حقائق إيمانية يجب أن تدرك
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
حقائق إيمانية يجب أن تُدْرَك﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: 32].
تفسير السعدي:
هذه حقيقة الدنيا، وحقيقة الآخرة؛ أما حقيقة الدنيا، فإنها لعب ولهو؛ لعب في الأبدان، ولهو في القلوب، فالقلوب لها والهة، والنفوس لها عاشقة، والهموم فيها متعلقة، والاشتغال بها كلعب الصبيان.
وأما الآخرة، فإنها ﴿خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 32] في ذاتها وصفاتها، وبقائها ودوامها، وفيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، من نعيم القلوب والأرواح، وكثرة السرور والأفراح، ولكنها ليست لكل أحد، وإنما هي للمتقين الذين يفعلون أوامر الله، ويتركون نواهيه وزواجره، ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: 32]؛ أي: أفلا يكون لكم عقول، بها تدركون أيُّ الدارين أحق بالإيثار؟
حقائق إيمانية ولطائف يجب أن تُدرك باختصار وإيجاز:
لم تعُدِ المسألة الآن تحتاج أن نحمِّلَ أنفسنا أكثر من طاقتها؛ بمعنى جاءت السعادة التي كنا نتمناها أم لم تأتِ، فالأمر له وحده سبحانه، بيده الأمر.
جاءت الراحة، جاءت السكينة، جاء الهناء، جاء الاستقرار، فالأمر بيده وحده لا شريك له.
المهم يجب أن ندرك أن الحياة قصيرة جدًّا، وما بقِيَ من عمرنا صار واضحًا أنه في عداد القصير والقصير.
لا ندري هل سنموت اليوم، أو غدًا، أو بعد عام، أو أكثر؟
المهم يجب أن ندرك حقيقة أن أعمارنا لم يعد بها شيء، طال أو قصر.
وسائل تعين على فهم الحقيقة التي يجب أن تُدرك فورًا:
1- الحياة الدنيا يجب أن تكون مرحلة استعداد للقاء الله.
2- ينبغي أن تكون هكذا استعدادات كبيرة جدًّا؛ لنلقى الله تعالى ونحن على خير حال يُرضيه.
3- المحافظة على الصلوات على وقتها.
4- المحافظة على السنن الرواتب وغير الرواتب.
5- المحافظة على إخراج الصدقات، يجب ألَّا تتوقف، ولو كانت قليلة، حسب المقدرة، مع العلم أن مفهوم الصدقة لا يقتصر على المال؛ فالتبسم صدقة، ولين المعاملة صدقة، وهكذا.
6- شدة الهمة في قراءة القرآن وختمه.
7- إحسان التعاملات مع الآخرين.
8- محاسبة النفس على ما سلف في حق الله والنفس والعباد.
9- المراجعات اليومية للنفس.
10- محاولة إعادة ترتيب البيت الروحي ترتيبًا جيدًا وجديدًا، مع النفس أولًا، ثم مع غيرها ثانيًا.
11- كسر المعتاد والمألوف الذي نعيشه أو على الأقل تعديله.
12- الصبر على الحرمان من المتع والملذات الحلال التي أردناها لنتقرب إلى ربنا بها، لكن مشيئة الله لم تسمح بفوزنا بها.
13- الإدراك واليقين في أنه وإن كان نصيبنا في الدنيا قد تعسَّر في كثير من أمور حياتنا، التي كنا نتمناها أن تكون كما نرغب، وبها كنا نحلم، إن كنا قد حُرِمنا من متعٍ وملذات رغبنا فيها؛ كي نتعبد الله بها، ثم أبَتْ أن تكون، بل واستعصت علينا، ففي ذلك حكمته، ومع ذلك وفي باطنه رحمته.
14- اليقين في أن كل ما يجري لنا إنما هو بمشيئته سبحانه، والله عز وجل لا يجمع على العبد المؤمن الحرمان في الدنيا، والحرمان مرة ثانية في الآخرة، وكيف يكون ذلك وهو الذي يعطي ويوفي سبحانه الصابرين أجرهم بغير حساب؟
15- حسن الظن في الله في أنه لن تضيع لنا متعة ولذة حلال من أي نوع، كانت نفوسنا تتوق لها، وتشتاق إليها في الدنيا؛ كي نتعبد ربنا بها، إلا أنها استعصت علينا وأبت، أبدًا لن تضيع، بل سيؤتيها الله لنا في الجنة بإذنه تعالى، نعم، سيؤتينا الله من فضله، فإنا إلى الله راغبون.
16- استيداع كل ملذاتنا ورغباتنا وأحلامنا في الدنيا التي لم نَنَلْها، ولم نوفَّق في الوصول إليها، وحُرِمناها - في يد الله، نستودعها بين يديه؛ ليمنحنا أفضل منها هناك، هناك حيث - بإذن الله - ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وهذه ثقتنا في ربنا، لا ولن تتزعزع؛ فنحن نعرف ربنا حقًّا معرفة اليقين الراسخ، والإيمان القوي به وفيه.
خلاصة من نور:
1- يجب أن نكون مؤمنين تمامًا بأن الله لن يخذلنا في الآخرة، بل سيعوضنا ما فقدناه في دنيانا، أيًّا كان نوع الفقد؛ من استقرار نفسي، أو عائلي، أو صحي، أو أي نوع من أنواع عدم الراحة والهناء.
2- صحيحٌ أن الدنيا قد أرهقتنا كثيرًا وأتعبتنا، لكنه الابتلاء الذي يجب أن نكون به راضين ومحتسبين، ومن أجله سبحانه وتعالى صابرين.
3- من المهم أن نحذر من أن نتبدل أو نتغير، أو نتنازل عن طبيعتنا وطيبتنا، وأخلاقنا وقيمنا، وثوابت روحنا.
4- نستمر في الرقيِّ والأخلاق الحسنة لا نتنازل عنها، لا ندع للذوق مجالًا أن ينفصل عن سلوكياتنا مع الناس، مهما انفصل الناس عنه، بل يجب أن نكون هيِّنين ليِّنين في ألسنتنا وتعاملاتنا؛ لنكون بها نوادرُ يحكي عن جمالها الناس، ويسطرها التاريخ باسمنا خير تسطير في حياتنا، وبعد مماتنا؛ فلْنَكُنْ من ذوي الأثر، أصحاب البصمة.