20 وسيلة ليوم مليء بالحيوية والنشاط
مدة
قراءة المادة :
12 دقائق
.
يؤدى نشاطنا خلال النهار إلى الإرهاق، ويسمم أجسادنا.. والنوم خلال الليل يساعدنا على إزالة آثار تلك السموم، فهو ينعش أعصابنا، وينزع السموم المتراكمة فى أجسادنا وأذهاننا، ويساعدنا على إعادة بناء التوازن الذى اختل نتيجة الإرهاق طوال النهار، وبهذا المفهوم يعد النوم آلية للدفاع عن الجسم، وصورة من صور "غريزة المحافظة على النفس" ، ولهذا حثت السنة النبوية المطهرة على النوم المبكر، ورد فى مسند الإمام أحمد قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «لا سمر بعد الصلاة - يعنى صلاة العشاء - إلا لأحد رجلين: مصل أو مسافر». فالنوم الذى وصفه أجدادنا بقولهم (النوم سلطان) ..
أى أن له سلطانًا لا يقهر، لم يعد فى عصرنا سلطانًا، بل ضيفًا عزيزًا يمر مرور الكرام فى عصر القلق والأرق الراهن؛ إذ يبدو أنه قد فقد سلطانه، وتجرد من كامل سطوته بظهور الكهرباء، والتلفاز، والهاتف النقال، وكافة وسائل الإزعاج الأخرى، وبضياع سلطان النوم هذا بتنا نحن سكان المدن العمرانية الحديثة فى حاجة ماسة وحقيقية لأن نتعلم عادات النوم من جديد، فالنوم ضرورة، لكنه أيضًا "مهارة"، وفن، ورد فعل مكتسب، ولهذا يمكنك أن تبدأ معنا من جديد فى إعادة تعلم فن النوم وضبط الساعة البيولوجية، لنشترى راحتنا النفسية والبدنية على حد قول الشاعر العربى القديم: ألا من يشترى سهرًا بنوم سعيد من ينام قرير عين سنة القيلولة وقد أجمعت الدراسات الأكاديمية على أن دورة الطاقة الحيوية للجسم تصل إلى ذروتها مرتين خلال 24 ساعة، تفصل بينهما 12 ساعة، وأن درجة الحيوية فى الجسم تصل إلى أعلى معدلاتها متدرجة فى الإيقاع بدءًا من الساعة الرابعة صباحًا - متوافقة مع صلاة الفجر - لتعادل ذات الدرجة من الحيوية فى الساعة الرابعة بعد الظهر - متوافقة تقريبًا مع صلاة العصر - وإن ذروة الطاقة تكون فى الجسم فى الفترة الزمنية بين الرابعة صباحًا إلى الحادية عشرة ظهرًا، وهى تماثل إلى حدٍ ما درجة الحيوية البيولوجية للفترة ما بين الرابعة بعد الظهر وحتى الثامنة مساءً - وإن كانت هنا أدنى نسبيًا. والتبادل فى الارتفاع والهبوط لا يحدث فجأة، ولكن بشكل تدريجى تكون بدايته فى الرابعة صباحًا ليتدرج صعودًا ليصل إلى أعلى درجات الحيوية فى الساعة 10 أو 11 على أكبر تقدير "فترة تفريغ الطاقة"، والتى يستمر فيها بذل أعلى المجهودات على مدى 6 - 7 ساعات، ثم تهبط درجة الحيوية تدريجيًا لتصل أدنى درجاتها فى الساعة 2 بعد الظهر "فترة التعبئة والتجديد" بحيث يكون الجسم بحاجة إلى الغذاء، والحصول على الراحة، وهنا نفهم سنة الإعجاز النبوى بالقيلولة فى فترة الظهيرة. بعد ذلك يبدأ خط الطاقة الحيوية بالارتفاع التدريجى لعمل دورة جديدة تستمر من 3 - 4 ساعات، لكن درجة الحيوية هذه المرة لا تعادل تمامًا ما كانت عليه ذروة الطاقة خلال الدورة الصباحية، ثم يعود خط الطاقة الحيوية للهبوط مرة أخرى حوالى الساعة 8 أو 9 مساءً عقب صلاة العشاء لتظهر بوضوح فى الساعة 11 - 12 مساءً؛ بحيث يكون الجسم فى أشد الحاجة إلى النوم والراحة؛ حيث يصل خط الطاقة الحيوية إلى أدنى معدلاته فى الساعة الثانية ليلاً "فترة تعبئة الطاقة والتجديد"؛ حيث تبدأ دورة جديدة للطاقة وهكذا. والحقيقة أننا لسنا وحدنا أصحاب ذلك الإيقاع اليومى، فمن المعروف أن كثيرًا من فصائل الحيوانات تهاجر وتتزاوج طبقًا لمواعيد زمنية ثابتة فى فصول من السنة، وكذلك هجرة الطيور شمالاً وجنوبًا تتحدد بأوقات زمنية معينة من السنة.
