أرشيف المقالات

حقيقة الحوثيين في اليمن

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
لا ينكر أحد الاتجاهات الفكرية التي ظهرت في العالم الاسلامي من السابق والتي لديها جذور يمتد بعضها إلى القرن الثاني والثالث الهجري والتي مثلت تنوعاً فكرياً اثرت الحياة الفكرية والثقافية في الدولة الاسلامية، ولست بصدد التعرض لهذه المدارس الفكرية نقداً أو عرضاً للأفكار والمعتقدات والأسس والمنطلقات.
وإنما نحن هنا في هذا المقال سنسلط الضوء على حقيقة الروافض والذين عاودوا الظهور بقوة في جزء من اليمن الحبيب.
الحوثيون " الروافض " - هم فرقة شيعية تنتمى إلى الاثني عشرية رغم أنهم كانوا ينكرون ذلك سابقاً ويدعون بأنهم ينتمون إلى المذهب الزيدي الموجود في اليمن.
والزيدية هم الذين ينسبون أنفسهم إلى الامام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ويقولون في إمامته، وجعلوا الإمامة وحصروها في أولاد فاطمة الزهراء - رضي الله عنها -، وهم بذلك قد خالفوا الامام زيد بن علي بن الحسين والذي جعل الإمامة في كل قريش.
بالرغم من أن الامام زيد كان يفضل إمامة علي ويتولى أبا بكر وعمر - رضي الله عنهم أجمعين-، فلما ظهر الامام زيد في الكوفة وسمع من بعض أصحابه الذي بايعوه - الطعن في أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - رفض ذلك منهم وأنكر عليهم فانفضوا من حوله فقال لهم: " رفضتموني " فسموا بالرافض.
فرق الزيدية: تنقسم فرق الزيدية إلى ثلاثة أقسام:
قسمان منها قد اندثرت معالمه وذهب أدراج الرياح، وقسم باقي إلى يومنا هذا مع التغيير في المسميات وبقاء المضمون، فالفرقتان المندثرتان هما الصالحية والسليمانية.
أما الفرقة الثالثة: هي فرقة الجارودية والتي تنتسب إلى أبي الجارود المنذر بن زياد الكوفي والذي كان من الغلاة، وقد تتلمذ على يد الامام جعفر الصادق " ابن أخ زيد بن علي " فلما لعنه الامام جعفر الصادق وتبرأ من أفكاره ومعتقداته ادعى الانتساب إلى مذهب الامام زيد بن علي وعمد إلى إدخال الأفكار المنحرفة والعقائد الباطلة إلى مذهب الإمام زيد رغم براءته منها.
والفرقة الجارودية هي الموجودة اليوم في شمال اليمن وبالذات في محافظة صعدة وبعض أجزاء من محافظة عمران والجوف وحجة وبعض مديريات العاصمة صنعاء.
وتم إعادة إنشاءها من قبل بدر الدين والد حسين بدر الدين الحوثي والذي ينتمي إلى منطقة حوث محافظة عمران.
وقد كان للشيعة حزبان سياسيان من خلالهما يتنفس الفكر الشيعي ويروج لأفكاره ومعتقداته ويعمل على نشر أفكاره الباطلة من خلال الوسائل الإعلامية التابعة للحزبين " حزب الحق وحزب اتحاد القوى الشعبية ".
وقد انتخب حسين بدر الدين الحوثي ممثلاً لحزب الحق في الدورة البرلمانية الأولى عام 93م وكذا زميله عبدالله الرزامي.
تنظيم الشباب المؤمن: عندما دخل حسين بدر الدين الحوثي وعبد الله الرزامي إلى قبة البرلمان اليمني كممثلين عن حزب الحق الشيعي إلا أنهما في نهاية المطاف قدما عريضة إلى الحزب يطلبان منهما تغيير أساليب الحزب القديمة والتي لا تواكب المتغيرات السريعة على الساحة اليمنية وكانت العريضة بمثابة نصائح لتصحيح مسار الحزب إلا أن قيادة حزب الحق رأت أنها عريضة انقلاب على الحزب.
فرفض أحمد الشامي الأمين العام لحزب الحق تلك العريضة خوفاً على مصالحه التي يجنيها كأمين عام للحزب، حيث أن النظام كان يخصص الدعم المقرر لكل حزب حصته بما يتناسب مع حجمه في البرلمان المنتخب.
إلا أن حزب الحق كان يتلقى دعما سخيا من الرئيس السابق علي عبد الله صالح غير الدعم الرسمي، بل كان هذا الدعم ضمن لعبة التوازنات الطائفية والمذهبية والتي كان يشعلها لمصالحه.
وكان حسين بدر الدين الحوثي وعبد الله عيضة والرزامي وصالح هبرة وعبد الكريم جدبان ومحمد سالم عزان ويحيى الحوثي - أخ حسين - قد أسّسوا تنظيم الشباب المؤمن كواجهة فكرية بعد تقديم استقالتهم من حزب الحق، وعملوا على توسيع قواعد الحزب بالانتشار في أواسط الشباب وتوطيد العلاقة مع بعض قيادات المؤتمر الشعبي العام والذي يتعاطفون مع حسين الحوثي ويدعمون أفكاره ويتبنون رؤاه.
