لماذا أشعر بثقل أثناء الصلاة ولا أجد فيها الخشوع؟
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
لماذا أشعر بثقل أثناء الصلاة ولا أجد فيها الخشوع؟كثيرًا ما نسأل هذا السؤال، وإجابته كانت في ورد اليوم أثناء قراءتي له ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 45، 46]، وكان مكتوبًا في معاني الكلمات "يظنون: يوقنون" [1].
أحد الكفار أثناء تعذيبه للمسلمين في بداية الدعوة في مكة كان متعجبًا ويقول: "وليس الخبر كاليقين!".
هذه الكلمة توضِّح الفَرْق الجوهريَّ بيننا وبينهم؛ فاليقين الأكيد عنده هو الدنيا، حيث المؤمنُ يُعذب كما يرى، والخبر أنه قد تكون هناك آخرة وحساب؛ لكن نحن نؤمن بعكس ذلك؛ حيث اليقين الأكيد - وهو عندنا أكثر من يقين وجودنا في الدنيا - هو الجنة، ولذلك الصحابة رضي الله عنهم صبروا صبرًا عجيبًا تعجَّب منه الكفار!
نحن موقنون أن الجنة موجودةٌ حاليًّا، والمباني فيها تزيد مع كلِّ طاعةٍ جديدة نفعلها؛ كما ننظر للسماء ليلًا فنجد نجومًا فنتأكد من وجودها حقًّا...
الجنة أيضًا حقٌّ كذلك، كما توقن أنت الآن من قراءتك لهذا المقال - وهذه حقيقة لا تقبل الشك - فإن الآخرة أيضًا حقيقةٌ لا تقبل الشكَّ، وأثناء كل عمل أعمله، أو كلمة أقولها كأني حاضر في الآخرة، وأرى جزاء الله لي عليها.
بغير ذلك اليقين سيُحدِث ما حدث مع اليهود في الآيات التي قرأتها في نفس الورد: ﴿ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ [البقرة: 41]؛ فقد كانوا متعلِّقين بالدنيا بقوةٍ فظنُّوا أن المقابل الدنيويَّ - بعد كفرهم بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم - أكبرُ وأهمُّ من قيمة الآيات التي أُنْزلت عليه، فذكَّرهم الله أن العكس هو الصحيح؛ ليكون ذلك توضيحًا لنا أيضًا أنه لا ينبغي لنا أن نتعلَّق بالدنيا لدرجة تؤثِّر على حقيقية وجودنا في الآخرة، وتؤثِّر على تعلُّقنا بالنبيِّ وبالقرآن، ويكون حالنا حينها عكسَ ما أراد الله حين قال: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38]، وفي معاني الكلمات "ولاهم يحزنون: على ما فاتهم من الدنيا".
فحين نشعر حقًّا بقيمة الإسلام والقرآن والنبيِّ، ونعيش بحالةِ مَن رأى جزاءَ الآخرة واكتفى به، حينها لن نحزن على ما فاتنا من الدنيا، ولن تؤثِّر الدنيا أبدًا على صِلَتِنا بالله؛ فندخل الصلاة بقلوبٍ يقظة قادرةٍ على الوصول للخشوع.
[1] مرجع: معاني الكلمات: مصحف الميسر في غريب القرآن.