من الدرر البازية: فوائد متفرقة
مدة
قراءة المادة :
10 دقائق
.
من الدرر البازية: فوائد متفرقة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
ففي مصنفات العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله الكثير من الفوائد في موضوعات مختلفة، وقد يسَّر الله الكريم فجمعتُ شيئًا منها، أسأل الله أن ينفع بها، ويبارك فيها.
شياطين الإنس أشدُّ من شياطين الجن، وقد يزدادون في رمضان:
سئل الشيخ: هل يكبل شياطين الإنس في رمضان؟ فأجاب رحمه الله: ما بلغني، والواقع يشهد بأنهم قد يزدادون في رمضان، وشياطين الإنس أشد من شياطين الجن، فشياطين الجن تذهب بالاستعاذة، ويشهد لذلك أن الله ابتدأهم: ﴿ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ﴾[الأنعام: 112].
الأسباب المؤدية إلى التحلي بالأخلاق الإسلامية:
الذي يؤدي إلى ذلك هو الإكثار من قراءة القرآن وتدبر معانيه، والاجتهاد في التخلق بما ذكر الله في القرآن الكريم من صفات الأخيار من عباد الله الصالحين، فذلك مما يعين على التخلق بالأخلاق الفاضلة، وهكذا مجالسة الأخيار ومصاحبتهم، وقراءة الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على ذلك، وهكذا تدبر أخبار الماضين في السيرة النبوية وفي التاريخ الإسلامي من صفات العباد والأخيار، كل هذه تعين على التخلق بالأخلاق الفاضلة والاستقامة عليها، وأعظم ذلك القرآن والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه بقلب حاضر ورغبة صادقة.
من قاد السيارة بسرعة فصدَم أحدًا:
سئل الشيخ: هل يدخل في الإلقاء إلى التهلكة من يقود السيارة بسرعة، فيصدم أحدًا؟
فأجاب رحمه الله: هذا ليس ظالِمًا لنفسه فقط، بل هو مجرم وظالم، فإذا أسرع السرعة التي يخشى منها، أو تساهل في السير بالتحدث مع أصحابه وما يبالي، أو يقود وفيه شيء من النوم، كل هذا لا يجوز، بل يجب عليه أن يحذر من هذه الأشياء؛ لأنه لا يضر نفسه فقط، ولكن يضر الناس أيضًا، ولا شك أن هذا من قبيل التهلكة، ومن الظلم للناس، ومن العدوان عليهم، فقد جمع بين أسباب الظلم وبين إلقاء نفسه في التهلكة، نسأل الله العافية.
قراءة القرآن في البيوت من أسباب وجود البركة فيها وقلة الشياطين:
القراءة في البيوت والصلاة فيها من القربات، ومما يحبُّه الله عز وجل، وهي سبب من أسباب وجود البركة في البيت، ومن أسباب قلَّة الشياطين فيها؛ لأنها تنفر من سماع ذِكر الله، فهي تكره سماع الخير وتحبُّ سماع الشر، فكلما كان أهل البيت أكثر قراءةً للقرآن، وأكثر مذاكرةً للأحاديث، وأكثر ذكرًا لله وتسبيحًا وتهليلًا، كان أسلم من الشياطين وأبعد منها، وكلما كان البيت مملوءًا بالغفلة، وأسبابها من الأغاني والملاهي والقيل والقال، كان أقرب إلى وجود الشياطين المشجعة على الباطل.
البيت الذي تسوده المحبة له أثره على الرجل في مستقبل حياته:
مما لا شك فيه أن البيت الذي تسوده المودة والمحبة والرأفة والتربية الإسلامية، سيؤثر على الرجل، فيكون بإذن الله موفقًا في أمره ناجحًا في أي عمل يسعي إليه؛ من طلب علمٍ، أو كسب تجارة أو زراعةٍ، أو غير ذلك من أعمال.
مساواة المرأة بالرجل:
مساواة المرأة بالرجل في كل شيء لا يقره شرعٌ ولا عقل صحيح؛ لأن الله سبحانه قد فاوت بينهما في الخلقة والعقل، وفي أحكام كثيرة، وجعل الرجل أفضل منها وقوَّامًا عليها، لكونه يتحمل من المشاق والأعمال ما لا تتحمله المرأة غالبًا، ولأن عقله أكمل من عقلها غالبًا، ولذلك جعله سبحانه قائمًا عليها؛ حتى يصونها ويحفظها مما يضرها ويدنِّس عِرضها، وجعل شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل، لكونه أكمل عقلًا وحفظًا منها، فهي في هذه الأحوال مطالبة بأمور لا يطالب بها الرجل، ثم المرأة هي موضع طمع الرجال للاستمتاع بها وقضاء وطرهم الجنسي منها فهي في أشد الحاجة إلى من يحميها من الرجال ويقف سدًا منيعًا دون عبث السفهاء بها.
أكثر الخلق لا يشكرون نعم الله عز وجل:
أكثر الخلق لا يشكرون نعم الله عز وجل؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾[سبأ: 13]، فهذا يُنبئ الإنسان على عِظمِ هذا الخطر، وأن الغالب على بني آدم - مع كرم الله سبحانه وتعالى عليهم وإحسانه إليهم - عدم الشكر، فيأخذ الإنسان من هذا العِبرة والعِظة، ويُحاسب نفسه ويجاهدها لعله يكون من الشاكرين القليلين.
الخوف من الجن:
الخوف من الجن مثل الخوف من الإنس، والخوف الطبيعي لا بأس به، فلا بأس أن يتحرى الإنسان أسباب العافية، ويسمى عند أكله، وعند شربه؛ حتى لا يشاركه الشيطان في أكله وشربه، ويسمى إذا دخل البيت؛ حتى لا يشاركه الشيطان في المبيت، أو أراق ماءً حارًّا فيقول: باسم الله، ويتعوذ بالله على ما قد يصيبه هذا الشيء وما أشبه ذلك، كذلك لا يطبق الأبواب بقوة أو يعمل عملًا زائدًا لا حاجة فيه، فإن هذا قد يصيب أحدًا من الجن ويضره.
فالمقصود أن الخوف منهم من الأشياء الطبيعية التي يتوقى بها شرَّهم كما يتوقَّى شر الإنس، فلا يسبهم ولا يتعدى عليهم، ولا يظلمهم.
دعوات الأنبياء:
دعوات الأنبياء وغير الأنبياء قد تستجاب لما فيها من المصالح العظيمة، وقد لا تستجاب لحكمة بالغة أرادها الله سبحانه وتعالى، فليس كل دعوة من الأنبياء وغيرهم تستجاب أبدًا، وإن كان الأنبياء أولى الناس بالاستجابة، وأحقهم بالاستجابة لفضلهم وتقدُّمهم على غيرهم بالعلم والعمل، ولكن ربك حكيم عليم جل وعلا، فهو أحكم وأعلم سبحانه وتعالى، فهو أعلم بأحوال عباده، فقد تكون الدعوة محل استجابة لحكم وأسرار، وقد تكون ليست محل الإجابة لحكم وأسرار خَفيت على من دعا.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على صفوان بن أمية، وسُهيل بن عمرو والحارث بن هشام، فنزلت: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾[آل عمران: 128].
وفي هذا دلالة على أنه وإن كان هو رسول الله علية الصلاة والسلام، فإن دعوته قد تستجاب وقد لا تستجاب؛ لأن الله حكيم عليم سبحانه وتعالى، فهو أعلم بأحوال عباه، فقد يستجيب دعاءه، وينجز له ما طلبه، وقد لا يستجيب دعاءه لحكمة بالغة كما هنا، فقد دعا عليهم عليه الصلاة والسلام، ولم يستجب له فيهم، بل هداهم الله وأسلموا رضي الله عنهم وأرضاهم.
تأخير الإجابة لمدة طويلة:
اعلم أنه سبحانه وتعالى حكيم عليم، قد يؤخر الإجابة لمدة طويلة؛ كما أخَّر إجابة يعقوب في رد ابنه يوسف عليه وهو نبي عليه الصلاة والسلام، ومكث يوسف في السجن بضع سنين، والداعي نبي كريم، هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام.
أسباب تأخر الإجابة:
عليك أيها السائل وعلى كل مسلم ومسلمة، إذا تأخرت الإجابة أن ترجع إلى نفسك، وأن تحاسبها، فإن الله حكيم عليم، قد يؤخر الإجابة لحكمة بالغة؛ ليكثر دعاء العبد لخالقه، وانكساره بين يديه، وذله لعظمته، وإلحاحه في طلب حاجته، وكثرة تضرُّعه إليه، وخشوعه بين يديه؛ ليحصل له من الخير العظيم والفوائد الكثيرة، وصلاح القلب والإقبال على ربه، ما هو أعظم من حاجته، وأنفع له منها.
وقد يؤجلها سبحانه وتعالى لأسباب أخرى؛ منها: ما أنت متلبس به من المعاصي؛ كأكل الحرام، وعقوق الوالدين، وغير ذلك من أنواع المعاصي.
فيجب على الداعي أن يحاسب نفسه، وأن يبادر إلى التوبة رجاءَ أن يتقبل الله توبته ويُجيب دعوته.
دعوات الداعي لا تضيع عليه:
هذا الحديث: (ما من مسلم يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تُعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن يدَّخرها له في الآخرة، وإما أن يُصرف عنه من السوء مثلها)؛ قالوا: يا رسول الله إذا نُكثر، قال: (اللهُ أكثر).
هذا الحديث حديث عظيم جليل وهو صحيح، وهو يدل على أن دعوات الداعي لا تضيع عليه، بل هو على خير، فإما أن تُعجَّل له الدعوة في الدنيا ويُعطى مطلوبه، وإما أن تُدَّخر له في الآخرة، وذلك أنفع له، والله أعلم بمصالح عباده، وهو أعلم بأحوالهم سبحانه وتعالى، وهو أعلم بما يصلحهم، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك، أشياء وقاه الله شرَّها بسبب دعواته.
دعوات عظيمة ينبغي حفظها والدعاء بها:
في حديث عمار بن ياسر الذي رواه النسائي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق، أَحْيني ما كنت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي، اللهم إني أسالك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الغنى والفقر، وأسألك نعيمًا لا ينفذ، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضرَّاء مضرَّة ولا فتنة مُضلة، اللهم زيِّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين)؛ قال الشيخ رحمه الله: هذا حديث عظيم جليل، ودعوات عظيمة ينبغي حفظها والدعاء بها، فإنها دعوات عظيمة ينبغي للمؤمن حفظها.
الذي يشرب الدخان يلقي بنفسه إلى التهلكة:
الذي يشرب الدخان يلقي بيده إلى التهلكة، لا سيما إذا أكثر منه، فإن التهلكة تكون أكثر، وقد أجمع الأطباء وأجمع العارفون به أنه من أعظم المواد المضرة بالإنسان وبصحته، وذكر الأطباء أخيرًا أنه يفضي إلى أمراض متعددة منها السرطان، نعوذ بالله منه، نسأل الله السلامة.
العلاج بالموسيقا:
الموسيقا ليست بعلاج، ولكنها داء، وهي من آلات الملاهي، فكلها مرض للقلوب وسبب لانحراف الأخلاق، وإنما العلاج النافع والمريح للنفوس إسماع المرضى القرآن، والمواعظ المفيدة والأحاديث النافعة، أما العلاج بالموسيقا وغيرها من الآت الطرب، فهو مما يعوِّدهم الباطل، ويزيدهم مرضًا إلى مرضهم، ويُقلل عليهم سماع القرآن والسنة والمواعظ المفيدة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.