أرشيف المقالات

أنت وقبلك كل الأنبياء وأتباعهم على الإسلام - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
يؤكد الله في كتابه أن الإسلام هو الملة الوحيدة التي ارتضاها لسائر أنبيائه، وينفي عنهم أي مسمى حاول البعض إلصاقه بهم.
فيا لها من نعمة أن نسير على طريق الأنبياء، طريق التوحيد الخالص لله رب العالمين، ويا له من مسمى عظيم مسمى (الإسلام) ويا لخيبة من حاد عنه ويا لغباء من اختار من أبنائه التمسك بأي مسمى مخترع غير مسمى الإسلام الذي جمع الأمة ووحد صفها، بل وجمعها مع من سبقها من مؤمني الأمم.

قال تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة:140]
قال العلامة السعدي رحمه الله:
"وهذه دعوى أخرى منهم، ومحاجة في رسل الله، زعموا أنهم أولى بهؤلاء الرسل المذكورين من المسلمين.
فرد الله عليهم بقوله: {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} فالله يقول: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران:67]، وهم يقولون: بل كان يهوديًا أو نصرانيًا.
فإما أن يكونوا، هم الصادقين العالمين، أو يكون الله تعالى هو الصادق العالم بذلك، فأحد الأمرين متعين لا محالة، وصورة الجواب مبهم، وهو في غاية الوضوح والبيان، حتى إنه -من وضوحه- لم يحتج أن يقول بل الله أعلم وهو أصدق، ونحو ذلك، لانجلائه لكل أحد، كما إذا قيل: الليل أنور، أم النهار؟ والنار أحر أم الماء؟ والشرك أحسن أم التوحيد؟ ونحو ذلك.
وهذا يعرفه كل من له أدنى عقل حتى إنهم بأنفسهم يعرفون ذلك، ويعرفون أن إبراهيم وغيره من الأنبياء، لم يكونوا هودًا ولا نصارى، فكتموا هذا العلم وهذه الشهادة ، فلهذا كان ظلمهم أعظم الظلم .
ولهذا قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} فهي شهادة عندهم مودعة من الله لا من الخلق، فيقتضي الاهتمام بإقامتها، فكتموها وأظهروا ضدها، جمعوا بين كتم الحق وعدم النطق به، وإظهار الباطل والدعوة إليه، أليس هذا أعظم الظلم؟ 
بلى والله، وسيعاقبهم عليه أشد العقوبة، فلهذا قال: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} بل قد أحصى أعمالهم، وعدها وادخر لهم جزاءها، فبئس الجزاء جزاؤهم، وبئست النار ، مثوى للظالمين، وهذه طريقة القرآن في ذكر العلم والقدرة، عقب الآيات المتضمنة للأعمال التي يجازى عليها.
فيفيد ذلك الوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، ويفيد أيضًا ذكر الأسماء الحسنى بعد الأحكام، أن الأمر الديني والجزائي أثر من آثارها، وموجب من موجباتها، وهي مقتضية له".

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير