البخيل من يبخل بجاهه

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
البخيل من يبخل بجاهه
 
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ﴾ [النساء: 85].
 
تأمل قول الله تعالى: ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا ﴾، لتعلم فضل الشفاعة وما لها من الأثر على الشافع والمشفوع فيه، فمنهم من يشفع لإيصال حق مسلوب، ومنهم من يشفع لرفع ظلم واقع، ومنهم من يشفع لجمع شملٍ، ومنهم من يشفع لفض نزاع، ومنهم من يشفع لحقن دمٍ، ومنهم من يشفع للصلح بين الناس، وغيرها من أسباب الشفاعة المشروعة.
 
تأمل ذلك الأجر العظيم لمن يشفع لحقن دماء كان يمكن أن تُراق لولا شفاعته، وحفظ أرواح كان يمكن أن تُزهق لولا شفاعته، تأمل ماله من الأجر في قوله تعالى: ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا ﴾، مع قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].
 
وتأمل حض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الشفاعة، والترغيب فيها قُبِلَتْ أم لم تُقبَل؛ فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ»[1]، تأمل ذلك الأجر العظيم، وذلك الخير العميم، وتأمل حال بعض الناس حين يبخل بجاهه، فيحرم نفسه الأجر ويحرم غيره الخير؛ وقد قيل: (البخيل من يبخل بجاهه).
 
وقد شفع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشُفِعَ إليه؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ: «يَا عَبَّاسُ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ شِدَّةِ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمَنْ شِدَّةِ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا» فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ رَاجَعْتِيهِ فَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ» قَالَتْ: فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ[2].
 
وقد قيل:






ساعِد بجاهك من يغشاك مفتقرًا
فالجودُ بالجاه مثلُ الجود بالمال














[1] رواه البخاري- كتاب الزكاة، ‌‌بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِيهَا، حديث رقم: 1432.


[2] رواه البخاري- ‌‌كِتَابُ الطَّلَاقِ، ‌‌بَابُ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ، حديث رقم: 5283.

شارك المقال

ساهم - قرآن ٣