أرشيف المقالات

معنى اسم الغالب

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2معنى اسم الغالب
الدِّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (الْغَالِبِ)[1]: غَلَبَهُ يَغْلِبُهُ غَلْبًا وَغَلَبًا - وَهِي أَفْصَحُ - وَغَلَبةً وَمَغْلَبًا وَمَغْلَبَةً. وَرَجُلُ غَالِبٌ مِنْ قَوْمٍ غَلَبَةٍ، وَغَلَّابٌ مِنْ قَوْمٍ غَلَّابِينَ[2].   وُرُودُهُ فِي القُرْآنِ الْكَرِيمِ: وَرَدَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]. وَوَرَدَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة: 21].   مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى: قَالَ اِبْنُ جَرِيرٍ: «﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ [يوسف: 21]؛ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللهُ مُسْتَولٍ عَلَى أَمْرِ يُوسُفَ، يَسُوسُهُ وَيُدَبِّرُهُ وَيَحُوطُهُ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ ﴿ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ عَائِدَةٌ عَلَى يُوسُفَ»[3].   وَقَالَ الْحُلَيْمِيُّ: «(الْغَالِبُ): وَهُوَ الْبَالِغُ مُرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَبُّوا أَمْ كَرِهُوا، وَهَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ، وَأَنَّهُ لَا يُقْهَرُ وَلَا يُخْدَعُ»[4].   وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: «﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ [يوسف: 21]؛ قِيلَ الْهَاءُ فِي ﴿ أَمْرِهِ ﴾ كِنَايَةٌ عَنِ اللهِ تَعَالَى، يَقُولُ: إِنَّ اللهَ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لَا يَغْلِبُهُ شَيءٌ، وَلَا يَرُدُّ حُكْمَهُ رَادٌّ، وَقِيلَ: هِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى يُوسُفَ؛ مَعْنَاهُ: أَنَّ اللهَ مُسْتَولٍ عَلَى أَمْرِ يُوسُفَ بِالتَّدْبِيرِ وَالْحِيَاطَةِ، لَا يَكِلُهُ إِلَى أَحَدٍ حَتَى يُبَلِّغَهُ مُنْتَهَى عِلْمِهِ فِيهِ»[5].   وَقَالَ اِبْنُ كَثِيرٍ: «﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ [يوسف: 21]؛ أَيْ: فَعَّالٌ لِمَا يَشَاءُ»[6]. وَقَالَ السَّعْدِيُّ: «﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ [يوسف: 21]؛ أَيْ: أَمْرُهُ تَعَالَى نَافِذٌ لَا يُبْطِلُهُ مُبْطِلٌ، وَلَا يَغْلِبُهُ مُغَالِبٌ»[7].   ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بِهَذا الاِسْمِ: 1- أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هُوَ الْغَالِبُ الْقَاهِرُ أَبَدًا، لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ أَنْ يَرُدَّ مَا قَضَى، أَوْ يَمْنَعَ مَا أَمْضَى، فَلَا رَادَّ لِقَضَائِهِ وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54].   قَالَ الْقُرْطِبيُّ: فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى هُوَ الْغَالِبُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ فَهُوَ الْغَالِبُ وَلَو أَنَّ جَمِيعَ مَنْ فِي الْأَرْضِ طَالِبٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ﴾ [المجادلة: 21].   وَمَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللهِ تَعَالَى وَتَمَسَّكَ بِغَيْرِهِ كَانَ مَغْلُوبًا، وَفِي حَبَائِلِ الشَّيْطَانِ مَقْلُوبًا ﴿ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76][8].


[1] النهج الأسمى (2/ 357 - 359). [2] الصحاح (1/ 195)، و اللسان (3278 - 3280) مادة: (غ.
ل.
ب)
. [3] جامع البيان (13/ 104)، ونقل عن سعيد بن جبير؛ أنه قال في تفسيره: فعَّال. [4] المنهاج (1/ 198) وذكره ضمْن الأسماء التي تتبعُ نفْيَ التشبيه عن الله تعالى جدُّه، ونقله البيهقيُّ في الأسماء (ص: 41). [5] معالم التنزيل (3/ 273). [6] تفسير القرآن العظيم (2/ 473). [7] تيسير الكريم الرحمن (4/ 8). [8] الكتاب الأسنى (ق 304 ب).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