أرشيف المقالات

أشرف الناس.. وأرذل الخلق - مدحت القصراوي

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
إن أشرف منزلة بعد النبوة هو رجل ظن الناس فيه الخير، لعلمه ولعمله، وظنوه دالا على الله تعالى، فلما أرادوا الوصول الى ربهم تعالى تأسوا به وارتقبوا خطوه والتزموا غرزه..
إحسانا للظن به أنه دال على ربهم ملتزما غرز نبيه.. 
فتسامى الرجل وكان عند ظنهم وأحسن، فكان باطنه خيرا من ظاهره وسره خيرا من علانيته ومدخله خيرا من مخرجه وعمله خيرا من قوله، ولم يأْلُ ولم يقصر عن اتباع الحق وعلمه والإجتهاد والبلاغ والعمل..
ووقف مواقف الإشهاد لربه ولأمته، وأخرج كل مخوف من قلبه الا خوف مقامه بين يدي ربه، وأخرج كل محبوب الا ابتغاء ما عنده؛ فجعل الدنيا تحت قدميه.. 
 فدلهم على الله بقوله وعمله وخَطْوه، فأوصلهم الى ربهم لا يطلب أجرا، فحمدوا له دلالته وغبطوا المسيرة يوم لقاء رب العالمين..
وإن أخنع الناس وأرذلهم، وإن أنجس الناس وأخوَنهم من ظن الناس فيه الخير؛ فلما أن أرادوا الوصول إلى ربهم وظنوه دالاً على الله تعالى ارتقبوا خطوه واستمعوا قوله ونظروا الى عمله، فاستبطن الشر وأخفى حب الدنيا وغلبت شهوته..
فأخذهم ليتوصل بهم الى مراده ومقاصده الدنية..
فسلك بهم أودية الهلاك فأضل منهم فريقا وأزاغ فريقا، وهلك الناس معه في أودية المهالك في لفح الشهوات وهجير الضلالات، فسقاهم تبديل الشرائع فتجرعوه وأذاقهم ولاء الكافرين فاستساغوه ولبّس لهم الشبه وزين لهم الباطل وتوصل بهم الى مراده الدنيّ..
 فمن أدرك نفسه ولمح الحقيقة ترك مهالكه ومهالكهم ورجع إلى ربه ودلالة نبيه نجا..
 ومن استنام وتابع هلك؛ فبئس التابع والمتبوع، وسحقا لمن بدّل بعد محمد.
 

شارك الخبر

المرئيات-١