التقوى حياة على منهج الله تعالى
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
التقوى حياة على منهج الله تعالىقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].
تأمل قول اللَّهِ تَعَالَى عنِ الجنَّةِ: ﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾، حتى لا تغرك الأماني، أو يغرك بالله الغرورُ، فتظنَّ أن الجنَّةَ تنال بلا عملٍ، أو أنها رخيصة ينالها البطالون!.
الجنة لا يدخلها إلا أهل التقوى؛ ألم تسمع قولَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63].
وأهل التقوى هم الذين يتنعمون بما في الجنَّةِ كما قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55].
وإياك أن تظن أن التقوى كلمة تقال باللسان، أو أماني يتمناها العباد، إنما التقوى حياة على منهج الله تعالى، يخضع كل شيء فيها لهدي القرآن، وسنة رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ التَّقْوَى: هِيَ الْعَمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ، تَرْجُو ثَوَابَ اللَّهِ، وَتَرْكُ مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ، تَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ.
فمن كان هذا حاله دخل في وعد الله تعالى، ﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾، ونال شرفَ سكناها؛ ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴾.
ولا يكون العبد كذلك حتى يكون وجلًا من الطاعات كما يخاف غيره من الذنوب والآثام؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 60]، قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ»[1].
قَالَ تَعَالَى: ﴿ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ [الطور: 26، 27].
فلا تتوهم أُخَيَّ أن التقوى وصف لا ترجمة لها في الواقع، أو قول بلا عمل؛ قِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَلَيْسَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِفْتَاحُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: «بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَكَ»[2].
[1] رواه أحمد- حديث رقم: 25263، والترمذي- أَبْوَابُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابٌ: وَمِنْ سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ، حديث رقم: 3175، وابن ماجه- كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ التَّوَقِّي عَلَى الْعَمَلِ، حديث رقم: 4198، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، بسند صحيح
[2] رواه البخاري- كِتَابُ الجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الجَنَائِزِ، وَمَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.