يسر الإسلام وسماحته
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
يُسرُ الإسلام وسماحته﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾
(لم يكن هذا الدين للشقاء والعذاب والآلام، إنه رحمة، ورسوله رسول الرحمة، وهو نعمة، ونعمة كبرى، ولذلك كان يسراً، وينبغي للعاملين بالإسلام أن يفقهوا هذا اليسر ويتعاملوا معه.
فلا يظن ظانٌّ أن اليسر يعني الانفلات من قيود الشرع والتعدي على حدود الله، فذلك ليس يسراً، بل هو غش.
إن اليسر هو التزام بأحكام هذا الدين كما أرادها رب العالمين، ثم التعامل مع هذه الأحكام والتشريعات وفق منهج اليسر، الذي نتبين معالمه من خلال المنهج النبوي الكريم)[1].
يظن ضعاف النفوس ومتبعو الهوى، أن تذكير الناس بالأمور المحرمة عليهم في الدين لاجتنابها، من التشدد في الدين، والتنطع والمغالاة التي تنافي روح الدين السمحة! وهذا لا شك من الجهل بالدين؛ لأن الله وحده هو الذي يحلل ويحرم، نعلم ذلك من كتابه الكريم أو لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن أشكل على أحد منا شيء بعد ذلك فعليه أن يسأل أهل العلم الثقات، أهل الورع والتقوى.
ولذلك فإن من يسلك هذا الطريق ليس بمتشدد وإنما مستقيم على دين الله تعالى، وبعيد كل البعد عن الغلو والتشدد الذي نهى عنه الإسلام.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين))[2].
وقال أيضًا: ((إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين))[3].
وقال أيضًا: ((يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا))[4].
وقال أيضًا: ((هلك المتنطعون))[5] قالها ثلاثًا.
وقال أيضًا: ((إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة))[6].
والتشدد في حقيقة الأمر: هو الغلو في الشيء؛ لذا فإن تحريم شيء ثابت بالكتاب والسنة لا يعد تشددا أو غلوا كما يفهم ضعاف الإيمان من الناس.
وإذا أردنا أن نجلي حقيقة الأمر ونضع النقاط على الحروف نقول: إن الذين يغالون في احترام العقل وتقديسه حتى يقدمونه على كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم هم المتشددون.
أما من يقدم طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم على طاعة مخلوق أو اتباع هوى أو غيرهما، فإنما هذا هو المستقيم على شرع الله، الذي يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك الذين يبالغون في أخذ نصيبهم من الدنيا على حساب الدين، قد تشددوا في جانب على حساب جانب.
أما من يعدل ويوازن فيأخذ من الدنيا ما يستعين بها على طاعة الله، ويتمتع بما أحل الله تعالى له في الدنيا من الطيبات دون سرف أو خيلاء، فهو المستقيم على شرع الله، الذي يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
لذا فإني أرجو ألا يظن أحد أننا بذكرنا لجملة من الأمور المحرمة، أن هذا نوع من التشدد والمغالاة في الدين لأنه يخالف هواه أو شهوته، وإنما نجعل الضابط عندنا هو النص الشرعي في ذلك بفهم أهل العلم الثقات.
[1] خصائص الشريعة الإسلامية - للدكتور عمر الأشقر، (ص69).
[2] حديث صحيح أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه، وغيرهم (صحيح الجامع برقم 2680).
[3] حديث صحيح أخرجه أبو داود والترمذي (صحيح الجامع برقم 2350).
[4] أخرجه البخاري ومسلم (صحيح الجامع برقم 8087).
[5] رواه مسلم وغيره.
[6] أخرجه البخاري وغيره.