بل والنباتات أيضًا، فمعظم النباتات تتفتح أزهارها لتستقبل النحل والفراشات فى مواقيت نهارية محددة، ولعل سلوك نبات دوار الشمس يقترب من الترجمة الحرفية للإيقاع اليومى فى عامل النبات، وحتى الفطريات، والحيوانات الأولية يبدو من رصد نشاطها أنها تميز بين الليل والنهار.
اختلال الساعة أرق..
اكتئاب..
تعب وعندما تختل الساعة البيولوجية تظهر بعض الأعراض منها: 1- اضطراب دورات النوم واليقظة: بارتباك شديد؛ حيث يصاب البعض بالحاجة إلى النوم فى وقت مبكر جدًا من الليل، ثم يستيقظون بعد منتصف الليل لتبدأ معاناة انتظار الصباح، بينما يحدث العكس عند فريق من الناس؛ حيث يجدون صعوبة شديدة فى النوم، ويعتبرون أنفسهم من ضحايا الأرق، فلا يصل النوم إلى عيونهم إلا بعد منتصف الليل أو قرب الفجر، ويترتب على ذلك صعوبة شديدة فى الاستيقاظ صباحًا للذهاب إلى العمل أو الدراسة. 2 - الأرق والتوتر العصبى: يولد اضطراب هذه الساعة الأرق الذى يؤدى بدوره إلى الشعور بالتعب، وتقلب المزاج، والانهيار العصبى، والتوتر، وردود الأفعال العصبية، وما يؤدى إلى انخفاض مستوى الإنتاج العمليّ والفكريّ.
3 - الاكتئاب: يعكس الاكتئاب النظام الشاذ فى إيقاع الساعة البيولوجية، فشذوذ نمط النوم يؤدى إلى الاكتئاب، وقد أشارت بعض التجارب على الحيوانات إلى أن مضادات الاكتئاب المعتادة لها فعالية فى تغيير إيقاع الساعة البيولوجية. 4 - الشعور بالتعب لأقل جهد وأدنى حركة: من الواجب أن ينجح نومنا فى إبطال تأثير جميع السموم التى ينتجها الإرهاق اليومى فى أجسامنا، فالنوم يجب أن يكون رد الفعل الطبيعى للجسم المسمم بالإرهاق الطبيعى، فإذا لم يتم ذلك بالفعل، يختل التناسق الوظيفى للجسم، وتضطرب عملية الاحتراق الغذائى، وهو ما يشعر الإنسان بالتعب لأقل مجهود. لهذا ينصح الأطباء الطلاب والدارسين - بصفة خاصة - بضرورة احترام ساعة أجسامهم البيولوجيّة للحصول على أفضل عمل مليء بالإنتاجية، فالقدرات الفكرية والذهنية تتبع نمطًا محددًا على مدار اليوم، وبالتالى فمعرفة الوقت المناسب للنشاط الفكريّ الذهنيّ المثاليّ يساعد الطلاب بشكل خاص على استيعاب المعلومات وحفظها بسهولة أكبر. اضبط الساعة البيولوجية حتى نتخلص من مشكلة اضطراب النوم يتوجب إعادة ضبط الساعة البيولوجية المنظمة للنوم، وينصح الأطباء المعالجون باتباع برنامج دقيق وقاس نسبيًا لكنه ضرورى لاستعادة الحيوية، وأيضًا ضرورى لئلا نقع فريسة الأرق مجدّدًا. 1- قدم ساعة نومك ساعة واحدة، أو ساعتَين، أو ثلاث ساعات كلّ يومَين أو ثلاثة أيّام، وبعد مرور أسبوعين أو ثلاثة أسابيع ستتمكن من النوم فى الساعة 11.
