح حتى اليوم.
وباستكمال حركة تحرير أسبانيا استقر العرب والبربر مع سكان البلاد، وكان للسلوك العربي الانساني أثر كبير في تآلف القلوب إذ لم يلبث العرب أن أنسوا إليهم وحصل التزاوج والمصاهرة بينهم[5] فنشأت طبقة اجتماعية جديدة هي طبقة المولدين التي هي خليط من دم أهل البلاد الأصليين ودم العرب والبربر، كما ظهرت طبقة جديدة أخرى هي طبقة المستعربين وهم الأسبان المسيحيون الذين ظلوا على ديانتهم المسيحية، ولكنهم تعربوا بعد دراسة اللغة العربية وآدابها وثقافتها[6] وأحسن العرب سياسة سكان أسبانيا، فقد تركوا لهم كنائسهم وقوانينهم وأموالهم وحتى المقاضاة إلى قضاة منهم، ولم يفرضوا عليهم سوى جزية سنوية صغيرة، ولم يبق للعرب إلا أن يقاتلوا الطبقة الأرستقراطية المالكة للأرضين[7].
وحرص العرب على الوفاء بعهودهم لأهل الذمة حتى في الحالات التي كان يبدو للمسلمين أنهم خدعوا فيها، وقد وفى العرب رغم ذلك فقال الرازي: (فمضوا (العرب) على الوفاء لهم وكان الوفاء عادتهم)[8].
والحقيقة أن العرب الأولين كانوا يجرون على تسامح كريم صادر عن إيمان العرب برسالتهم الانسانية التي كان لها أثرها الكبير في اجتذاب أهل الذمة إلى الاسلام واقناعهم بعدالة الدولة العربية، وهذا هو السر في إقبال أهل الذمة على الدخول بأعداد كبيرة في الاسلام، وأدى ذلك إلى دخول كثير من الكلمات الاسلامية واستعمالها بألفاظها العربية من قبل سكان الأندلس مثل كلمة الله Alah  ، القرآن Alcoran  ، الحديث Hadith  ، الاسلام Alislam، الفتوة Alfatea، رمضان Ramadan، السنة Alsonna، السلام عليك Al-salamalec، سورة Saurate، مؤذن Muezzin، رب Rab، بركة Baraka، ابليس Elb'is، جن Djiun، حرام Haramu، زكاة Zekkat، هجرة Hegira، طلسم Talisema، وقف Wakouf، خراج Carath[9].
لقد أثر العرب في أخلاق الشعوب النصرانية فقد علموهم التسامح الذي هو أثمن صفات الانسان، وبلغ حلم عرب الأندلس نحو الأهلين مبلغاً كانوا يسمحون لأساقفتهم أن يعقدوا مؤتمراتهم الدينية كمؤتمر أشبيلية الذي عقد سنة 782م، ومؤتمر قرطبة الذي عقد سنة 852م، وتعد كنائس النصارى الكثيرة التي بنوها أيام الحكم العربي من الأدلة على احترام العرب لمعتقدات الأمم التي خضعت لسلطانهم، فغدا اليهود والنصارى مساوين للمسلمين قادرين مثلهم على تقلد مناصب الدولة[10].
وفي مثل هذا الجو من التسامح أصاب البلاد الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي بحيث أصبحت الأندلس أكبر قوة سياسية في المنطقة، وعلى الرغم من هذا التسامح العظيم، فقد ظهر فرق واضح بين هذه السياسة المتسامحة، وبين سياسة الاضطهاد الأعمى الذي وقع على المسلمين بعد سقوط الأندلس، حيث ذبح نصارى الأندلس أعداداً كبيرة من المسلمين، وحتى أنهم رفضوا تنصر من تنصر منهم لعدم الثقة بهم وبنواياهم[11].
ولم يكد العرب يتمون تحرير أسبانيا حتى بدأوا بتطبيق رسالتهم الانسانية في الحضارة فاستطاعوا في أقل من قرن أن يحيوا ميت الأرضين، ويعمروا خراب المدن ويقيموا أفخم المباني، ويوطدوا وثيق الصلات التجارية بالأمم الأخرى، وشرعوا بدراسة العلوم والآداب وترجمة كتب اليونان واللاتين، وإنشاء الجامعات التي ظلت وحدها ملجأ للثقافة في أوربا زمناً طويلاً، وأخذت حضارة العرب تنهض في الأندلس منذ ارتقاء عبدالرحمن الأول العرش، أي منذ انفصالها عن الشرق سياسياً باعلان إمارة قرطبة سنة 138هـ/ 756م فغدت الأندلس أرقى دول العالم حضارة مدة ثلاثة قرون[12].
امتازت حضارة العرب في الأندلس بميلها الشديد إلى العناية بالآداب والعلوم والفنون، فأنشأوا المدارس والمكتبات في كل ناحية وترجموا الكتب المختلفة، ودرسوا العلوم الرياضية والفلكية والطبيعية والكيمياوية والطبية بنجاح ولم يكن نشاطهم في الصناعة والتجارة أقل من ذلك، فكانوا يصدرون منتجات المناجم ومعامل الأسلحة، ومصانع النسائج، والجلود والسكر وبرعوا في الزراعة براعتهم في العلوم والصناعات، ولا يوجد في الأندلس من أعمال الري خلا ما أتمه العرب، وأدخلوا إلى حقول الأندلس زراعة قصب السكر والأرز والقطن والموز[13].
وأكثروا من انشاء الطرق والجسور والفنادق والمشاتي والمساجد في كل مكان، وكانت البحرية العربية في الأندلس قوية جداً، وبفضلها كانت تتم صلات العرب التجارية بجميع مرافئ أوربا وأفريقيا وآسيا، وظل العرب وحدهم سادة البحر المتوسط زمناً طويلاً[14].
فانشأوا أسطولاً ضخماً لمواجهة قوة الأسطول البيزنطي، ولضمان أمن السواحل العربية من هجماتهم، كما اتخذوا من بعض جزره القريبة من السواحل العربية مراكز بحرية للأسطول العربي، منها كريت وصقلية، ومالطة، وجزر البليار، وجزر قبرص وسردينية، فكانت قبرص تحمي شواطئ سوريا ، وكريت تحمي شواطئ مصر ، كما تحمي صقلية شمال أفريقيا، وتحمي جزر البليار الأندلس، فأصبحت الشواطئ العربية في أواخر القرن التاسع للميلاد في مأمن من أي غزو بيزنطي[15] فازدهرت التجارة مما أدى إلى إزدهار الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتمكين العرب في الأندلس من الاتصال بالعالم الخارجي.
فالحضارة العربية في الأندلس مرت بأدوار، وخضعت لمؤثرات حضارية منها ما ترجع أصولها إلى الأم (الحضارة العربية في المشرق) كما خضعت أيضاً لمؤثرات حضارية محلية بحكم البيئة التي نشأت فيها وبدرجة محدودة.
فالنظم السياسية والادارية والعسكرية والمالية كانت صدى للنظم القائمة في العراق والشام، فأقاموا نظام الأمارة ثم الخلافة على غرار النظم العربية في المشرق، كما استحدثوا نظام الوزارة والدواوين كتلك التي كانت سائدة أيام الخلافة العباسية في بغداد، لكنهم طوروا في هذه المناصب، وخاصة الوزارة، حيث أصبحت متعددة المناصب ولها رئيس وزراء وهو الحاجب.
كما عرف الأندلس نظام الأجناد أو (الكور المجندة) التي ينزلها الجند ويقابلها الثغور، يحكمها قائد عسكري، فنزل جند دمشق في كورة البيرة، وجند حمص في كورة أشبيلية وجند الأردن في كورة مالطة، وجند قنسرين في كورة باجة، وبعضهم بكورة ندمير، فهذه منازل العرب الشاميين، وبقي العرب والبربر والبلديون شركاءهم)[16].
وتحدث الجغرافي العربي المقدسي: عن التقسيمات الادارية في الأندلس فقال: إن في الأندلس ثماني عشرة كورة أورستاق كما في الشرق[17].
