العيش حيث رفض الآخرون! - مدحت القصراوي
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
هدف الدعاة أن يعْلم الناسُ عقيدتهم ودينهم، وأن يقيموا المؤسسات والنظام والهيكل الذي يقيم النظام الاجتماعي والسياسي الإسلامي في شكل مؤسسي وثابت، ينتظم ملايين الناس ويضمن تنامي الخير واستمراره وتوارثه، ووأْد الشر وقمعه من خلال آليات تقمع الشر في بداياته ومنابته.وسبيل ذلك أن يتعلم الناس دينهم ويفهموا حقيقته وصورة تطبيقه، وأن يقبلوه بقلوب حية، وأن يمثلوا تيارًا دافقًا يحمل المجتمع على إقامة النظام الإسلامي المحقق للعقيدة والممثل لقيمهم وأحكام دينهم وأخلاقهم.
نقول تيارًا دافقًا لأنه لا يشترط أن يشمل الاقتناع جميع المجتمع بل ما يمثل تيارًا حاملًا لغيره، ويحقق قوة تقيم النظام وتحميه.
وتبقى الدعوة مستمرة لنجاة الناس وإصلاحهم وتزكيتهم مما يعْلق بهم، ولاستمرار وجود العناصر الصالحة لحفظ الإسلام وأهله ومقدراتهم.
إن الإسلام يربي أهله ألا يرضوا بالمذلة ولا يأنسوا للتبعية فالوجود على هامش الحياة حالة استثنائية؛ إذ إن الإسلام جاء ليسود وينظم الحياة على وفق عقيدته وأحكامه، وتصوراته وقيمه وأخلاقه.
أما (مهنة) الدعوة بجانب الطغاة و(رفض) محاولات الخروج من المذلة فهي حالة شاذة لا ترتضيها إلا حالات نفسية وعقلية (شاذة) ونفوس وعقول (تالفة)؛ حتى ولو كثرت أعدادها في البيئات الفاسدة كالبيئة المعاصرة.
لقد دعا الإسلاميون بعد يناير أن يختار المجتمع هويته ونظامه، وأن يكون للعلمانيين والليبراليين دورهم في إطار هوية المجتمع واختياره، وأن يحيا المسيحيون في كنف نظام يحترم عقيدتهم وشراكتهم ويحترمون هُم النظام والهوية.
كذلك طالبت الثورة ـوافترضت بدون شوكةـ أن يحترم الجيش الشعب وإرادته وحريته واختياره لنظامه الذي يمثله.
رفض هؤلاء جميعًا في اعتزاز وفخرٍ، بطرًا ورئاء الناس، وانحيازًا للفساد والحقد والشر والعمالة!
بينما عندما انقلبت الأوضاع، رضي بعض رموز الإسلاميين وأصحاب الشهرة أن يعيشوا حيث رفض الآخرون! مع التغطي بكلام للسلف في غير محله، يوجد من النصوص فيما يتناول حالنا ما هو أصرح منه ويقول بخلافه.
إنها ليست مشكلةً شرعية؛ بل مشكلة نفسية وأخلاقية؛ مشكلة الرضا بصفقة الدون، والقدرة العجيبة على التكيف معها باختلاف الظروف والأوضاع، بل والقدرة على إخضاع الملايين معهم!