أرشيف المقالات

أحب الناس إلى الله

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2أحب الناس إلى الله   الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ، أَحَبُّ إليَّ من أن أعتكِفَ في هذا المسجدِ – يعني: مسجدَ المدينةِ - شهرًا، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه، ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له، ثبَّتَ اللهُ قدمَيْه يومَ تزولُ الأقدامُ)).   المصدر والتخريج: • الراوي: عبدالله بن عمر. • المحدث: الألباني. • المصدر: صحيح الترغيب. • الصفحة أو الرقم: 2623. • خلاصة حكم المحدث: حسن لغيره. • التخريج: أخرجه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (6026)، وأبو الشيخ في ((التوبيخ والتنبيه)) (97)، وقوام السنة؛ الأصبهاني كما في ((الترغيب والترهيب))؛ للمنذري (3/265)، واللفظ له.   المعنى: • أوضح النبي صلى الله عليه وسلم في مطلع الحديث بشكلٍ مُجمل ابتداءً أن أحبَّ الناس إلى الله عز وجل هم أنفعهم للناس بأي نفع فيه خير لهم في دينهم ودُنْياهم، فنفع الإنسان لنفسه أمرٌ جُبِلَ عليه، وهو أمرٌ غريزي مُتأصِّل في النفس البشرية، فليس التحدِّي الذي أنت أمامه هو أن تنفع نفسك، فهذا مَقبولٌ مُعتاد؛ ولكن التحدِّي أن يتخطَّى النفع حاجز نفسك ليكون للناس من حولك.   • ثم عدَّدَ النبي صلى الله عليه وسلم أعمالًا مخصُوصة تندرج تحت هذا المضمون المجمل؛ كإدخال السرور على مسلم، أو كشف كربة عنه، أو قضاء دينه، أو منع جوعه، وكلها أمورٌ، كلٌّ منَّا يستطيع أن يفعلها على قدر إمكانيَّاته، فقد يستطيع أحدُنا أن يقدمها لفرد، وقد يستطيع آخر ممَّن فتح الله عليهم أن يُقدِّمها لأعداد لا حصر لها، وكلٌّ على قدر جُهده واجتهاده ومُقاومة نفسه وهواه والشيطان، والذي ينظر إلى هذه الأمور: (إدخال السرور، وكشف الكربة، وقضاء الدين، ومنع الجوع) يعلم أنها ليست أمورًا آثارها يسيرة، فهي أمور تُخرج من عانى منها من الضيق والإرهاق والمَهلكة النفسية والاجتماعية إلى رحاب الفرج من كل ذلك، تُخرج من عانى منها من ظُلمة الذُّل والانكسار إلى نور العزة والثقة بالنفس.   • ثم انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى التعميم مرة أخرى؛ ولكن هذه المرة تعميم منغمس في مفاضلة تحفيزية؛ حيث قال: ((ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ، أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ - يعني: مسجدَ المدينةِ - شهرًا)) أراد النبي صلى الله عليه وسلم ترسيخ مفهوم أن عبادتك بنفسك مهما بلغت من الفضل، فهناك فضل على هذا الفضل؛ وهو أن تسعى في قضاء حوائج الناس.   • ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ومن كظم غيظَه، ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه، ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا))؛ لأن كظم الغيظ في القلب أمرٌ يحتاج إلى نفس قوية، قادرة على وَضْعِ ماء الرِّضا - ولو كانت مُرغمة - على نار الغيظ، كان الجزاء من جنس العمل؛ بأن يملأ الله هذا القلب يوم القيامة بالرِّضا، فهذا الوقت والمكان، القلب فيه أحوج ما يكون للرِّضا.   • ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم ليقول: ((ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له، ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ))؛ ليكون الساعي على قضاء الحاجة لأخيه، حريصًا على قضائها بقدمٍ ثابتة؛ لينال بهذا الفعل كامل الأجر، بأن يُثبِّت الله عز وجل قدمَه التي كان يسعى بها لقضاء حوائج الناس يوم القيامة.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