عن حلب وأخواتها، وواقعنا وآلامنا (3) - مدحت القصراوي
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
بعد أن ينطفيء حريق الغابات، ثمة بذورٌ لزهرةٍ جميلةٍ ونادرةٍ لم ينكسر غلافها إلا بهذا الحريق، لقد احتفظت ببذرتها واستغلت الألم في إيقاظ ما لم يكن يأتي إلا عن هذا الطريق..ويبدو أن إيقاظ جسدٍ كبيرٍ وعملاقٍ بحجم العملاق الإسلامي يحتاج إلى وخزٍ عميق..
من آلام مسلمي الإيجور في الإقليم الذي ابتلعته الصين إلى بورما، إلى العراق وسوريا وحلب، إلى مصر ، إلى أفريقيا الوسطى..
إلى المسلمين في الغرب الذين ظنوا أنهم آمنوا فإنهم يشهدون نمو اليمين المتطرف فلا يشعرون بالأمن، ويبدو وَهم الديمقراطية والحقوق هناك بصورةٍ ناعمة، كما بصورةٍ فجةٍ ووحشيةٍ في حلب، وأختها الموصل، ويتكرر في مدننا وأوطاننا..
إنهم يحاولون انتهاز الظرف التاريخي للقيام بأمرين
أولهما: اجتثاث الأمة وإحداث تغييرٍ ديمغرافي في العراق وسوريا وغيرها..
وتمكين الأقليات، وسيطرة الفرس الإيرانيين.
وثانيهما: إبطال أصول الإسلام وأصل عقيدته كما يحدث في مصر والسعودية وغيرهما..
لكن يبدو كذلك جريان القدر بغير لك، فالعدو لا يملك كل شيء فثمة أفراد وتيارات تغير اتجاه الأمة، واتجاه الأحداث..
إنهم يحاولون محو ما تبقى وإبطال الأصول وشطب الأمة من التاريخ، ولكنهم في الحقيقة يجرّون الأمة جرّا ويعيدونها إلى واجهة الأحداث وصدر التاريخ وإعادة تفعيل دورها ووجودها وإعادة كلمتها..
ألمٌ شديدٌ وجرحٌ عميقٌ لكنها في الجسد نفسه، والعملاق ذاته، لعودةٍ واحدةٍ في اتجاهٍ واحد، اتجاهٌ يغير التاريخ ويعيد مفقودًا يبدو أنه قد أوشك على العودة.