من مشاهد الإيمان في رمضان- مشهد القرب من الله تعالى - عادل يوسف العزازي
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين لقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: «أنا عند ظن عبدي بي، إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر، ومَن تقرَّب إلي شبرًا تقرَّبتُ منه ذراعًا، ومن تقرَّب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومَن أتاني يمشي أتيته هرولاً».وفي شهر رمضان يتحقَّق في العبد أسباب القرب إلى الله عز وجل:
أولاً: قربه بتشريف الله عز وجل له؛ حيث اختصَّ الصوم عن غيره من العبادات.
وقد اختلف العلماء في معنى قوله: «الصوم لي» على أقوال: أَخصُّها أن الصوم لا يقع فيه رياء كما يقع في غيره.
قال الإمام أحمد: "لا رياء في الصوم".
"مَن صفَّى صفِّي له، ومَن كَدَّر كُدِّر عليه، مَن أحسن في ليله كوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله، وإنما يٌكال للعبد كما كال" (من كتاب نداء الريان للدكتور سيد حسين عفاني).
ثانيًا: القرب إلى الله عز وجل بالصوم، فإن الصائم قد تقرَّب إلى الله بما يُوافِق صفاته وصفات ملائكته.
قال الحافظ ابن حجر: "والاستغناء عن الطعام والشراب وغيره من الشهوات من صفات الرب - جل جلاله - فلما تقرَّب الصائم إليه بما يُوافِق صفاته أضافه إليه".
وقال القرطبي: "إن أعمال العباد مناسبة لأحوالهم إلا الصوم فإنه مناسِب لصفة من صفات الحق، كأنه يقول: إن الصائم يتقرَّب إليَّ بأمر هو متعلِّق بصفة من صفاتي"، وكذلك المعنى بالنسبة للملائكة؛ لأن ذلك من صفاتهم.
ثالثًا: القرب بالدعاء، فقد ذكَر الله عز وجل آية الدعاء مع آيات الصوم، فقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].
رابعًا: القرب بكثرة النوافل: ففي رمضان تُشرَع التراويح، وقد ثبت في صحيح البخاري من الحديث القدسي قال الله عز وجل: «ما تقرَّب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إلي بالنوافل حتى أُحِبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يُبصِر به ويده التي يَبطِش بها ورجلاه التي يمشي بها».
خامسًا: القرب وقت السحر : وهو وقت النزول الإلهي، حيث ينزل ربُّنا إلى سماء الدنيا فيقول: «هل مَن سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأقْبَل توبتَه، هل من مستغفرٍ فأغفر له».
وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وملائكته يُصلُّون على المتسحِّرين».
سادسًا: القرب بتلاوة القرآن: وهو أجلُّ القربات إلى الله عز وجل قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر:23].
فهنيئًا للصائم قُرْبه من مولاه، وحُقَّ له أن يفرح بعبادته ربه يوم فِطره، حيث أَتمَّ العبادة، وبُشرى له يوم الفرح الأكبر عند لقاء ربه، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ .
إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [ القيامة :22-23].
موعظة:
يا كثير الكلام حسابك شديد، يا مؤثِرًا ما يضره ما رأيك سديد، يا ناطقًا بما لا يُجدي ولا يفيد فقد قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18].
كلامك مكتوب، وقولك محسوب، وأنت يا هذا مطلوب، ولك ذنوب وما تتوب فقد قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18].
أتظنُّ أنك متروك مُهمَل، أم تَحسب أنه يُنسى ما تعمل، أو تعتقد أن الكاتب يغفُل، يا قاتلاً نفسه بكفه لا تفعل، يا من أجله ينتقص ولا يَزيد فقد قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18].