2 - انهض من فراشك فى الساعة السابعة، وإن كنت قد غفوت عند الرابعة صباحًا. 3 - استحم بماء يميل إلى البرودة. 4 - اخرج من المنزل لممارسة رياضة المشى فى الهواء الطلق لمدة ساعة تعود بعدها إلى المنزل. 5 - استحم مرة ثانية بعد عودتك للبيت مباشرة. 6 - تناول كمية محددة من الحلويات وكوبًا من الحليب البارد والمحلى. 7- تحاش الإحساس بالدفء داخل المنزل.
8 - حاول أن تمارس أيّ نشاط يتطلّب جهدًا عضليًّا، يمكنك البدء ببعض الأعمال التى تحتاج إلى حركة، ثم الانتقال لعمل يدوى مثل الزخرفة، أو التريكو، أو أى هواية على أن تنتظم فى ممارستها. 9 - لا تسمح لنفسك بالتمدّد ولو دقيقة واحدة بالرغم من التعب والنعاس، بل واصل عملك إلى أن يحين موعد الغداء. 10 - تناول الغداء على مهل.
11 - استلق لمدّة 30 دقيقة فقط. 12 - عد بعدها لمزاولة العمل حتى الساعة الخامسة. 13 - اخرج من المنزل من جديد للتجول والمشى بالرغم من التعب الشديد والنعاس. 14- عد إلى المنزل فى الساعة السابعة. 15 - واصل العمل من جديد حتى الثامنة. 16- استحم بالماء الفاتر بعدها يتم تناول العشاء. 17 - لا تتمدد قبل الساعة العاشرة إلا حين عدم القدرة على المقاومة. 18 - توجه للنوم فى غرفة لا تتعدى حرارتها 19 درجة مئويّة.
19 - ثبت عمليّة هذه الساعة البيولوجيّة التى تحتاج إلى شهر كامل. 20 - تأكّد من انتظام دورة النوم واليقظة لديك، وهى مرحلة تدوم أسابيع. هذه العمليّة التى تبدو سهلة التطبيق، هى فى الحقيقة شاقة جدًّا فى الأسبوع الأول، وستشعر بالإرهاق الشديد فى ساعات الصباح الأولى، وفى فترة بعد الظهر، وكثيرًا ما سينتابك الغثيان، وفقد القدرة على الإمساك بالسكّين أو الشوكة أثناء تناول طعام الغداء؛ لأنّ يديك ترتجفان.
وقد تحتاج إلى أسبوعين كاملين لاستعادة نشاطك، وثلاثة أسابيع لاستعادة نومك الطبيعيّ.
لكن، مع نهاية الشهر الثانى من العلاج ستنتظم ساعتك البيولوجيّة بشكل دقيق. كما أن المواظبة على تأدية الصلاة فى أوقاتها المحددة تدربك على الالتزام، وتنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ، وبذلك تكسب شيئًا من الحسنات والأجر، وتجمع إلى راحة الجسم والعقل سكينة الروح وبهاء العبادة. وعندما نستعرض آيات تعاقب الليل والنهار فى كتاب الله نجد أنها قد ذكرت فى اثنين وعشرين موضعًا، وغالبًا ما قرنت هذه الآيات بطلب من الله تعالى للتفكر فيها، وبخصوص الآيات التى ذكر فيها تعاقب الليل والنهار فى سورة آل عمران {إن فى خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب} (آل عمران: 190)، قال (صلى الله عليه وسلم): «ويل لمن قرأها ولم يتفكر بها». والقرآن الكريم يحدثنا عن نعمتى الليل والنهار، ويخصص الليل للسكن والراحة، والنهار للعمل والنشاط، فيقول: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ} (القصص: 71-72). ويبدو جليًا أن هذه اللفتات الإعجازية تتناول تنظيم الإيقاع البيولوجى للجسم، وتضمن تناسق النشاط البدنى والذهنى للمسلم، مع إيقاع هذه الساعة البيولوجية العجيبة!!