وهذه التقسيمات الادارية تنطبق على تعريف ياقوت للكورة والرستاق[18].
كما نقل عرب الأندلس من المشرق العربي نظام الوزارة وطوروه وقسموا خطتها أصنافاً وأفردوا لكل صنف وزيراً، فجعلوا لحسبان المال وزيراً، وللترسيل وزيراً، وللنظر في أحوال الثغور وزيراً، وهذا التعدد في مناصب الوزراء لا نجده في نظام الوزارة في المشرق العربي حيث كانت السلطة مركزة في يد وزير واحد لها رئيس وزراء وهو الحاجب الذي يتصل بالخليفة مباشرة[19].
وبعد سقوط الدولة العربية الأموية، وقيام الدولة العباسية قام العباسيون بمطاردة الأمويين فاستطاع الأمير عبدالرحمن الأموي الدخول إلى الأندلس ولقب (بالداخل) وأعاد تأسيس الدولة الأموية في الأندلس، فعادت قرطبة تأخذ مكانتها بين عواصم العالم المتحضر آنذاك في مجال السياسة والثقافة والعمارة وجميع مظاهر الحياة الحضارية، وصارت مقر الخلافة، وموطن أهل العلم والأدب، فقد عمل الأمراء الأمويون في الأندلس على تشجيع العلوم العربية، ونقلوها معهم من المشرق العربي وكان لها أثرها الكبير في النهضة الأوربية.
وقد ترك الوجود العربي في الأندلس طابعه في مختلف مجالات الحياة ففي الادارة نجد كلمات في اللغات الأوربية بألفاظها وأصولها العربية مثل خليفة Calife، أمير Emir، والي Vali، وزير Visir، رئيس Reis، القاضي Alcaede، المحتسب Almotocie، الحاجب Alhaque، صاحب المدينة Falmedina، صاحب السوق Fabasouquae[20]، ديوان Diuan، ولاية Vilaget[21].
كما انتقلت كثير من الكلمات والألفاظ العسكرية في الأندلس إلى أوربا مثل: القائد Alcaide، أمير البحر Adbuirate، الدليل Aldalil، الطلائع Alataya، القارة A.
Igurdde، الطائفة Aceifa، العرض Alarde، الرباط Rabate، نفير Anafir، الفارس Alfaroz، الدرقة Aldorgu[22]، بارود Baroud، طرادة Tarffe، جيش Djech، غزوة Rozzia، مرابط Marabout، حراثة Caraque[23].
اهتم عبدالرحمن الداخل بتنظيم قرطبة لتتلاءم وعظمة الدولة فجدد معانيها وشد مبانيها وحصنها بالسور، وابتنى قصر الأمارة، والمسجد الجامع ووسع فناءه، ثم ابتنى مدينة الرصافة[24] وفق فن العمارة الاسلامية في الشام سواء في زخارفها المعمارية أم في بعض عناصر بنائها، وفي نظام عقودها، كما بنى قصر الرصافة ونقل إلى مدينته غرائب الفرس وأكارم الثمر، فانتشرت إلى سائر أنحاء الأندلس[25].
وكان جامع قرطبة في غاية العظمة في بنائه وهندسته وأصبح أعظم جامعة عربية في أوربا في العصر الوسيط، فكان البابا سلفستر الثاني قد تعلم في هذا الجامع يوم كان راهباً كما أن كثيراً من نصارى الأندلس كانوا يتلقون علومهم العليا فيه، واستأثر المسجد في الأندلس بتدريس علوم الشريعة واللغة إضافة إلى العلوم الأخرى[26].
وأسس العرب في الأندلس الكتاتيب لتعليم الصبيان اللغة العربية وآدابها ومبادئ الدين الاسلامي، على غرار نظام الكتاتيب في المشرق العربي واتخذوا المؤدبين يعلمون أولاد الضعفاء والمساكين اللغة العربية ومبادئ الاسلام[27].
أما المناهج الدراسية في الأندلس فقد أشار إليها ابن خلدون بقوله:
(وأما أهل الأندلس فمذهبهم تعليم القرآن والكتابة وجعلوه أصلاً في التعليم فلا يقتصرون لذلك عليه فقط بل يخلطون في تعليمهم الولدان رواية الشعر، والترسل وأخذهم بقوانين العربية وحفظها، وتجربة الخط والكتابة...
إلى أن يخرج الولد من عمر البلوغ إلى الشبيبة وقد شد بعض الشيء في العربية والشعر وأبصر بهما، وبرز في الخط والكتاب وتعلق بأذيال العلم على الجملة[28].
واهتم خلفاء بني أمية في الأندلس بتأسيس المكتبات فنقلت من كتب الشرق العربي الشيء الكثير من الكتب وشارك الرحالة من الأندلسيين في ذلك وقام العلماء وطلاب العرب في نقل الكتب وأقبلوا على ترجمتها في مختلف صنوف العلم والمعرفة فيذكر ابن جلجل: أن الكتب الطبية دخلت من المشرق وجميع العلوم على عهد الخليفة الناصر سنة 300هـ- 350هـ[29].
وأنشأ المستنصر بالله 350- 366هـ/ 961- 976 مكتبة عظيمة فقد كان عالماً منصرفاً إلى العلم والقراءة واقتناء الكتب النادرة من بغداد ودمشق والقاهرة، وأنشأ مكتبة تحوي على ما يربو على 400 ألف مصنف في شتى العلوم والفنون، كما أنشأ داراً لنسخ الكتب وأودعها بمدينة الزهراء[30].
كما ألف الأندلسيون في علوم القرآن والحديث والفقه، وفي القضاء واللغة وآدابها وعلومها والمعاجم والتراجم، والتاريخ والسيرة والجغرافية، وألفوا في علوم الطب والحساب والهندسة والفلك والكيمياء والمنطق والفلاحة والملل والنحل، وفي الفلسفة والموسيقى، بحيث لم يتركوا حقلاً من حقول العلم والمعرفة إلا طرقوها[31].
وقد برز جملة من العلماء نذكرهم على سبيل المثال لا الحصر منهم عبدالملك بن حبيب السلمي (ت238هـ) ألف كتابه الموسوم (التاريخ) مخطوط ومحفوظ في مكتبة البودليانا في أكسفورد تناول فيه تاريخ العالم من بدء الخليقة حتى فتح الأندلس وإلى عصره هو[32].
والعالم اللغوي أبا علي القالي الذي وفد على الأندلس في أيام عبدالرحمن الناصر سنة 330هـ وأصله من العراق، ومن أهم أعماله كتاب (الأمالي) وهو عبارة عن محاضرات أملاها على تلاميذه الأندلسيين في مسجد قرطبة، ويتضمن فصولاً عن العرب ولغتهم وشعرهم وأدبهم وتاريخهم وألف أبو بكر محمد المعروف بابن القوطية (ت367هـ) كتاباً في تاريخ الأندلس أسماه (تاريخ افتتاح الأندلس) نشره المستشرق الأسباني جوليان رايبيرا سنة 1868م، وله كتاب في النحو يعرف بكتاب الأفعال[33] ومن شيوخ ذلك العصر العالم المغربي محمد بن حارث الخشني (ت361هـ) الذي ألف كتاب (القضاة بقرطبة) تناول فيه الحياة الاجتماعية في الأندلس نشره المستشرق الأسباني ريبيرا[34] وألف ابن حزم العديد من الكتب في أنساب العرب، وفي علماء الأندلس، وفي تاريخ الأديان وأبرز ما ألف في هذا المجال هو كتاب (الفصل في الملل والأهواء والنحل)[35].
ومما ساعد على انتشار الكتب وازدهار الحياة العلمية انتشار صناعة الوراقة في الأندلس حيث تولى الوراقون نسخ ما يظهر من مؤلفات، كما اشتهرت الأندلس بمصانع الورق، وتميزت بهذا الانتاج بعض المدن مثل غرناطة وبلنسية وطليطلة، وشاطبة، وقد حاز مصنع شاطبة شهرة واسعة في صناعة الورق الجيد[36].
وقد نقلها عرب الأندلس من بغداد التي أنشئت عام 794م كما انتقلت منها بواسطة عرب صقلية والأندلس إلى أوربا[37].
واتجه أهل الأندلس الذين اعتنقوا الاسلام خاصة إلى تعلم العربية وإلى إقبالهم على تعلم العلوم الاسلامية، واتسع بمرور الزمن عدد الداخلين في الاسلام وأخذ طلاب العلم يرتحلون بشكل خاص إلى الجامعات العربية في الأندلس والاختلاط بالسكان مما ساعد على انتشار اللغة العربية، ونتج عن ذلك ظهور لغة عربية عامية دخلتها بعض الكلمات الأسبانية[38] كما نتج عن انتشار اللغة العربية بين الأندلسيين اختراع فن شعبي أندلسي جديد، هو فن (الموشحات) ويقال: إن مخترع هذا الفن رجل ضرير من بلدة قبره Cabra   بجوار قرطبة اسمه مقدم بن معافى القبري الذي عاش في أواخر القرن الثالث للهجرة التاسع للميلاد ويعتبر هذا الفن الجديد ثورة في الشعر العربي، وإذا كان المشرق العربي قد أعطى مغربه فن القصيدة الشعرية، فإن المغرب العربي، وأعني الأندلس، قد أعطى المشرق العربي فن (الموشح) ويلاحظ في الموشح أنه لم يلتزم بنظام القوافي الموحد كالقصيدة الشعرية، وإنما اشتمل على قوافي متعددة كذلك لم تكن وحدة البيت الشعري، وإنما المقطوعة الشعرية التي تتكون من غصن وقفل، ويسمى القفل الأخير بالخرجة، والتي تكون باللغة العامية الدارجة، ولم يلبث هذا الفن الجديد أن انتشر في المغرب والمشرق، وتفنن الشعراء في صياغته حتى صارت الموشحة كالقصيدة الشعرية واستخدمه الصوفية في مدائحهم وأذكارهم[39].
وقد أثرت الأغنية الشعبية العربية في الشعر الأوربي باسم الشعر البروفنسي الذي كان ينشده المتروبادور أي (المغنون المتجولون) في جنوب فرنسا وايطاليا وأسبانيا وغيرها من البلدان الأوربية، واستحدثوا فناً آخر سموه (الزجل) وجاءوا فيه بالغرائب، وهذه الطريقة الزجلية هي فن العامة بالأندلس، وهم ينظمونه في سائر البحور للخمسة عشر بالعامية[40].
وكان كبار العلماء والأدباء والشعراء يلتقون في قصور الخلفاء والأمراء في الأندلس فكانت بمثابة منتديات زاهرة، ومجامع للعلوم والآداب والفنون[41].
ولمع فحول الشعراء والأدباء العرب في الأندلس كابن عبد ربه وابن حزم وابن زيدون وابن خفاجة وكانت النتيجة من إزدهار الحياة الأدبية أن انتشرت اللغة العربية والثقافة العربية والعادات والتقاليد العربية الاسلامية في أوربا وقد زخرت الألفاظ العربية في اللغة الأسبانية والقونية والفرنسية[42] حيث أقبل أهل الذمة من الأندلسيين على تعلم العربية ويبدو أن الاستعراب كان قد سبق الاسلام، فقد اختلط أهل الذمة بالمسلمين، وأخذوا لغتهم وأسلوبهم في الحياة، وأقبلوا بصورة تدريجية على الاسلام وأظهروا تفوقاً في العربية بل تفوق منهم في الفقه فذكر ابن الفرضي (أنه كان من مسالمة أهل الذمة من ملأ أشبيلية علماً وبلاغة ولساناً حتى شرفت به العرب)[43] وقد أثار اقبال المسيحيين على الثقافة العربية حسد القساوسة ورجال الدين الذين كانت لهم أديرة وكنائس في شتى أنحاء الأندلس فأخذوا يعيبون على الشباب المسيحي اقباله على قراءة اللغة العربية وتركه اللغة اللاتينية[44].
واشتهرت الأندلس بالمنشآت المعمارية العظيمة، ويعد جامع قرطبة الذي بني في القرن الثاني للهجرة/ الثامن للميلاد، وبعض المباني في طليطلة من آثار الدور الأول لفن العمارة العربي في الأندلس، كما تعد منارة أشبيلية (لعبة الهواء) التي أنشأها الموحدون في القرن السادس للهجرة/ الثاني عشر للميلاد والقصر الأشبيلي من آثار الدور الوسيط لفن العمارة العربي، كما يعد قصر الحمراء في غرناطة الذي شيد في القرن الثامن للهجرة/ الرابع عشر للميلاد عنواناً لما انتهى إليه فن العمارة العربي ويرى لوبون أنها تدل باختلاف طرزهما على أصالتها العربية[45].
ومن مباني العرب العظيمة في الأندلس مدينة الزهراء التي شيدها عبدالرحمن الناصر على بعد ثمانية كيلومترات شمال غرب قرطبة على سفح جبل العروس ومازالت تحتفظ باسمها العربي في اللغة الأسبانية، وبنى فيها قصره المشهور بقصر الحمراء[46].
وظهرت فيه عظمة فن الهندسة عند العرب، وفن الزخرفة والنقوش والنحت، وقد وصفها الأدريسي بقوله: وهي (الزهراء) مدينة عظيمة مدرجة البنية، مدينة فوق مدينة، وفيها قصور يقصر الوصف عن صفاتها[47].
ويروى ابن عذاري: أن أعمدة الرخام في الزهراء بلغت حوالي 4313 سارية جلبت من قرطاجة وتونس والقسطنطينية وما وجد في أسبانيا[48].
ومن المباني التي تركها العرب في أسبانيا جامع قرطبة الشهير الذي بدأ بانشائه عبدالرحمن سنة 164هـ/ 780م، وهو من أجمل المباني العربية في أسبانيا، وكان يفوق جميع مساجد ومعابد الشرق قاطبة بعظمته وروعته، ولا يزال جامع قرطبة من المباني المهمة مع ما أصيب من التلف وما فقد من الأشياء الثمينة فيه[49].
والمستطلع إلى المباني العربية في طليطلة يرى مدى التأثير الحضاري العربي في الأمم التي حلت محلهم، فمدينة طليطلة القديمة لا تزال تحيط بها أبراجها وحصونها وأبوابها أشهرها (باب شفره) و(باب الشمس) والمباني العربية في أشبيلية عظيمة تناظر مثيلاتها في مدن الأندلس[50] وكلها تدل على أصالتها العربية.
واستعملت الكثير من الألفاظ أو التسميات العربية في مجال العمارة في الأندلس وأوربا مثل البناء Albaenie، الربض Arrba، الحوز Alhoz، السطحية (السطح) Azatea، القبة (غرفة النوم) Aleobe، الأسطوان (مدخل البيت) Fayuon، الطوب Adube، القصر Alcosar  ، [51] مسجد Mosuqee، منبر Minbar، منارة Minaret، محراب Mihrab[52].
