فوائد من كتاب التبيان في أيمان القرآن (3-3) - فهد بن عبد العزيز الشويرخ
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
أكثر الخلق في غفلة:أكثر الخلق لا ينظرون في المراد من إيجادهم وإخراجهم إلى هذه الدار, ولا يتفكرون في قلة مقامهم في دار الغرور, ولا في رحيلهم وانتقالهم عنها, ولا أين يرحلون ؟ وأين يستقرون ؟ قد...شملتهم الغفلة , وغرتهم الأماني التي هي كالسراب, وخدعهم طول الأمل, فكأن المقيم لا يرحل, وكأن أحدهم لا يبعث ولا يُسأل, وكأن مع كل مقيم توقيع من الله لفلان ابن فلان بالأمان من عذابه, والفوز بجزيل ثوابه.
يسعون لما لا يدركون, ويتركون ما هم به مطالبون, ويعمرون ما هم عنه منتقلون, ويُخربون ما هم إليه صائرون.
والعجب كلُّ العجب من غفلة من تُعدُّ لحظاته, وتحصى عليه أنفاسه, ومطايا الليل والنهار تُسرع به, ولا يتفكر إلى أين يحمل ؟ ولا أين منزل ينقل ؟
وإذا نزل بأحدهم الموت قلق لخراب ذاته, وذهاب لذاته, لا لما سبق من جناياته, ولا لسوء منقلبه بعد مماته, فإن خطرت على قلب أحدهم خطرة من ذلك اعتمد على العفو والرحمة, كأنه يتقين أن ذلك نصيبه ولا بد.
فلو أن العاقل أحضر ذهنه واستحضر عقله, وسار بفكره, وأنعم النظر, وتأمل الآيات لفهم المراد من إيجاده, ولنظرت عين الراحل إلى الطريق, ولأخذ المسافر في التزود, والمريض بالتداوي.
والحازم يعد لما يجوز أن يأتي, فما الظنَّ بأمر متيقن!
النجاة في الدنيا والآخرة للذين آمنوا وكانوا يتقون:
كان عذاب كل أُمةٍ بحسب ذنوبهم وجرائمهم, فعذب عاداً بالريح الشديدة العاتية, التي لا يقوم لها شيء.
وعذب قوم لوط بأنواع من العذاب لم يعذب بها أمة غيرهم, فجمع لهم بين الهلاك, والرجم بالحجارة من السماء, وطمس الأبصار, وقلب ديارهم عليهم بأن جعل عاليها سافلها, والخسف بهم إلى أسفل سافلين.
وعذب قوم شعيب بالنار التي أحرقتهم وأحرقت تلك الأموال التي اكتسبوها بالظلم والعدوان.
وأما ثمود فأهلكهم بالصيحة, فماتوا في الحال.
ومن اعتبر أحوال العالم قديماً وحديثاً, وما يعاقب به من سعى في الأرض بالفساد, وسفك الدماء بغير الحق, وأقام الفتن , واستهان بحرمات الله علم أن النجاة في الدنيا والآخرة للذين آمنوا وكانوا يتقون.
شروط التفسير الإشاري:
تفسير..الإشارة والقياس, وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم.
وهذا لا بأس به بأربعة شرائط:أن لا يناقض الآية.أن يكون معنىً صحيحاً في نفسه.وأن يكون في اللفظ إشعار به.وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم.فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطاً حسناً.
فوائد متفرقة:
* المردودين إلى أرذل العمر بالنسبة إلى نوع الإنسان قليل جداً, فأكثرهم يموت ولا يُردُّ إلى أرذل العمر.
* من قلَّ يقينُه قلَّ صبره, ومن قلَّ صبره خفَّ واستخفَّ.
* من لا يقين له ولا صبر خفيف طائش, تلعب به الأهواء والشهوات, كما تلعب الرياح بالشيء الخفيف.
* المجد: السعةُ, وكثرة الخير, وكثرةُ خير القرآن لا يعلمها إلا من تكلَّم به.
* من عرف الله خافه, ومن لم يعرفه لم يخفه, فخشيته تعالى مقرونة بمعرفته, وعلى قدر المعرفة تكون الخشية.
* القلم بريد القلب , ورسوله, وترجمانه, ولسانه الصامت.
* قلم تواريخ العالم ووقائعه...هذا القلم قلم العجائب, فإنه يُعيد لك العالم في صورة الخيال, فتراه بقلبك, وتُشاهده ببصيرتك.
* قوله تعالى:{ لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة:79] دلت الآية بإشارتها وإيمائها على أنه لا يُدرك معانيه ولا يفهمه إلا القلوب الطاهرة, وحرام على القلب المتلوث بنجاسة البدع والمخالفات أن ينال معانيه, وأن يفهمه كما ينبغي.
* يستحيل على الحكيم أن يُحرم الشيء ويتوعد على فعله بأعظم أنواع العقوبات, ثم يُبيح التوصل إليه بنفسه بأنواع التحيلات.
* الغضب غول العقل, يغتاله كما يغتال الذئب الشاة, وأعظم ما يفترسه الشيطان عند غضبه وشهوته.
* القلوب ممتلئة بالأخلاط الرديئة, والعبادات والأذكار والتعوذات أدوية لتلك الأخلاط.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