أرشيف المقالات

قصة الرجلين: المؤمن والكافر

مدة قراءة المادة : 15 دقائق .
2قصة الرجلين: المؤمن والكافر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد: قال تعالى في سورة الكهف، بعد قصة أصحاب الكهف: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا * هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾ [الكهف: 32-44].
قوله تعالى: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا ﴾ يعني لكفار قريش في عدم اجتماعهم بالضعفاء والفقراء، وازدرائهم بهم، وافتخارهم عليهم، كما قال تعالى: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾ [يس: 13]، والمشهور أن هذين كانا رجلين مصطحبين، وكان أحدهما مؤمنًا والآخر كافرًا، ويقال: إنه كان لكل منهما مال، فأنفق المؤمن ماله في طاعة الله ومرضاته ابتغاء وجهه، وأما الكافر فإنه اتخذ له بستانين، وهما الجنتان المذكورتان في الآية، على الصفة والنعت المذكور؛ فيهما أعناب، ونخل تحف تلك الأعناب، والزروع في خلال ذلك، والأنهار سارحة هاهنا وهاهنا للسقي والتنزه، وقد استوسقت[1] فيهما الثمار، واضطربت فيهما الأنهار، وابتهجت الزروع والثمار، وافتخر مالكهما على صاحبه المؤمن الفقير قائلًا له: ﴿ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾ أي: وأمنع جنابًا، ومراده أنه خير منه، ومعناه: ماذا أغنى عنك إنفاقك ما كنت تملكه في الوجه الذي صرفته فيه؟ كان الأولى بك أن تفعل كما فعلت لتكون مثلي.
فافتخر على صاحبه ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ﴾ أي: وهو على غير طريقة مرضية ﴿ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ﴾ وذلك لما رأى من اتساع أرضها، وكثرة مائها وحسن نبات أشجارها؛ ولو قد بادت كل واحدة من هذه الأشجار، لاستخلف مكانها أحسن منها، وزروعها دارة لكثرة مياهها، ثم قال: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ فوثق بزهرة الحياة الدنيا الفانية، وكذب بوجود الآخرة الباقية الدائمة، ثم قال: ﴿ وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ أي: ولئن كان ثم آخرة ومعاد، فلأجدن هنالك خيرًا من هذا، وذلك لأنه اغتر بدنياه، واعتقد أن الله لم يعطه ذلك فيها إلا لحبه له وحُظوته عنده، كما قال العاص بن وائل، فيما قص الله من خبره وخبر خباب بن الأرت في قوله: ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ [مريم: 77- 78]، وقال تعالى إخبارًا عن الإنسان إذا أنعم الله عليه: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى ﴾ [فصلت: 50]، قال الله تعالى: ﴿ فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [فصلت: 50]، وقال قارون: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص: 78]، أي: لعلم الله في أني أستحقه، قال الله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [القصص:78].
وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 37]، وقال تعالى: ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 55-56].
ولما اغتر هذا الجاهل بما خوله الله به في الدنيا، فجحد الآخرة، وادعى أنها إن وجدت ليجدن عند ربه خيرًا مما هو فيه، وسمعه صاحبه يقول ذلك ﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ﴾ أي: يجادله: ﴿ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ﴾ أي: أجحدت المعاد وأنت تعلم أن الله خلقك من تراب، ثم من نطفة، ثم طورك أطوارًا، حتى صرت رجلًا سويًّا سميعًا بصيرًا، تعلم وتبطش وتفهم، فكيف أنكرت المعاد والله قادر على البداءة ﴿ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي ﴾ أي: لكن أنا أقول بخلاف ما قلت، وأعتقد خلاف معتقدك ﴿ هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ أي: لا أعبد سواه، وأعتقد أنه يبعث الأجساد بعد فنائها، ويعيد الأموات ويجمع العظام الرفات، وأعلم أن الله لا شريك له في خلقه، ولا في ملكه، ولا إله غيره، ثم أرشده إلى ما كان الأولى به أن يسلكه عند دخول جنته، فقال: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾ ولهذا يستحب لكل من أعجبه شيء من ماله أو أهله أو حاله أن يقول كذلك.
ثم قال المؤمن للكافر: ﴿ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ ﴾ أي: في الدار الآخرة ﴿ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ ﴾، قال ابن عباس والضحاك وقتادة: أي عذابًا من السماء، والظاهر أنه المطر المزعج الباهر، الذي يقتلع زروعها وأشجارها ﴿ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴾ وهو التراب الأملس الذي لا نبات فيه ﴿ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا ﴾ وهو ضد المعين السارح ﴿ فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ﴾ يعني: فلا تقدر على استرجاعه، قال الله تعالى: ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ﴾ أي: جاءه أمر أحاط بجميع حواصله، وخرَّب جنته، ودمرها ﴿ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ﴾ أي: خربت بالكلية، فلا عودة لها، وذلك ضد ما كان عليه أمَّل، حيث قال: ﴿ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ﴾ وندم على ما كان سلف منه من القول الذي كفر بسببه بالله العظيم، فهو يقول: ﴿ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾.
قال الله تعالى: ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﴾ أي: لم يكن له أحد يتدارك ما فرط من أمره، وما كان له قدرة في نفسه على شيء من ذلك، كما قال تعالى: ﴿ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ﴾ [الطارق: 10].
قوله تعالى: ﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ﴾ كقوله: ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 26]، فالحكم الذي لا يُرد ولا يُمانع ولا يُغالب - في تلك الحال وفي كل حال - لله الحق.
ومنهم من رفع ﴿ الْحَقِّ ﴾ جعله صفة لـ ﴿ الْوَلَايَةُ ﴾ وهما متلازمان، وقوله ﴿ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾ أي: معاملته خير لصاحبها ثوابًا، وهو الجزاء، وخير عُقبًا، وهو العاقبة في الدنيا والآخرة»[2].
وقد اشتملت هذه القصة على فوائد جمة، منها: • الاعتبار بحال الذي أنعم الله عليه نعمًا دنيوية، فألهته عن آخرته وأطغته، وعصى الله فيها، أن مآلها الانقطاع والاضمحلال، وأنه وإن تمتع بها قليلًا فإنه يحرمها طويلًا.
• «أنه لا ينبغي لأحد أن يركن إلى الحياة الدنيا، ولا يغتر بها، ولا يثق بها، بل يجعل طاعة الله والتوكل عليه في كل حال نصب عينيه، وليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده، قال تعالى: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النحل: 96]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [القصص:60].
• أن من قدم شيئًا على طاعة الله والإنفاق في سبيله عُذب به، وربما سلب منه معاملة له بنقيض قصده.
• أن الواجب قبول نصيحة الأخ المشفق، وأن مخالفته وبال ودمار على من رد النصيحة الصحيحة»[3].   • أن ما يعطيه الله الكافر ليس دليلًا على محبته ورضاه، قال تعالى: ﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 55].
• روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ، فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ»[4].
ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44].
• أن ما يعطيه الله الكافر من نعم الدنيا، إنما ذلك لهوان الدنيا عنده، وحقارتها، وابتلاء لهم وفتنة، كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20].
• أن المؤمن إذا رأى ما يعجبه من مال أو ولد أو حال، عليه أن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله؛ فإن ذلك أحفظ له من العين، وفي الآية: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾.
• «الإرشاد إلى التسلي عن لذات الدنيا وشهواتها بما عند الله من الخير، لقوله تعالى: ﴿ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ ﴾.
• الدعاء بتلف مال من كان ماله سبب طغيانه وكفره وخسرانه، خصوصًا إن فضل نفسه بسببه على المؤمنين وفخر عليهم.
• أن المسلم العاقل المقبل على كتاب ربه وسنة نبيه تدبرًا وفهمًا يدرك أن كل ما هو فيه من نعيم من صحة وعافية، ومن سعة رزق، وكثرة مال، بل حتى العلم والصلاح وغيره، إنما محض فضل من الله سبحانه وتعالى لا بفضله ولا علمه، قال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53]، وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113]، ولذا كانت عاقبة قارون وخيمة عندما قال: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص:78].
• إن ولاية الله وعدمها إنما تتضح نتيجتها إذا انجلى الغبار وحق الجزاء، ووجد العاملون أجرهم ﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾ [الكهف:44]، أي عاقبة ومآلًا»[5].   • «أن الندامة لا تنفع إذا حان القدر، ونفذ الأمر الحتم»[6].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


[1] واستوسق الشيء: اجتمع وانضم، الوسيط (وس ق). [2] البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله (2/ 572-577). [3] البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله (2/ 577). [4] (28/ 547) برقم 17311، وقال محققوه: حديث حسن. [5] تفسير الشيخ ابن سعدي رحمه الله ص620، وتدبر سورة الكهف ص80. [6] البداية والنهاية لابن كثير (2/ 577).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١