أرشيف المقالات

من نبيك؟ - أحمد رشيد

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
سؤالٌ تُسألُ عنه في قبرك حين تكون وحيداً فريداً لاأنيس ولا جليس، من نبيك؟
نبيي محمدٌ بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ولد يتيماً وذاق مرارة اليتم، عصمه الله في صباه فلم يتورط في معصية قط، حبب إليه الخلاء فكان يخلو بربه في غار حراء، نزَل عليه جبريل الأمين بكتابٍ عظيمٍ معجزٍ للثقلين الإنس والجن جميعاً، فكانت أول آية نزلت منه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1].
تنزل آية: {اقْرَأْ} علي رجل لا يقرأ ولا يكتب لكنه علَم العالم وأبهر الفلاسفة والمنطقيين، جاء بالتوحيد الخالص فحطم الأوثان والأصنام في قلوب العرب قبل أن يهدمها علي أرض الواقع وأمام الناظرين.
من نبيك؟
إنه محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم الذي أمرنا بعبادة الله وترك عبادة الاصنام، وأمرنا بالصدق والعدل والرحمة وجميل الأخلاق كلها، ونهانا عن الشرك والظلم وقبيح الأخلاق كلها، عاداه أهله وقومه فأيده الله بالمعجزات فانشق له القمر، وظللته الغمامة وسبح بين يديه الحجر، ونبَع الماء من كفيه وسلَم عليه الشجر،
فكان أتباعه يزيدون ولا ينقصون وفي المعارك يتقدمون ولا يتأخرون.
أثني عليه ربه وشهد لأصحابه فقال تعالي: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح:29].
وصار اسمه يرفع فوق المآذن مقرونا باسم الله كل يوم خمس مرات: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله)، فهل شهدت لرسول الله صلي الله عليه وسلم؟
فمن شهد له بلسانه، وصدق بقلبه، وإتبعه فيما أمر، واجتنب ما نهي عنه وزجر، أجاب بطلاقةٍ حين يسأل في قبره :من نبيك؟
قد يعترف إنسان لرسول الله في الدنيا ، وربما ملأ الدنيا وعظا لكنه في قبره لا يستطيع نُطقاً ولا جواباَ، منعه النفااااااااق، ولا يدخل أحد جنة الله جل وعلا إلا إذا شهد للنبي بالرسالة ولجميع الأنبياء والمرسلين.
قال  تعالي: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: جزء من الآية 285].
وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» (رواه مسلم: 222) .
هذا هو نبيي صلَي الله عليه وسلَم الذي مهما كتبت عنه فلن أُحصي شمائله ودلائل نبوته.
ومن عَجب أن يُخرِجه رجال قريشٍ من بلده التي فيها وُلِد، وعلي تُربتها نشأ، ثم هم يقفون حوله بعد عشر سنواتٍ في حجة الوداع ليأخذوا منه المناسك، وليتعلموا منه الدين.
ويقيم عليهم الرسول صلي الله عليه وسلم الحجة بقوله: «إنكم ستلقون ربكم فماذا أنتم قائلون عني؟» (حجة الوداع) ، يقولون: يارسول الله نشهد أنك بلغت وأديت.
والأعجب من ذلك أن يشهد لرسول الله المنصفون من المستشرقين وأصحاب العقول حتي قال أحدهم: إن العالم اليوم بحاجة الي محمد بن عبدالله!
فاللهم إنا نشهد أنه بلغ الرسالة، وأدَى الأمانة، ونصح الأمة.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن