أرشيف المقالات

خطوة قبل الفراق - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
إذا ما وصلت راحلة الزوجين إلى طريق مسدود وقبل أن تقف القاطرة بلا حراك في محطتها الأخيرة محطة الفراق وضع الشرع المطهر آلية لمحاولة الإصلاح وجبر الكسر ولم الشمل وهي تحكيم طرفين صالحين مصلحين عاقلين لديهما القدرة على وزن الأمور والحكم بالأصلح على أن يستمعا للزوجين ويتوافقا على الحكم بينهما مع تقديم خيار الإصلاح على  خيار الفراق وعلى أن يكون الحكمين ممثلين للطرفين من كل طرف حكم حتى لا يتهما بالميل لأحدهما .
قال تعالى :
{ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا }   النساء 35.
قال السعدي في تفسيره : أي: وإن خفتم الشقاق بين الزوجين والمباعدة والمجانبة حتى يكون كل منهما في شق { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا } أي: رجلين مكلفين مسلمين عدلين عاقلين يعرفان ما بين الزوجين، ويعرفان الجمع والتفريق.
وهذا مستفاد من لفظ "الحكم" لأنه لا يصلح حكما إلا من اتصف بتلك الصفات.
فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه، ثم يلزمان كلا منهما ما يجب، فإن لم يستطع أحدهما ذلك، قنَّعا الزوج الآخر بالرضا بما تيسر من الرزق والخلق، ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح فلا يعدلا عنه.
فإن وصلت الحال إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما إلا على وجه المعاداة والمقاطعة ومعصية الله، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح، فرقا بينهما.
ولا يشترط رضا الزوج، كما يدل عليه أن الله سماهما حكمين، والحكم يحكم ولو  لم يرض المحكوم عليه، ولهذا قال: { إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } أي: بسبب الرأي الميمون والكلام الذي يجذب القلوب ويؤلف بين القرينين.

أبو الهيثم
 

شارك الخبر

المرئيات-١