أرشيف المقالات

إياك وإفشاء الأسرار! - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
السر أمانة قد يضر إفشاؤها صاحب السر، وقد يتعدى الضرر ليصل للمجتمع نفسه، وكتمان السر من قوة الشخصية، واكتمال الأخلاق ، وتجد أن صاحب الكتمان أمين في مجتمعه، محترم في رفقائه، وللأسف انتشر في الناس خاصة الشباب إذاعة الأسرار، وإفشاء الخبايا، وازداد هذا العيب بعد التطور التكنولوجي المشهود الذي أضحى المجتمع معه قرية صغيرة يمكن نشر الخبر، وإذاعة السر، وإفشاءه في لحظات معدودات، والمواقع الإلكترونية، وصفحات التواصل خير شاهد على هذا العيب الفردي والمجتمعي الخطير.
والسِّرُّ: ما تكتمه وتخفيه، وهو خلاف الإعلان، وجمعه أسرار، والسرِيرةُ: كالسِّرِّ، والجمع السرائر، وأسْرَرْت الحديث إسرارًا أخفيته.
انظر: (لسان العرب؛ لابن منظور:4/356).
السِّر اصطلاحًا:
السِّر هو: الحديث المكتتم في النفس .
(التوقيف على مهمات التعاريف؛ للمناوي، ص:193).
قال تعالى حكايةً عن كتمان يوسف عليه السلام للرؤيا التي رآها بأمر من أبيه: {قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يوسف:5].
قال ابن كثير : "يقول تعالى مخبرًا عن قول يعقوب لابنه يوسف حين قصَّ عليه ما رأى من هذه الرؤيا، التي تعبيرها خضوع إخوته له وتعظيمهم إياه تعظيمًا زائدًا، بحيث يخرُّون له ساجدين إجلالًا، وإكرامًا، واحترامًا، فخشي يعقوب عليه السلام، أن يحدِّث بهذا المنام أحدًا من إخوته فيحسدوه على ذلك، فيبغوا له الغوائل، حسدًا منهم له؛ ولهذا قال له: {يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا} [يوسف:5] أي: يحتالوا لك حيلة يردونك فيها، ومن هذا يؤخذ الأمر بكتمان النعمة حتى توجد وتظهر" ( تفسير القرآن العظيم).
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "سرُّك أسيرك، فإن تكلمت به، صرت أسيره" (أدب الدنيا والدين)؛ للماوردي: 306).
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: " القلوب أوعية الأسرار، والشفاه أقفالها، والألسن مفاتيحها، فليحفظ كلُّ امرئ مفتاح سرِّه" (أدب الدنيا والدين؛ للماوردي، ص:308).
وعن الحسن رحمه الله، قال: "سمعته يقول: إنَّ من الخيانة أن تحدِّث بسرِّ أخيك" (الصمت؛ لابن أبي الدنيا، ص:214).

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير