أرشيف المقالات

إياك وترك راية الإسلام (7) - راية الإسلام - مدحت القصراوي

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
ولما حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من فساد ذات البين، وقال أنها الحالقة، كان ذلك لما يؤدي اليه التفرق من خطر وجودي على الإسلام نفسه وعلى المسلمين كأمة، لما يؤدي إليه من:
1) التفرق والتباغض والتدابر، أو الصراع والاقتتال الداخلي بين المسلمين على رايات قبلية أو وطنية أو قومية.
2) وما يترتب على هذا من ضياع لقوة المسلمين وذهاب شأنهم..
لكن الأمر لا يتوقف على هذا بل إن التفرق والتعادي يتعدى هذا إلى ما هو أخطر..
3) فإذا بشهوة الملك والرياسة أو المال أو الشهرة أو غيرها، أو شهوة الانتقام وقوة الأحقاد الفردية، تتعدى إلى أن يقفز بعض ذوي الشهوات أو الأحقاد إلى صف العدو، صهيوني أو صليبي أو وثني أو ملحد، أو مبدلي الشرائع وأصحاب الرايات العلمانية والإباحية، فيتولونهم ويناصرونهم ويظاهرونهم (يعاونونهم) علنًا على المسلمين وعلى راية الإسلام نفسها، وتبرير هذا الموقف الدنيّ يسير على من امتلأ حقدًا وعداوة أو شهوة وانتقامًا؛ فإذا بالآيات والأحاديث والأدلة والواقع، يُتلاعب به بين أيديهم أسفه من تلاعب الصبيان، وهذا لا يغني ولا يداري ولا يبرر ولا يقلل من فساد ما وقع وآثاره المدمرة؛ أنهم والوا أعداء الله على دينهم وأمتهم وإخوانهم..
وما زلنا نعاني من سقوط العراق بتولي المسلمين للصليبيين الغربيين تحت راية الشرعية الدولية وغريها، ومن زعْم المصالح، بل وألحّت بعض القيادات العربية السنّية على الأمريكيين لغزو العراق (!!)، وثمة قيادات أخرى لمسلمين (!!) أعطتهم قواعد جوية وبحرية، وقيادات أخرى لمسلمين (!!) فتحت لهم أرضها وأعطوهم ثلثها يقاتلون منها المسلمين ويجتاحون بلادنا ويستولون على مقدراتنا ويتلاعبون بأمتنا ويسلمونها الى أعداء الأمة باختلاف مشاربهم وعقائدهم وطوائفهم..
ومن قبل ضاعت فلسطين ، وقريبًا قُسّم السودان بنفس الآفة والجريمة، وخُدع شعبنا وحدث الانقلاب بمباركات وتبريرات وسقوط في بئر ولاء الكافرين، ويستمر سقوط المسلمين السنة في العراق وسوريا بسبب الجريمة نفسها، اقرأ ثانية وتدبر {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73] وها نحن الآن في الفتنة والفساد الكبير.
ولو انحاز المسلمون إلى رأيتهم وأمّتهم وأخّروا شهواتهم الفردية وأحقادهم التنافسية لكانت فرصة للنجاة، لكنها مشاعر السوء وشهوات الدون؛ فتسقط العقائد ويضيع الدين، يخاف بعضهم من المعصية لكنه يقع في الشرك الأعظم والنفاق المهلِك والكفر المستبين، فهل ضاع الناس بسبب الإسلام وعقيدته؟ أم بسبب التفريط فيه؟! ألا يا عين فادمعي..

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير