ما هو الصبر الجميل؟ - معاد كوزرو
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
كثيرا ما يذكر الصبر مع المعاناة؛ عندما نرى شخصا يعاني نقول له أن يتحلى بالصبر، لكن كثير منا لا يعرف بالضبط ماذا يعني ذلك. لمتلقي هذه النصيحة، في أحسن الأحوال لتحمل نكبته، وفي أسوأ الأحوال، فإن ذلك يعني أنه قد تم التخلي عنه وليس لديه أي شيء إلا الصبر، الذي هو كنز في الإسلام.
الصبر الجميل له معنى واسع؛ هو صبر من دون قلق.
هذه الفضيلة تم ذكرها في القرآن الكريم أكثر من 90 مرة، وهي سمة أساسية في الأنبياء، كما يقول الله تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْنَاهُمْ في رَحْمَتِنا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ} [الأنبياء:85-86].
كان الأنبياء بارعين في كل شيء ومن ذلك الرضا عن الذات.
كانوا يحملون قوتهم الداخلية من اليقين وهذا ما تجلى في سلوكهم، وهم قدواتنا في ذلك.
الصبر لا يمكن أن يكون ببساطة ذو بعد واحد.
يقول الله في القرآن الكريم: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45]؛ ويقول كذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:153].
الصبر هو قوتنا ولذلك وجب أن نستعين به وهذا يعني بالضرورة أن الصبر سوف يأتينا من خلال محنة أو صعوبة.
قد لا يكون ذلك سهلا، ولكن يأتي لأولئك الذين يحاولون الحصول على المساعدة من الله.
لذلك بالضبط ما هو الصبر؟ في اللغة العربية ، الصبر يعني الحصر والاحتواء.
وفقا لابن القيم، فإن الصبر هو احتواء الروح للقلق، وحصر اللسان من الشكاوى.
الصبر يأخذ أشكالا خارجية مختلفة، والتي سيتم مناقشتها في هذا المقال إن شاء الله.
الصبر هو سمة تمكين بسبب شكله الداخلي الذي يتطلب الصمود والمثابرة.
الصبر كذلك رغبة متأصلة في اليقين والرضا ؛ اليقين في وعد الله والرضا بقضائه.
النفسية الداخلية التي تتحلى بالصبر تساعد في مواجهة الإنسان للمصائب، والاستمرار في فعل الخير ومعارضة الشر على الرغم من الصعاب.
هذا هو السبب في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ومن يصبر يصبره الله وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر» (صحيح البخاري ) ثواب الصبر هائل ويرفع من منزلة الشخص، وبالتالي، أن يتحلى بسمة الصبر، أو بالأحرى أن يشار إليه بأنه يتحلى بالصبر، فهو مصدر قوة عظيمة.
ومع ذلك، هناك بعض الأشياء التي تتعارض مع الصبر، فهذه السمة لا تعني الانهزم ولا الضعف، أو قبول أو عرض الإساءة، بل يعني توفير التوازن بين رد فعل عنيف وضعف التراجع.
الصبر الحقيقي يأتي مع سمة الكرامة.
عندما كان المسلمون في موقف ضعف في مكة المكرمة، ويأتي غير المسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره أن أبا جهل اقترض منه مالا ورفض أن يعيده له، لم يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل بالتخلي عن حقه، ما يمكن أن يفهم الكثير اليوم بالصبر، بل ذهب مع الرجل إلى أبي جهل وطالب بإعادة الأموال إلى صاحبها.
أن يكون المريض صابرا هو أن يكون من أولئك الذين هم في رعاية الله وحبه.
يقول الله تعالى: {إن الله مع الصابرين} [البقرة:153]؛ ويقول كذلك: {والله يحب الصابرين} [آل عمران:146]؛ هذه السمة لها آثار عملية وروحية.
إذا كان الله معك، فأنت في رعايته، وإذا أحبك الله، فسوف يظهر فيك هذا الحب .
يقول الله تعالى للذين صبروا: {بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين} [آل عمران:125]
أن تمتلك هذه الخاصية بعون الله؛ هو أن تمتلك سمة من سمات الأنبياء والأولياء المقربين، كما قال ابن القيم رحمه الله: أن الله وصف النبي أيوب عليه السلام في مرضه وآلامه وبعد ذلك مباشرة أثنى عليه: {إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب} [ص:44].
وعلاوة على ذلك، عند النظر إلى المكون الداخلي للصبر، يحتاج المرء كذلك أن ينظر إلى قصة النبي يعقوب عليه السلام حيث فقد ابنيه لكنه لم ييأس أبدا.
على العكس من ذلك حكى الله عنه أنه قال: {عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم} [يوسف:83].