إن الحضارة العربية التي نشأت في الأندلس، وازدهرت لم تقف عند حدود الأندلس فاستمرت العلاقات الاقتصادية والثقافية والحضارية بين الأندلس وأوربا وبينها وبين الشرق وبيزنطة ولم تنقطع رغم وقوع حروب بحرية وبرية طويلة، فالتبادل التجاري بين أسبانيا العربية وبين الشرق وبيزنطة تظل مستمراً، وعن هذه الطرق انتقل التراث الحضاري العربي في العصور الوسطى إلى أوربا ولا يمكن إدراك أهمية شأن العرب في الغرب إلا بتصور حالة أوربا حينما أدخلوا الحضارة إليها فيقول لوبون: إذا رجعنا إلى القرن التاسع من الميلاد وما بعده، حيث كانت الحضارة الاسلامية في أسبانيا ساطعة جداً رأينا أن مراكز الثقافة في أوربا كانت أبراجاً يسكنها سنيورات متوحشون يفخرون بأنهم لا يقرأون، وإن أكثر الرجال معرفة كانوا من الرهبان المساكين الذين يقضون أوقاتهم في أديارهم ليكشطوا كتب الأقدمين بخشوع، ودامت همجية أوربا حتى القرن الحادي عشر حين ظهر فيها أناس رأوا أن يرفعوا أكفان الجهل الثقيل عنهم فولوا وجوههم شطر العرب الذين كانوا أئمة وحدهم، ولم تكن الحروب الصليبية سبباً في إدخال العلوم إلى أوربا كما يردد على العموم، وإنما دخلت العلوم أوربا من أسبانيا وصقلية وإيطاليا، وذلك أن مكتباً للمترجمين في طليطلة بدأ منذ سنة 1130م بنقل أهم كتب العرب إلى اللغة اللاتينية تحت رعاية رئيس الأساقفة ريمون، ولم يتوان الغرب في أمر هذه الترجمة[53] فقد تدفقت العلوم العربية على أوربا من خلال الأندلس بعد أن فتح العرب الطريق عبر جبال البرت إلى فرنسا وإيطاليا، حيث عبر العلم والفلسفة العربيان من خلال رأس الجسر الثقافي الذي أقيم في شبه جزيرة ايبريا إلى أوربا[54] وظهر التأثير العربي في فن العمارة في الأندلس وأوربا، فكان الطراز السائد قبل تحرير أسبانيا هو الطراز القوطي، ولكن أقيمت في الأندلس في القرن الثالث عشر والرابع عشر المدن والمساجد والقصور على الطرز العربية مما يدفعنا على الاقرار أن الغرب اقتبس أصول فن عمارته من العرب، إذ ليس هناك من مشابهة بين الطراز العربي والطراز القوطي وإن تأثير فن العمارة العربية واضح في كثير من الكنائس الفرنسية ككنيسة مدينة (ماغلون) 1178م، التي كانت ذات صلات بالشرق، وكنيسة (كانده) وكنيسة (غاماش)...
إلخ، وألمح مسيو شارل بلان إلى ما اقتبسه الأوروبيون من العرب في فن العمارة بقوله: أرى من غير مبالغة فيما لأمة من التأثير في أمة وذلك خلافاً لما يسار عليه اليوم أن الصليبيين الذين شاهدوا ما اشتمل عليه الفن العربي من المشربيات، وشرفة المآذن، والأخاريز أدخلوا إلى فرنسا المراقب والجواسق والأبراج والأطناف والسياجات التي استخدمت كثيراً في العمارات المدنية والحربية في القرون الوسطى[55].
لقد كان للاستقرار السياسي والاجتماعي، والرفاء الاقتصادي والتقدم العلمي والعمراني أثره الكبير في نشاط وازدهار التجارة في الأندلس، وأدى الاتصال التجاري بين الشرق والغرب وبين الأندلس وأوربا إلى دخول مفردات وألفاظ عربية كثيرة وأسماء منتجات وسلع تجارية ومكاييل ومقاييس وأوزان وعملات كانت تستعمل في التجارة إلى اللغة الفرنسية واللغات الأوربية مثل السوق Souk، ميناء Cabar، فنار Fanal، سمسار Cemcal، دكان Dogana، الديوان (الكمرك) Aduoma، مخزن Magozzia، معرفة (شركة تجارية) Maond، مخاطرة Moatra، التعريفة Tarifa، المناداة (المزايدة) Almoneda، ومن الألفاظ الأخرى التي كانت تستعمل في التجارة العملات والمقاييس والمكاييل والأوزان مثل: دينار Dinar، درهم Adorme، السكة Ceea، قنطار Kantar، قيراط Corat، مثقال Molacal، عشر Achour، أردب Ardib، القفيز abis، المد Almud، الرطل Arreelde، الربعة Arraba[56].
وعلى الرغم من وجود عدد هائل من الكلمات العربية في اللغة الانكليزية واللغات الأوربية الأخرى في مجالات العلوم المختلفة، إلا أننا نرى أن عدد هذه الكلمات في العلوم الرياضية قليل جداً، ولا يعني هذا أن العرب لم يؤثروا كثيراً على أوربا في مجال العلوم الرياضية ولكن العكس صحيح، إلا أن معظم الكتابة في هذه العلوم يعتمد على الرموز والأحرف بالاضافة إلى أن الأرقام الأوربية الحالية مأخوذة أصلاً عن طريق العرب ومازالت تسمى بالأرقام العربية ومثلاً على ذلك: الجبر Algebra، الخوارزمي (المقصود به الحساب ) Algursime، المقابلة Almohabel، المجسطي Cipher، الصفر Cipher  ، [57] وكلمة الصفر العربية تدل على انتقال طريقة الحساب العربي واستعمالها من قبل الأوربيين.
وازدهر علم الهيئة (الفلك) عند العرب في الأندلس لحاجتهم إليه في تحديد القبلة وتعيين أوقات الصلاة، وقد تطور هذا العلم إلى دراسة حركات النجوم، وظهور حركة التنجيم، واخترعوا الساعات الشمسية لمعرفة الأوقات، فقد صنع عباس بن فرناس أول آلة (وهي نوع مبتكر من الساعات)[58].
ويبدو من مجرد النظر في المصطلحات الفلكية العديدة ذات الأصل العربي يدلنا على أن الغرب مدين لما قام به العرب من دراسات فلكية؛ لأن معظم هذه الأسماء قد تركت في الوقت الحاضر واستعيض عنها بأسماء غيرها ومن هذه الأسماء العذارىAdara ، السها Alcor، الجنب Algenib، الفكة Alphacca، الجبهة Algieba، عرش الجوزاء Arsh، بنات نعش Benatnasch، السرطان Cancer، الكلب الأكبر CamisMa,or، الكلب الأصغر Camis Minor، ذنب الدواجن Deneb Eldolphinas ، ذنب الجدي Deneb Elokab، ذنب العقاب Daneb Elkab، النصل Elnasl، الراعي التنين Etanin، فم الحوت Famu Lhout، رأس الأسد Res Al Asad، رأس الثعبان Res toban، سعد الملك Saod Al Melik، سعد السعود Saod Saoud، العذراء Virgo، الطائر Altair، قرن الثور Tauri، السموات amwet[59].
ولمس الأوربيون بشكل جلي الجهود العلمية البارزة التي بذلها عرب الأندلس في علم الكيمياء فوصلت إليهم ثروة كبيرة من المعرفة والحقائق، والتجارب والنظريات العلمية، فأخذ طلاب الغرب يقبلون على دراستها وترجمتها إلى لغاتهم فحفزت فيهم روح البحث والشغف باستقراء الحقائق وتتبعها، فزاد اطلاعهم على هذا النتاج العلمي الخصب، واعتمدوا الأدلة والبراهين في قضايا العلوم الطبيعية، فبدأت أوربا بحوثها في هذا المجال على أساس واقعي سليم وبناء نظري منسق وكان ذلك بفضل الانطلاق العربي في البحث العلمي والابتكار.
وهذه ثمة كلمات عربية مستعملة في اللغات الأوربية في حقل الكيمياء تدل على جهود العرب في هذا العلم عند الغربيين[60] الكيمياء Alchemy، الكمل Alcuhal، زرنيخ Arsenic، بورق Barax، الاكسير Elixir، قرمز Kermes، كبريت Kibruit، الانبيق Linbick، نفط Naphta، عطر Attar، الزئبق Assoguc، قطران caudran، بنج Bang، سموم Simouim[61].
ولم يقتصر الأندلسيون على العلوم العملية بل كانت لهم دراسات في علوم أخرى كالفيزياء، وعلم العقاقير، والزراعة (علم الفلاحة) والذي أبدعوا فيه وصنفوا التصاميم المشهورة، مسجلين ما توصلت إليه تجاربهم في النباتات والتربة[62]، ويعد عباس بن فرناس القرطبي واحداً من عباقرة العرب المسلمين الذين استطاعوا تحقيق أروع الكشوفات في ميادين العلوم التجريبية وأن يمهدوا باكتشافاتهم العظيمة الطريق للأجيال اللاحقة من علماء العصر الحديث[63].
وأثمرت جهود العرب في تطوير علم الطب وتأثرت ثقافة الغرب الطبية تأثراً عميقاً بما اقتبسه من العرب في هذا المضمار[64].
والعرب أول من مارسوا عمليات الجراحة في العالم إطلاقاً، ووضعوا المؤلفات فيها وفي طرقها، والأمراض التي يجب استئصالها والآلات والأدوات التي تستعمل[65] وهم أول من اكتشفوا وسائل التخدير، وأنشأوا المستشفيات، وقسموها قسمين: قسم للرجال والنساء، وقسموا كل قسم إلى أقسام على حسب المرض ، وأقاموا المعازل لعزل المرضى المصابين بأمراض معدية بل أن للمسلمين الفضل في إنشاء المستشفيات المتنقلة[66].
وأنجبت الأندلس أشهر جراح عربي هو أبو القاسم الزهراوي سنة 427هـ/ 1035م فكان طبيباً خبيراً بالأدوية المفردة والمركبة وله تصانيف في الطب وأفضلها كتابه الكبير المعروف بـ (الزهراوي) ومن مؤلفاته الأخرى كتاب (التصريف)[67] ويذكر الدوميلي أنه (أشهر أطباء الأندلس وأعظم أطباء المسلمين أيضاً..
وكان أعظم الجراحين.
وكتابه (التصريف) عبارة عن دائرة معارف طبية كبيرة، ويمكن أن يميز وفي هذا الكتاب قسم في الطب وقسم في الصيدلة وقسم في الجراحة طبع في ثلاثة أجزاء حصلت على أعلى درجات التقدير في أوربا[68] وترجم إلى العبرية واللاتينية والانكليزية، وأعيد طبع النص العربي في الهند سنة 1908[69] والزهراوي أول من ربط الشرايين واستأصل حصى المثانة في النساء عن طريق المهبل وأول من أوقف النزيف ونجح في عملية شق القصبة الهوائية، وبحث في التهاب المفاصل، واكتشف آلة لتوسيع باب الرحم للعمليات ولقب بـ (أبو الجراحة)[70].
ومن أطباء الأندلس المشهورين أحمد بن يونس بن أحمد الحراني الذي تولى إقامة (خزانة للطب لم يكن قط مثلها، ورتب لها اثنى عشر طبيباً، وكان يعالج المحتاجين والمساكين من المرض)[71].
وكان يشارك الحراني عدد من الأطباء في القيام على خزانة الطب (الصيدلية) فقد كان (ديوان الأطباء) فيه أسماؤهم ومرتباتهم[72].
كما اشتهر أطباء الأندلس بطب الأسنان وجراحتها، وفي تركيب الأدوية، وأشهر من برز فيهم في هذا العلم ابن البيطار.
وأما في مجال علم الفلك والهندسة والرياضيات عامة فقد توصل علماء العرب في الأندلس إلى حقائق علمية رائدة، في علم الفلك (علم الهيئة) منهم صاحب القبلة أبو عبيدة البلنسي (295هـ- 907م) الذي قال بكروية الأرض واختلاف المناخ في أنحائها[73].
إن اهتمام العرب في الأندلس بالفلك كان مقتصراً على رصد الكواكب وحركاتها وعلاقتها بالكسوف والخسوف، وكذلك لمعرفة علاماتها بالحرب والسلم والظواهر الطبيعية، كما أن ارتباط بعض أحكام الدين الاسلامي بالظواهر الفلكية جعل العرب يهتمون بأمور علم الفلك، فاقتضى معرفة المواقع الجغرافية للبلدان، ومركز الشمس في البروج، وذلك لاختلاف أوقات الصلاة ومعرفة سمت القبلة[74].
وطبق العرب النظريات الهندسية على فن البناء فشيدوا الأبنية التي تميزت بالفخامة والاتقان والمتانة كالمدن والقصور والجوامع، ومنها مدينة الزهراء وجامع الزهراء وقصور الحمراء، والنافورات المائية، بالاضافة إلى عنايتهم بالنقوش والزخارف، كما اهتموا بهندسة الري أيضاً وذلك لأن تنظيم الري يتطلب معرفة دقيقة بمستوى الأرض وانحدارها وبكمية الماء وسرعة مجراها، ومواد البناء وطرق بنائها[75].
أما فيما يخص اهتمامات العرب في الأندلس بالنبات فيرجع إلى القرن الأول للهجرة فقد عني علماء النبات العرب بوضع الأسماء للكثير من النباتات، فوضع الطبيب الأندلسي ابن جلجل كتاباً عن الأشياء التي أغفلها غيره، والحق هذا الكتاب بكتاب ابن باسيل المترجم فجاء الكتابان مؤلفاً كاملاً، وسيراً على هذا المنهج التجريبي استطاع العلماء العرب دراسة الكثير من النباتات الطبيعية التي لم يسبقهم إلى دراستها أحد وأدخلوها في العقاقير الطبية[76] واستطاعوا أيضاً أن يستولدوا بعض النباتات التي لم تكن معروفة أيضاً كالورد الأسود، وأن يكسبوا بعض النباتات خصائص العقاقير في أثرها الطبي[77].
ومن مشاهير علماء العرب في النبات في الأندلس أبو جعفر محمد بن أحمد الغافقي (ت561هـ/ 1160م) كان أعلم عصره بالأدوية المفردة ومنافعها وخواصها، له كتاب في الأدوية المفردة وقد وصف النباتات في غاية الدقة بالاضافة إلى أنه ذكر أسماءها باللغة العربية واللاتينية والبربرية، فعد من أعظم الصيدليين أصالة وأرفع النباتيين مكانة في العصور الوسطى، وقد أخذ منه ابن البيطار نصوصاً كثيرة[78].
ومن علماء النبات والأدوية في الأندلس أبو العباس بن الرومية (وهو أحمد بن محمد بن مفرج النباتي) (ت638هـ- 1240م) من أهل أشبيلية أتقن علم النبات والأدوية وساح في الأقطار العربية كمصر والشام والعراق وروى كثيراً عن النباتات التي شاهدها ووضع كتاباً في تركيب الأدوية[79].
وممن برز في علم النبات والعقاقير الطبية ابن البيطار (أبو محمد عبدالله بن أحمد المالقي (ت646هـ- 1241م) زار المغرب وشمال أفريقية ومصر وسوريا وآسيا الصغرى واجتمع مع ابن أبي أصيبعة في دمشق، واشتغل معه في جمع النباتات ودراستها في بلاد الشام ومن مؤلفاته كتاب (الجامع في الأدوية المفردة) استقصى فيه ذكر الأدوية المفردة وأسماءها ومنافعها[80].
وتحفل كتب التراث والتاريخ بأسماء العديد من علماء النبات والعقاقير الصيدلانية الذين عاشوا في الأندلس، وتركوا كتباً قيمة في النباتات وصناعة الأدوية والعقاقير زاد عددهم على 150 عالماً[81] وقد استعملت كتبهم قروناً عدة كدستور للصيادلة وبكلماتها العربية في حقل النبات والصيدلة في أوربا[82].
إن التراث العربي الزراعي ظهر بصورة واضحة في جنوب أوربا، فقد أدخل العرب في أسبانيا وأوروبا بعض النباتات الجديدة، وعدداً من أساليب الري، وأهم النباتات التي أدخلها العرب وظهرت في لهجات أسبانيا وصقلية وأوربا الغربية بأسماء تكشف أصالتها العربية مثل: الريحان Arroyon، الخزامى Alhuzema، الموز Banane، نارنج Naronga، الزعفران Azafran، ليمون Liom، البرقوف Albericaguo، الزيتون A Coton، باذنجا Berenjena، البرقوف Albericaguo، القطن Coton، والرز Riz، وقصب السكر Sugra، والقهوة Cafe[83].
وقد أمدت كتب الجغرافيين العرب بأسماء هذه النباتات، ووسائل الري التي أدخلها العرب إلى أسبانيا ومنها شاع إلى أوربا، ومن أساليب الري (قنوات الري والنواعير) التي تعتمد على قوة تيار الماء المعروفة باسمها العربي (الشادوق) والقنوات هي مجاري المياه تحت الأرض يتكون عن طريق الربط بين سلسلة من الآبار ويستخدم في استنباط موارد المياه الجوفية ونقلها مسافات شاسعة، فكلمة (مجريط) في الأسبانية مشتق من الاسم العربي (مجرى) وهذا الاسم يتعلق بهذه الممرات الاسلامية[84].
وقد أسهمت أساليب الري التي أخذت عن العرب بشكل هام في تكثيف الزراعة في أسبانيا وفي جنوب أوربا، واستعملت الألفاظ العربية الدالة على السقاية أيضاً مثل: الساقية Aceqiua، الناعورة Naria، السد Azud، البركة Alburca[85].
وأزدهرت الحياة الاجتماعية في الأندلس بظهور المدارس الموسيقية، فقد شاع الغناء الحجازي والموسيقى الحجازية، وانتقل هذا الفن إلى الأندلس عن طريق الجواري والمغنيات والمغنين، ولعبت الموسيقى العربية دورها في الأندلس، فالمدرسة الموسيقية التي أسسها زرياب وأبناؤه وبناته وجواريه كان لها تأثير كبير في الحياة الاجتماعية، وعرف الأوربيون في لغتهم أسماء كثير من الآلات الموسيقية العربية واستعملوها بألفاظها العربية، مثل: القانون Kanoan، الطبل Timbal، النقارة Naker، القيثارة Cuitar، الرباب Rebee، والعود Luth[86].
وأدخل العرب بعض صناعات المشرق العربي إلى الأندلس ومنها انتقلت إلى أوربا خاصة صناعة السجاد، وبعض أنواع الأقمشة التي عرفت بأسمائها العربية فالقماش المعروف باسم (موسلين) نسبة إلى الموصل، والعتابي Tabby نسبة إلى حي عتابي ببغداد، وأطلس والخميل Camiel، وموهير Mohair وأصله في العربية مخير[87].
واهتم الأندلسيون بالتاريخ واعتبروه علماً له أصوله، ومن المؤرخين الأندلسيين أحمد ابن محمد الرازي، وابن حيان القرطبي، وابن الخطيب فقد ألفوا في تاريخ المدن والتاريخ العام وفي التراجم، فقد ألف علي بن أحمد بن حزم كتاب (جمهرة أنساب العرب)[88] وأشهر ما ألف في تاريخ الأديان (الفصل في الملل والأهواء والنحل)[89] وألف أبو محمد يوسف بن عبدالبر كتاب (الاستيعاب في معرفة الأصحاب)[90] وكتاب (الدرر في اختصار المغازي والسير)[91] وألف أبو المعارف عبدالرحمن بن محمد الرعيني كتاب (الباهر في التاريخ)، ويعد ابن الفرضي من مشاهير من أهتم بالتراجم، يتجلى هذا في كتابه (تاريخ علماء الأندلس) وكتاب (تاريخ افتتاح الأندلس) لأبي بكر محمد القرطبي المعروف بابن القوطية، وكتاب مختصر تاريخ الطبري لعريب بن سعد القرطبي (ت370هـ) وكتاب (القضاة بقرطبة) لمحمد بن حارث الخشني (ت360هـ) وكتاب (المقتبس في أخبار بلد الأندلس) لأبي مروان بن حيان القرطبي (ت469هـ) وكتاب (سراج الملوك) لأبي بكر الطرطوشي (ت520هـ) وكتاب (آداب السياسة في الوزارة) لابن الخطيب السلماني.
وكان للعرب في الأندلس نصيب وافر في علم الجغرافية، فمنهم من له مصنفات في الجغرافية على درجة عالية من الأهمية، منهم أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري في كتابه (ترصيع الأخبار وتنويع الآثار والبستان في غرائب البلدان والمسالك إلى جميع الممالك) وقد نشر الدكتور عبدالعزيز الأهواني في مدريد عام 1965 جزءاً من هذا الكتاب تحت عنوان نصوص عن الأندلس. [92] الذي يعد واحداً من أهم كتب جغرافية الأندلس وتاريخها وخطط مدنها.
ومن جغرافيي الأندلس أيضاً أحمد بن محمد الرازي المتوفي سنة 334هـ وله عدة مؤلفات في هذا المجال من أشهرها كتاب (مسالك الأندلس) الذي يدور معظمه حول صفة الأندلس، ولكن من المؤسف أن معظم هذا الكتاب فقد، ولم يصلنا إلا جزء يسير منه فقط.
وممن اشتهر من الجغرافيين أيضاً الأدريسي الذي عمل خارطة دائرية للعالم.
وصنع هيئة للعالم على شكل كرة من الفضة رسم عليها أقاليم العالم وبحاره ومدنه المهمة، ومن الرحالة الجغرافيين ابن جبير في كتابه (الرحلة) وابن بطوطة في كتابه (نزهة المشتاق) فقد جاب آسيا الصغرى وآسيا الوسطى والهند والصين وأفريقيا ووصف جميع هذه الدول.
وعني العرب في الأندلس بالدراسات الفلسفية، فنقلوا إلى الغرب فلسفة اليونان وما أضافوا إليها، وكانت من أكبر مشكلاتهم الفلسفية محاولة التوفيق بين الدين والفلسفة، وأكبر فلاسفتهم ابن رشد المشهور بشروحه لفلسفة أرسطو، وقد أثرت تأثيراً قوياً في أوربا، وأشهر كتبه كتاب (تهافت التهافت) رد به على الامام الغزالي في كتابه (تهافت الفلاسفة).
ومن فلاسفة الأندلس أيضاً ابن ماجه وابن طفيل صاحب قصة حي بن يقظان التي ترجمت إلى اللاتينية والهولندية ونقلت إلى أكثر اللغات الأوربية.
ولم يكن اهتمام العرب بعلم الحيوان أقل من اهتمامهم بالعلوم الأخرى التي أبدعوا في دراستها، فقد برز العديد من العلماء العرب الذين ألفوا في حياة الحيوان، ووضعوا المؤلفات والمصنفات الكثيرة حولها خاصة وأن الحيوانات جزء مهم من حياة الإنسان سواء أكان من الناحية الاقتصادية أو الجمالية، فذكروا أنواعها من وحشية وأليفة، وطيور، وحشرات، وأسماك، ووصفوها وصفاً دقيقاً، وبينوا أشكالها وصفاتها وطبائعها[93].
فانتقلت أسماء كثير من الحيوانات والطيور والأسماك بألفاظها العربية إلى أوربا وأفريقيا وآسيا[94].
إضافة إلى التي مازالت تستعمل بألفاظها العربية حتى الوقت الحاضر في اللغات الأوربية[95].
ومن أسماء هذه الحيوانات: الحصان Alizan، الغزال Algaasele، الطير Altair، كلب Cleb، دب Dub، زرافة Cirafo، صقر Sakre، الغول A gol، الفيل Fau، يربوع Grbo، ببغاء Papge، وحيد القرن Aboukorn[96]، ابرة (أنثى وحيد القرن) Abafa، بكر (الجمل الصغير) Albacore، آيل (نوع من الغزلان) Ariel، ضبع Dabuh، فندى (نوع من الفئران) gundi، حرذون (نوع من السمالي) Haudim، الحر (نوع من الطيور) Alhorre، العقرب Alacran[97]، وغيرهم العديد من أسماء الحيوانات التي ما زالت تستعمل أسماؤها في أوربا.
لقد كان تأثير العرب الخلقي على الأندلس وعلى أوربا كبير جداً، فقد أشار لوبون ما ذكره سبوباونلي في كتابه عن القرآن بقوله: (أسفرت تجارب العرب وتقليدهم عن تهذيب طبائع سنبوراتنا الغليظة في القرون الوسطى وتعلم فرساننا أسمى العواطف وأنبلها وأرحمها من غير أن يفقدوا شيئاً من شجاعتهم[98]، ويقول أيضاً: كان للحضارة الاسلامية تأثير عظيم في العالم، وإن هذا التأثير خاص بالعرب وحدهم، فلا تشاركهم فيه الشعوب الكثيرة التي اعتنقت دينهم، وأن العرب هذبوا البرابرة بتأثيرهم الخلقي، وأنهم الذين فتحوا لأوربا ما كانت تجهله من عالم المعارف العلمية والأدبية والفلسفية بتأثيرهم الثقافي فكانوا ممدنين لنا وأئمة لنا ستة قرون[99].
