إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
المؤمنون المصدقون للوحي يتعايشون مع القرآن تعايشاً حقيقياً ويقيمون به دنياهم لتصح لهم أخراهم .هم يتعاملون مع قصص القرآن بتعايش وتدبر ليستخلصوا منه ما ينفعهم في عقيدتهم ومعاشهم وأخراهم .
و من هذه القصص قصة موسى وفرعون الذي علا في الأرض واستكبر بما أعطاه الله من ملك ففرق بين الرعية وشتت شملهم واستضعف الصالحين وذبح ذكورهم وأبقى النساء حتى لا يكون لهم نسل , فإذا قل الصالحون ظلت الأكثرية الفاسقة المتبعة لهرائه وأهوائه .
قال تعالى:
{نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)} [القصص 3-4]
قال السعدي في تفسيره :
{نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ} فإن نبأهما غريب، وخبرهما عجيب.
{لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فإليهم يساق الخطاب، ويوجه الكلام، حيث إن معهم من الإيمان ، ما يقبلون به على تدبُّر ذلك، وتلقِّيه بالقبول والاهتداء بمواقع العبر، ويزدادون به إيمانا ويقينا، وخيرا إلى خيرهم، وأما من عداهم، فلا يستفيدون منه إلا إقامة الحجة عليهم، وصانه اللّه عنهم، وجعل بينهم وبينه حجابا أن يفقهوه.
فأول هذه القصة { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ} في ملكه وسلطانه وجنوده وجبروته، فصار من أهل العلو فيها، لا من الأعلين فيها.
{ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا } أي: طوائف متفرقة، يتصرف فيهم بشهوته، وينفذ فيهم ما أراد من قهره، وسطوته.
{يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ } وتلك الطائفة، هم بنو إسرائيل، الذين فضلهم اللّه على العالمين، الذين ينبغي له أن يكرمهم ويجلهم، ولكنه استضعفهم، بحيث إنه رأى أنهم لا منعة لهم تمنعهم مما أراده فيهم، فصار لا يبالي بهم، ولا يهتم بشأنهم، وبلغت به الحال إلى أنه { يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ } خوفا من أن يكثروا، فيغمروه في بلاده، ويصير لهم الملك.
{ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } الذين لا قصد لهم في إصلاح الدين، ولا إصلاح الدنيا ، وهذا من إفساده في الأرض.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن