أرشيف المقالات

أدعية تقال قبل التسليم

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
2أدعية تقال قبل التسليم
أ - ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال))[1]. ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم)): أي: احمني اللهم بفضلك من هول عذاب جهنم.   ((ومن عذاب القبر)): أي: من عذاب البرزخ الذي بين موت العبد وبين قيام الساعة، فليس المراد بالقبر هنا مدفن الميت؛ لأن الإنسان لا يدري هل يموت ويدفن، أم يموت وتأكله السباع، أو يحترق ويكون رمادًا؟   ((ومن فتنة المحيا والممات)): فتنة المحيا: ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا وشهواتها، وأساس فتنة الدنيا أمران: "الشبهات والشهوات".   ♦ أما الشبهات فمنشؤها الجهل، فهي تعرض للإنسان، وتُلبس عليه الحق بالباطل، فيرى الباطل حقًّا، والحق باطلًا، وهذه فتنة عظيمة؛ فما أكثر الذين يرون الربا حقًّا، وغش الناس في البيع والشراء ذكاء، والنظر إلى النساء حرية ومتعة شخصية...
إلخ!   ♦ وأما الشهوات فمنشؤها الهوى، فإن الإنسان يعرف الحق لكن لا يريده؛ لأن هواه مخالف له.   وأما فتنة الممات فيراد بها ما يكون عند الموت في آخر الحياة، وما يكون بعد الموت مباشرة، من سؤال الملكين للميت في قبره عن ربه ودينه ونبيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي، حتى الجنة والنار، فأوحي إليَّ: أنكم تفتنون في قبوركم مثلَ - أو قريبًا - من فتنة المسيح الدجال))[2].   فأما من كان إيمانه خالصًا، فهذا يسهل عليه الجواب - جعلنا الله وإياكم منهم - وأما غيره - والعياذ بالله - فإذا سُئل قال: هاه...
هاه، لا أدري؛ سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته!   والإنسان عند موته صائر إما إلى سعادة وإما إلى شقاوة، وأشد ما يكون الشيطان حرصًا على إغواء بني آدم في تلك اللحظة، والمعصوم مَن عصمه الله، فإن كان ضعيف النفس، ضعيف الإرادة، ضيق الصدر، يأتيه الشيطان ليغويه؛ لأن هذا وقت المغنم للشيطان، حتى إنه - كما قال أهل العلم - قد يتمثل له الشيطان بصورة أبيه أو أمه، يعرضان عليه الأديان: اليهودية أو النصرانية، وهذه أعظم الفتن.   ((ومن شر فتنة المسيح الدجال)): المسيح الدجال أعظم فتنة على وجه الأرض، منذ خلق آدم عليه السلام إلى قيام الساعة، كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا ما من نبي من نوح إلى محمد - صلوات الله وسلامه عليهم - إلا أنذر قومه منه، تنويهًا بشأنه، وتحذيرًا منه.   وهذه الفتن الأربع هي مجامع الشر كله بلا ريب[3].   ب - ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم))[4].   ((المأثم والمغرم)): المأثم هو الأمر الذي يأثم به الإنسان، أو هو الإثم نفسه، والمغرم هو الدَّيْن، بدليل تمام الحديث: ((فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل إذا غرم، حدث فكذب، ووعد فأخلف))، ويراد به ما استدين فيما يكرهه الله، أو فيما لا يجوز، ثم عجز عن أدائه، فأما دَيْنٌ احتيج إليه شرعًا، ويقدر على أدائه فلا يستعاذ منه[5].   ج - ((اللهم إني أعوذ بك مِن شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل))[6]. ((ومن شر ما لم أعمل)): أي: من شر تركي العمل بالحسنات[7].   د - ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم))[8].   هـ - ((اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخَّرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به منِّي، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت))[9].   ((أنت المقدِّم)): أي: تقدم مَن تشاء بتوفيقه لطاعتك، وتؤخر من تشاء عن رحمتك بعدم توفيقه لطاعتك، كما اقتضته حكمتك[10].   و - ((اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا))[11].   ♦ عند التسليم: قل: ((السلام عليكم ورحمة الله))[12]: بضمير الجمع؛ لأنك تسلم على جماعة المصلين معك، وإن كنت منفردًا؛ فإنك تُسلم على الملائكة.   هنا تذكَّر: أن السلام أصل كل خير، وكأنك تدعو ربك أن يرزق جماعة المصلين كل خير وعافية وفضل في الدنيا والآخرة.   هنا في نهاية صلاتك: استحضر معاني الحياء من الله، والتقصير في عبادته وخشيته، فأنت مهما جوَّدت عبادتك فهي لا تليق بجلاله سبحانه، ولكن أملك كبير أن يقبل منك الكريم سبحانه طاعتك على ما بها من تقصير أو نسيان.   هنا: استشعر آلام الحُزن لفراق الصلاة والذكر وراحة القلب والذهاب إلى الدنيا بهمومها وشواغلها.   هنا: ارفعْ سبابتك واسعدْ بما جاء عن نافع، قال: كان عبدالله بن عمر رضي الله عنه إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، وأشار بإصبعه "السبابة"، وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لهي أشد على الشيطان من الحديد))[13].   اسعد بتوفيق الله لك إذ أقامك بين يديه راكعًا..
ساجدًا..
تاليًا..
مُسبحًا، واضرع إليه أن يديم عليك نعمه، وأن يمدك بمدد من عنده، تستطيع به مواجهة آلام الحياة ومصاعبها.   هنا: اختم صلاتك مشتاقًا للصلاة الأخرى، وعلى قدر شوقك يكون شوق ربك لك، واعلم أنه لا بد لك من مولاك، وأنك أحوج شيء إليه، فأقبل على طاعاته، وشعار حالك قوله سبحانه: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84].   ليرضى عنك..
فتنال الرضا في حياتك والسكينة في شؤونك، والراحة في أعمالك.


[1] أخرجه مسلم: (588).
[2] أخرجه البخاري: (86). [3] انظر الشرح الممتع (3 /237 - 266)، وحاشية الروض المربع (2 /74). [4] أخرجه البخاري: (832)، ومسلم: (589). [5] المنهل العذب المورود: (5 /329).
[6] أخرجه مسلم: (2716).
[7] انظر المنهل العذب المورود (8 /210).
[8] أخرجه البخاري: (834)، ومسلم: (2705). [9] أخرجه البخاري: (1120)، من غير أن ينصَّ على أنه بين التشهد والتسليم كما في رواية مسلم: (771).
[10] انظر المنهل العذب المورود (8 /174). [11] أخرجه أحمد: (24215)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: (5562).
[12] أخرجه مسلم: (431). [13] أخرجه أحمد: (6000)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح: (917).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