أرشيف المقالات

التسبيح مائة مرة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2 التسبيح مائة مرة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطَّت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر))[1]، إنَّ من فضل الله، وكريم عطائه أن يكون العمل الصالح، جمع بين أمرين هما من أهم الأسباب للمواظبة عليه، أولهما: اليسر والسهولة في التنفيذ، وثانيهما: عظم الأجر المترتِّب عليه، وهما متوافران في الحديث السابق.
أخي الكريم، بين يديك هذا الحديث العظيم، وهو غنيمة عظيمة يسيرة، وهي لا تأخذ منك جهدًا ولا وقتًا غير دقيقتين تقريبًا، فهل يتأخَّر أحد عن مثل هذا أو يعجِز عنه؟! لكنه التوفيق، أو الحرمان، فكن من أهل القسم الأول، وهم الموفَّقون، واحذر أن تكون من القسم الثاني وهم المحرومون.
زبدُ البحر المذكور في الحديث السابق مضرب المثل في الكثرة، وهو ما يكون في جوانب البحر طولًا وعرضًا من آثار الموج الشديد، فلو كانت الذنوب مثله لحُطَّت عنك.
حاول عندما تقول هذه التسبيحات أن تعقدها بأناملك، حتى تكون هذه الأنامل شاهدةً لك عند الله يوم القيامة، فإنها مستنطقة.
هذا العمل هو من عمل اللسان، وكم هو جميل أن يجتمع مع عمل اللسان عملُ القلب! فهو أعلى درجات الذكر وأفضلها، فحاوِل أن تتأمَّل التسبيح عند قولك لهذا الذكر العظيم.
احرص على نشر هذا الذكر اليسير وأمثاله لعموم الناس حسب قدرتك؛ متحدثًا، أو مرسلًا، أو مكاتبًا، ولا تسأَمْ ولا تَمَلَّ، فلك مثل أجورهم.
إن تمكنت في الصباح وفي المساء أن تقول هذه التسبيحات المائة، فافعل، فهو من عظيم التوفيق؛ حيث ورد الحث عليها في الصباح والمساء؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يُصبِح وحين يُمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة، لم يأت أحدٌ يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال، أو زاد عليه))[2]، وإن لم تفعل فلا تجعل الفرصة تفوتك ولو في الصباح.
هذا الحديث على سهولته ويُسْره من أهم الأسباب لمحو الذنوب والسيئات، وهو من أوسع أبواب الكفَّارات الميسَّرة العظيمة؛ كما في حديث أبي هريرة السابق، وأيضًا هو فرصة لكسب ألف حسنة؛ كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أيعجِز أحدُكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟))، فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدُنا ألف حسنة؟ قال: ((يُسبِّح مائة تسبيحة، فيُكتب له ألف حسنة أو يُحَطُّ عنه ألف خطيئة))[3].
إن زدت على مائة تسبيحة ما كتب الله لك، فهو خيرٌ على خير، ونور على نور، ويكتب لك عند الله تعالى حسنات عديدة، واعلَم أن لكل تسبيحة غرسَ نخلة في الجنة؛ كما في الحديث؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((من قال: سبحان الله العظيم وبحمده، غُرِست له نخلة في الجنة))[4].
أخيرًا، اجعل هذا الحديث طريقًا للعمل بأحاديث أخرى، تُكفِّر بها ذنوبَكَ، وترفع بها رصيدك الأخروي، واجعَله برنامجًا يوميًّا لك في صباحك ومسائك.


[1] أخرجه البخاري في صحيحه برقم (6405) 8 /86. [2] أخرجه مسلم في صحيحه برقم (2692) 4 /2071. [3] أخرجه مسلم في صحيحه برقم (2698) 4 /2073. [4] أخرجه الترمذي في جامعه برقم (3464) 5 /511، وحسَّنه عبدالقادر الأرنؤوط في تحقيق جامع الأصول برقم (2429) 4 /380، وصحَّحه الألباني في تحقيق المشكاة برقم (2304) 2 /713.



شارك الخبر

المرئيات-١