إن التراث العربي الاسلامي في النواحي العلمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والروحية قد انتشر سياسياً وحضارياً وحربياً في جنوب أوربا وغربها وأسس العرب مراكز لحضارتهم فيها، وقد نبغ في هذه المراكز مترجمون نقلوا جوانب مهمة من التراث العربي الاسلامي إلى لغاتهم، فكانت طليطلة وأشبيلية وغرناطة وقرطبة من أشهر مراكز الترجمة عن العربية، فكانت في أشبيلية كلية عربية لاتينية تعني بترجمة كتب الفلسفة العربية وقد أثرت فلسفة ابن رشد بصورة خاصة في الغرب وولدت حركات ثورية على تعاليم الكنيسة.
وأصبحت هذه الكتب مراجع معتمدة في جامعات أوربا حتى القرن السابع عشر[100].
وقد حاول بعض الأوربيين التقليل من شأن العرب في نهضة أوربا وازدهارها وهم ينسون مثلاً أن الإدريسي والخازن قد سبقا نيوتن في القول بالجاذبية، وأن ابن النفيس قد سبق (هارفي) إلى كشف الدورة الدموية، وأن ابن مسكويه قد سبق (دارون) في القول بالتطور، وابن خلدون قد سبق (لامارك) في القول في أثر البيئة على الأحياء، وأن ابن سينا قد سبق علماء الغرب في الطب والمعادن والنبات والحيوان، وأن ابن يونس وابن حمزة قد مهدوا كثيراً بكشوفهما إلى معرفة اللوغاريتمات وحساب التكامل والتفاضل، وأن الخوارزمي أول من ألف في الحساب والجبر بطريقة علمية منظمة، وأول من استعمل الأرقام في الحساب وللدلالة على عظم التراث العلمي العربي ما خلفوه في خزائن الكتب الموجودة في العالم والمحفوظ منها أسماؤهم في فهارس الكتب لتثبيت مدى عظم الحضارة العربية في مختلف صنوف العلم والمعرفة، وبذلك فقد كان للحضارة العربية الاسلامية فضل جليل على أوربا وكانت عاملاً مهماً في نهضتها.
___________________________________________________
المصادر:
  1 - ابن أبي أصيبعة موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم (عيون الأنباه في طبقات الأطباء)، مطبعة الحياة بيروت 1965. 
  2 - ابن بصال عبدالله محمد بن إبراهيم الطليطلي (كتاب الفلاحة) 1955. 
  3 - ابن جلجل أبي داود سليمان بن حسان الأندلسي (طبقات الأطباء والحكماء)، القاهرة 1955. 
  4 - ابن خلدون عبدالرحمن بن محمد (المقدمة) تحقيق علي عبدالواحد، القاهرة 1962. 
  5 - ابن الخطيب لسان الدين (الاحاطة في أخبار غرناطة)، طبعة عنان القاهرة 1956. 
  6 - ابن عذاري أبو عبدالله محمد المراكشي (البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب)، طبعة دوزي ليدن 1/1م. 
  7 - ابن الفرضي أبو الوليد عبدالله بن محمد (تأريخ علماء الأندلس)، طبعة كوديرا – مدريد 1892م. 
  8 - الادريسي أبو عبدالله محمد بن محمد (560هـ) (نزهة المشتاق في اختراق الافاق) نشرة دوزي ليدن 1861. 
  9 - بالتشيه انخل جنثالث (تاريخ الفكر الاندلسي) ترجمة حسين مؤنس للقاده 1955. 
  10 - التغلبي صاعد بن أحمد صاعد التغلبي الأندلسي (طبقات الأمم) النجف 1967. 
  11 - الحجي عبدالرحمن (الكتب والمكتبات في الأندلس) – مجلة كلية الدراسات الاسلامية/ العدد الرابع بغداد 1972. 
  12 - داغر أسعد (حضارة العرب ). 
  13 - الدوميلي: (العلم عند العرب وأثره في تطور العلم العالي) ترجمة عبدالحليم النجار، القاهرة 1962. 
  14 - زكريا زكريا هاشم (فضل الحضارة الاسلامية العربية على العالم) دار النهضة مصر 1970. 
  15 - سالم سيد عبدالعزيز (تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس) دار المعارف – لبنان 1962. 
  16 - شريف م، م (دراسات في الحضارة الاسلامية) ترجمة أحمد شلبي – القاهرة 1916. 
  17 - شاخت شاخت وبوزورث (تراث الاسلام) – ترجمة محمد زهير السمهوري تحقيق شاكر مصطفى الكويت 1978. 
  18 - طلفاح خير الله (حضارة العرب في الأندلس) دار الحرية بغداد 1977. 
  19 - الطويل توفيق (العرب والعلم في عصر الاسلام للذهبي) دار النهضة العصرية 961. 
  20 - العبادي أحمد مختار (في التاريخ العباسي والأندلسي) مطبعة دار النهضة بيروت 971. 
  21 - عجيل كريم (الحياة العلمية في مدينة بلنسية) مؤسسة الرسالة بغداد 1975. 
  22 - عبدالرحمن حكمت نجيب (دراسات في تاريخ العلوم عند العرب) مطبعة جامعة الموصل 1977. 
  23 - عبدالبديع لطفي (الاسلام في أسبانيا) القاهرة 1958. 
  24 - هتان محمد عبدالله (دول الطوائف) القاهرة 1960. 
  25 - (تراجم اسلامية شرقية وأندلسية) القاهرة 1975 مكتبة الخانجي. 
  26 - (نهاية الأندلس). 
  27 - العلي صالح أحمد (دراسة العلوم الرياضية ومكانتها في الحضارة الاسلامية) مجلة المورد مجلد 3 العدد 4 لسنة 1974. 
  28 - العزيزات يوسف شويحات (دور العرب في ثقافة العالم وحضارته). 
  29 - عبد مصطفى لبيب (الكيمياء عند العرب) القاهرة 1967. 
  30 - قنواتي الأب شحاته (تاريخ الصيدلة والعقاقير في العهد القديم والوسيط) دار المعارف مصر 1959. 
  31 - الكرملي انستاس (فضل العرب على علم الحيوان) مجلة المجمع الطبي العربي بدمشق المجلد 19 لسنة 1944. 
  32 - لوبون غوستاف (حضارة العرب) ترجمة عادل زعيتر نشر مطبعة البابي الحلبي 969. 
  33 - ماجد عبدالمنعم (تاريخ الحضارة الاسلامية) ط3 كلية الانجلو القاهرة 1973. 
  34 - مقدسي شمس الدين (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) طبعة دي خوبة ليدن 1906. 
  35 - المقري أحمد بن محمد (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب) القاهرة 1949. 
  36 - مظهر جلال (أثر العرب في الحضارة الأوربية) دار الرائد بيروت 1967. 
  37 - مؤنس حسين (فجر الاسلام) الشركة العربية للطباعة والنشر القاهرة 1959. 
  38 - (تاريخ الجغرافية والجغرافيين) – مدريد 1967. 
  39 - النعيمي سليم (ألفاظ عن جامع المفردات لابن البيطار) مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد 27 لسنة 1976 بغداد. 
  40 - نوفل عبدالرزاق (المسلمون والعلم الحديث) بيروت 1973. 
  41 - ياقوت شهاب الدين أبو عبدالله الحموي (معجم البلدان) طبعة الخانجي – القاهرة. 
  42 - Tawfik Abdullah Aziz (Le Lexiq Francais D' Origne Arab) 1977
  رسالة متريز غير منشورة جامعة بول فاليري مونبلييه الثالثة كلية الآداب والعلوم الانسانية.
ــــــــــــــــــــــ
[1]  لوبون: حضارة العرب ص263. 
[2]  ابن عذاري: البيان المغرب جـ2 ص17.
[3]  لوبون: حضارة العرب ص266.
[4]  العبادي: في التاريخ العباسي والأندلسي ص285، محمد عبدالعزيز عثمان: المرأة العربية في الأندلس مجلة اتحاد المؤرخين العرب العدد الثالث عشر سنة 1980 ص103.
[5]  حسين مونس: فجر الاسلام ص421.
[6]  العبادي: في التاريخ العباسي والاندلسي ص316.
[7]  لوبون: حضارة العرب ص266.
[8]  المقري: نفح الطيب جـ1 ص247.
[9]  توفيق عزيز: المعجم الفرنسي ذات الأصل العربي ص37 رسالة متريز غير منشورة جامعة مونبليه الثالثة.
[10]  لوبون: حضارة العرب ص277.
[11]  غسان: نهاية الأندلس ص379- 380، لوبون: حضارة العرب ص582.
[12]  لوبون: حضارة العرب ص273. 
[13]  المصدر السابق ص274.
[14]  نفس المصدر السابق ص276.
[15]  زكريا هاشم: فضل الحضارة العربية ص253.
[16]  ابن عذراي: البيان المغرب ص33.
[17]  المقدسي: أحسن التقاسيم ص234، ابن الخطيب، الاحاطه، تحقيق محمد عبدالله عفاف جـ1 ص109.
[18]  ياقوت: معجم البلدان جـ1 ص26.
[19]  العبادي: في التاريخ العباسي والأندلسي ص359.
[20]  شاخت: تراث الاسلام ص135.
[21]  توفيق عزيز: المعجم الفرنسي ذات الأصل العربي ص40 رسالة متريز غير منشورة جامعة موتبليه الثالثة.
[22]  شاخت: تراث الاسلام ص136.
[23]  توفيق عزيز: المعجم الفرنسي ذات الأصل العربي ص41.
[24]  المقري: نفح الطيب جـ2 ص15.
[25]  سيد عبدالعزيز سالم: تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس ص206.
[26]  كريم عجيل: الحياة العلمية في مدينة بلنسية ص27.
[27]  ابن عذاري: البيان المغرب جـ2 ص245.
[28]  ابن خلدون: المقدمة جـ2 ص1240.
[29]  ابن جلجل: طبقات الأطباء والحكماء ص98.
[30]  العبادي: في التاريخ العباسي والأندلسي ص420.
[31]  كريم عجيل: الحياة العلمية في بلنسيه ص263.
[32]  خير الله طلفاح: حضارة العرب في الأندلس ص153.
[33]  العبادي: في التاريخ العباسي والأندلسي ص420.
[34]  المصدر السابق ص421.
[35]  آنخل جنثالت بالنثيا: تاريخ الفكر الأندلسي ترجمة حسين مونس ص221.
[36]  عبدالرحمن الحجي: الكتب والمكتبات في الأندلس ص361 مجلة كلية الدراسات الاسلامية العدد الرابع، بغداد 1972. 
[37]  يوسف شويحات العزيزات: دور العرب في ثقافة العالم وحضارته ص170.
[38]  طلفاح: حضارة العرب في الأندلس ص150.
[39]  محمد زكريا عتاني: الموشحات الأندلسية ص21 وما بعدها الكويت 1980.
[40]  زكريا هاشم زكريا: فضل الحضارة الاسلامية والعربية على العالم ص572.
[41]  عثمان: دول الطوائف ص4084.
[42]  العبادي: في التاريخ السياسي والا   رى ص373.
[43]  ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس ص647.
[44]  العبادي: في التاريخ العباسي والأندلسي 3559.
[45]  لوبون: حضارة العرب ص283.
[46]  العبادي: ص414.
[47]  الإدريسي: نزهة المشتاق ص312.
[48]  ابن عذاري: البيان المغرب جـ2 ص231.
[49]  لوبون: حضارة العرب ص284.
[50]  المصدر السابق ص290- 291.
[51]  شاخت: تراث الاسلام ص137.
[52]  توفيق عزيز: المعجم الفرنسي ذات الأصل العربي ص42.
[53]  لوبون: حضارة العرب ص566- 567. 
[54]  شاخت: تراث العرب ص125.
[55]  لوبون: حضارة العرب ص572- 573.
[56]  شاخت: تراث الاسلام ص136، توفيق عزيز المصدر السابق ص45.
[57]  جلال مظهر: أثر العرب على الحضارة الأوربية ص412.
[58]  المقري: نفح الطيب جـ4 ص345 وما بعدها.
[59]  حكمت نجيب: تاريخ العلوم عند العرب ص231، عبدالمنعم ماجد: تاريخ الحضارة ص225.
[60]  مصطفى لبيب عبدالغني: الكيمياء عند العرب ص109.
[61]  حكمت نجيب: تاريخ العلوم عند العرب ص279.
[62]  ابن بصال، كتاب الفلاحة ص11- 36.
[63]  عنان: تراجم اسلامية شرقية وأندلسية ص266.
[64]  شريف: دراسات في الحضارة العربية ترجمة شلبي ص80.
[65]  عبدالرزاق نوفل: المسلمون والعلم الحديث ص64.
[66]  المصدر السابق ص65.
[67]  ابن أبي أصيبعة: طبقات الأطباء 501.
[68]  الدوميلي: العلوم عند العرب ص353.
[69]  حكمت نجيب: تاريخ العلوم ص57.
[70]  حكمت نجيب: المصدر السابق ص58.
[71]  ابن جلجل: طبقات الأدباء والحكماء ص113.
[72]  التغلبي: طبقات الأمم ص103.
[73]  المصدر السابق ص84، ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس جـ2 ص126.
[74]  حكمت نجيب: تاريخ العلوم ص186.
[75]  صالح العلي: دراسة العلوم الرياضية ومكانتها في الحضارة الاسلامية، مجلة المورد، مجلد 3 العدد 4 لسنة 974 ص45.
[76]  حكمت نجيب: تاريخ العلوم ص331.
[77]  توفيق الطويل: العرب والعلم في عصر الاسلام الذهبي ص43.
[78]  ابن أبي أصيبعة: عيون الأخبار في طبقات الأطباء ص500، الدوميلي: العلم عند العرب ص401.
[79]  الدوميلي: العلم عند العرب ص414.
[80]  ابن أبي أصيبعة: طبقات الأطباء ص602.
[81]  سليم النعيمي: ألفاظ عن جامع المفردات لابن البيطار، مجلة المجمع العلمي العراقي العدد 27 لسنة 976 ص31.
[82]  شحاته قنواتي: تاريخ الصيدلة والعقاقير في العهد القديم والوسيط ص173 وما بعدها.
[83]  عبدالمنعم ماجد: الحضارة الاسلامية ص286.
[84]  شاخت: تراث العرب ص308.
[85]  المصدر السابق ص310.
[86]  عبدالمنعم ماجد: الحضارة الاسلامية ص285- 286.
[87]  زكريا هاشم: فضل الحضارة ص514.
[88]  حققه عبدالسلام هارون وصدر عن دار المعارف بمصر 1960م.
[89]  انظر تاريخ الفكر ص220.
[90]  حققه علي محمد الجباوي بأربعة أجزاء طبع القاهرة.
[91]  جذوة ص368.
[92]  ياقوت: معجم البلدان جـ2 ص582، جـ4 ص517.
[93]  أسعد داغر: حضرة العرب ص217. 
[94]  انستانس الكرملي: فضل العرب على علم الحيوان، مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق 1044 جـ19 ص326.
[95]  جلال مظر: أثر العرب في الحضارة الأوربية 2 ص40.
[96]  توفيق عزيز: المعجم الفرنسي ذات الأصل العربي ص50.
[97]  شاخت: تراث الاسلام ص137.
[98]  لوبون: حضارة العرب ص576. 
[99]  المصدر السابق ص579.
[100]  زكريا: فضل العرب ص373.
______________________________________________
الكاتب: د.
توفيق سلطان اليوزبكي

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