أرشيف المقالات

إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ:
كان ديدنهم في الدنيا الاستكبار والعناد إذا سمعوا كلمة الله وإذا ذكروا بسبيله وإذا دعاهم الأنبياء والدعاة إلى توحيد الله وتقديم كلماته على كلمات غيره وخلع الشرك من القلوب وأوله شرك الأهواء , وسلفهم الأوائل قابلوا الأنبياء بالتكذيب والاتهام بالجنون فإن لم تفلح شبهة الجنون قالوا أن كلمات الله مجرد قصائد من الشعر نظمها هؤلاء , وخلاصة دعاويهم الحرص على تكذيب الأنبياء وإلصاق أي تهمة تؤيد هذا التكذيب.
 
فكان رد الله بأن الرسل وأولهم محمد صلى الله عليه وسلم جاءوا بالحق المبين والسبيل الواضح ويصدق بعضهم بعضاً ويبشر بعضهم ببعض.
 
أما كل مستكبر فينتظره جزاء الخزي بما قدمت يداه ليذوق وبال كبره وتكذيبه.
 
قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ.
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لشَاعِرٍ مَجْنُونٍ.
بَلْ جَاءَ بالحق وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ.
إِنَّكُمْ لَذَائِقُوا الْعَذَابِ الْأَلِيمِ.
وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}
[الصافات 35-39].
 
قال السعدي في تفسيره:
ثم ذكر أن إجرامهم، قد بلغ الغاية وجاوز النهاية فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } فدعوا إليها، وأمروا بترك إلهية ما سواه {يَسْتَكْبِرُونَ} عنها وعلى من جاء بها.
 
{وَيَقُولُونَ} معارضة لها {أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا} التي لم نزل نعبدها نحن وآباؤنا { لـ } قول {شَاعِرٍ مَجْنُونٍ} يعنون محمدا صلى اللّه عليه وسلم.
فلم يكفهم - قبحهم اللّه - الإعراض عنه، ولا مجرد تكذيبه، حتى حكموا عليه بأظلم الأحكام، وجعلوه شاعرا مجنونا، وهم يعلمون أنه لا يعرف الشعر والشعراء، ولا وصفه وصفهم، وأنه أعقل خلق اللّه، وأعظمهم رأيا.
 
ولهذا قال تعالى، ناقضا لقولهم: {بَلْ جَاءَ} محمد {بِالْحَقِّ} أي: مجيئه حق، وما جاء به من الشرع والكتاب حق.
{وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} [أي: ومجيئه صدق المرسلين] فلولا مجيئه وإرساله لم يكن الرسل صادقين، فهو آية ومعجزة لكل رسول قبله، لأنهم أخبروا به وبشروا، وأخذ اللّه عليهم العهد والميثاق، لئن جاءهم، ليؤمنن به ولينصرنه، وأخذوا ذلك على أممهم، فلما جاء ظهر صدق الرسل الذين قبله، وتبين كذب من خالفهم،.فلو قدر عدم مجيئه، وهم قد أخبروا به، لكان ذلك قادحا في صدقهم.
 
وصدق أيضا المرسلين، بأن جاء بما جاءوا به، ودعا إلى ما دعوا إليه، وآمن بهم، وأخبر بصحة رسالتهم ونبوتهم وشرعهم.
 
ولما كان قولهم السابق: {إِنَّا لَذَائِقُونَ} قولا صادرا منهم، يحتمل أن يكون صدقا أو غيره، أخبر تعالى بالقول الفصل الذي لا يحتمل غير الصدق واليقين، وهو الخبر الصادر منه تعالى، فقال: {إِنَّكُمْ لَذَائِقُوا الْعَذَابِ الْأَلِيمِ } أي: المؤلم الموجع.
 
{وَمَا تُجْزَوْنَ} في إذاقة العذاب الأليم {إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فلم نظلمكم، وإنما عدلنا فيكم؟

شارك الخبر

المرئيات-١