أرشيف المقالات

الصدقة وفضلها

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2 الصدقة وفضلها
تكاثرت النصوص عن فضيلة الصدقة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ﴾ [البقرة: 254]، وقال تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10].   ومن كرم الله تعالى وفضله أنه يرزقك المال، فإذا أنفقته في سبيله أخلفه الله عليك ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]، وهذا الخُلْف من الله تعالى ورد عامًّا بقوله تعالى: ﴿ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾، وقد يتنوَّع هذا الخُلْف، فيكون صحَّةً، أو مالًا، أو صَلاحًا، أو إصلاحًا، أو دفْعًا لبلاء، أو غير ذلك من أنواع الخُلْف، فكُنْ من ذلك على يقين تامٍّ، فهذا اليقين سيدفعك بإذن الله تعالى إلى الإكثار من الصدقة في سبيل الله تعالى؛ عن أبي الخير قال: سمِعْت عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ امْرِئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ))، أو قال: ((حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ))، قال یزید: وكان أبو الخير لا يخطئه يوم، إلَّا تَصَدَّقَ بكعكة أو بفولة أو ببصلة[1].   إن من حقيقة الصدقة، أنك نقلت مالك من حساب الدنيا إلى حسابالآخرة؛ لا كما قد يتوَهَّم بعضُ الناس أنه خرج منك إلى غيرك، فهو ما زال لك، بل أصبح مُضاعفًا إلى أضعاف كثيرة، فهو مُدَّخَرٌ لك، مخلوف عليك.   ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، واعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وأنَّ أَحَبَّ الأعمالِ إلى اللَّهِ أَدْوَمُها وإنْ قَلَّ)) [2].   إن الصدقة الدائمة - ولو كانت قليلة – فهي في مجموعها كثيرةٌ، فهي كالنقاط المجتمعة حتى كانت سيلًا من الماء، ولا تستقل شيئًا من الصَّدَقة، فإن عدم الصَّدَقة أقلُّ من هذا القليل!   إن الصَّدَقة الخفيَّة هي إحدى صفات من كانوا تحت ظِلِّ العرش، فاحرص على إخفائها؛ ولكن إن كان هناك مصلحة من إظهارها؛ فقد قال تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ [البقرة: 271]، فكن من أهل الإخفاء، أو الإظهار كل بحسبه.   الصَّدَقة زكاة للمال، وزكاة للنفس، فهي طهارةٌ معنويةٌ للنفس، ونماء حسِّي للمال، وشعور بأحوال إخوانك المحتاجين، والجزاء من جنس العمل، والصَّدَقة نفع للآخرين، وتنفيس لكربهم، وإدخال للسرور عليهم، وذلك يتطلَّب مِنَّا استحضارها - مهما كانت قليلة - ليعظُم أجرُها، ولربما سبق درهمٌ مئة ألف درهم.   إن لم يفتح عليك في باب الصَّدَقات، فكن سببًا في بعض صدقات المتصدِّقين، فلربما تمت صدقات كثيرة كنت أنت سببها، وكتب لك مثل أجورهم.   ((مقترح)) يحسن وضع صندوق لأهل بيتك، يكون مجالًا للصَّدَقة اليومية ولو بالقليل، ثم يُصرَف على الفقراء.


[1] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير برقم (771) 17/280، والبيهقي في الشعب برقم (3077) 5/ 49، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع برقم (4510) 2/ 830. [2] أخرجه البخاري في صحيحه برقم (6464) 8/ 98، ومسلم في صحيحه برقم (783) 1 /541.



شارك الخبر

المرئيات-١