وبهذه الطريقة وجد حزب الحق نفسه في اضمحلال متزايد وبدأ الخفوت بادياً عليه حيث تآكل من الداخل.
أهداف الروافض في اليمن:
1- إقامة دولة شيعية شمال اليمن وضرب حزام شيعي جنوب المملكة العربية السعودية التي تمثل الخصم اللدود لدولة إيران الراعية للشيعة في العالم، وذلك لضرب المملكة في الخاصرة إذا دعت الحاجة.
2.
إعادة الدولة الإمامية الرافضية والتي قضى عليها الثوار في 26 سبتمبر من عام 1962م ولكن بطابع سلالي أسري مقيت وهو ما ظهر جلياً في التسمية "الحوثيون".
3.
تحجيم الصحوة الإسلامية والقضاء على المشروع الإسلامي السني في اليمن.
4.
الاستفادة من أكبر قدر ممكن من أموال المنظمات الشيعية في الخليج وإيران، هذه بعض أهداف هذه الطائفة.
وأما بالنسبة للوسائل التي اعتمدوها لنشر فكرهم وتحقيق أهدافهم السالفة الذكر ، فقد علموا الآتي:
1.
توطيد العلاقة داخلياً وخارجياً، حيث قاموا بالتواصل مع كل منتمي للزيدية في اليمن، وبالذات الذين لهم مناصب عليا في الدولة كوزراء وقيادات الجيش والأمن ورؤساء منظمات وأعضاء مجلس نواب وأعضاء مجالس محلية، وبالتالي جعلوهم كمضلة لهم يدافعون عن الحوثي وفكره الباطل.
2.
التركيز على شريحة علماء الزيدية لما لها من سيط في المجتمع المعتنق للفكر الزيدي والشيعي الإثني عشري.
3.
وأما خارجياً فقاموا بإرسال البعثات الدراسية إلى إيران وإلى جنوب لبنان، وقاموا بتدريب أفرادهم على مختلف أنواع الأسلحة هناك.
4.
فتح علاقات من سفارات الدول في صنعاء، وكذا مع المنظمات الدولية التي تسعى إلى علمنة اليمن.
5.
كسب مشائخ القبائل والوجهاء في بعض المناطق وتزويدهم بالمال وبهذه الطريقة ضمنوا حياد زعماء تلك القبائل، وهذا ما حدث بالفعل عندما اقتحم الحوثي مناطق تابعة لقبيلة حاشد - كبرى قبائل اليمن - حيث وصلوا في حربهم الأخير إلى منزل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر - رحمه الله - رئيس مجلس النواب اليمني آنذاك- وقاموا بتفجيره.
ثم واصلوا طريقهم إلى همدان وحاصروها وهدموا المساجد فيها والمدارس التابعة للسنة هناك وضربوا حزام عسكري على العاصمة صنعاء والدولة تتفرج عليهم ولم تقم بحماية المواطنين وردع الحوثي.
وهذا يدل على أن هناك تواطؤ من قبل بعض قيادات الجيش اليمني.
6.
التركيز على الجانب الإعلامي والضخ فيه حيث أنشأ الحوثي قناة خاصة به ومواقع الكترونية وصحف يومية تمول من إيران، كما قاموا باستقطاب الإعلاميين والصحفيين للعمل لديهم، وتبني مواقفهم.
7.
استغلال العاطفة الدينية لدى السذج من فرق الصوفية والمنتسبين لآل البيت والهاشميين، حيث يتم التسويق للفكر الشيعي عبرهم، وقد قدم إلى محافظة صعدة عدد منهم لمقابلة عبدالملك الحوثي الرافضي وتقديم البيعة له باعتباره إماماً لهم.
8.
استغلال التعاطف العام وتسويق فكرة أن الحرب عليهم كانت ظالمة وأنهم دافعوا عن أنفسهم.
وقد تبنت هذه الفكرة أحزاب اللقاء المشترك نكاية بالحزب الحاكم في اليمن حيث عمدوا على نشرها في وسائل إعلامهم الحزبية.
وقد فضح الحوثي نفسه بعدما قام بالتمدد خارج محافظة صعدة وبالذات في محافظات عمران والجوف وحجة وهو الذي يدعي بأن قتاله كان دفاعاً عن النفس في صعدة، فلماذا بدأ بالحروب على هذه المحافظات بعدما كان محصوراً في بعض مديريات محافظة صعدة؟.
9.
والوسيلة الأهم هي المال القادم من طهران حيث استغل الحوثي الدعم السخي المقدم من طهران، واشترى به ضعفاء النفوس وركز في ذلك على الاعلاميين والصحفيين باعتبار هذا الجانب سلاح فعال في العصر الحديث، وكذا ربط علاقة من بعض أعضاء مجلس النواب والمحسوبين على الحزب الاشتراكي اليمني لتبني رؤاه، وعن طريقهم قام بنشر فكره في محافظات سنية خالصة كمحافظة تعز.
10.
التحالف مع كل من له مصلحة في إعاقة مشروع التغيير في اليمن.
11.
الانتشار في المساجد والسيطرة عليها وإنشاء مراكز التحفيظ والمراكز العلمية والمكتبات والتسجيلات والجمعيات وفرق الأناشيد والمدارس الأهلية وغيرها.
12.
إحياء المناسبات الخاصة بهم " الغدير، كربلاء، المولد،..." وتضخيمها في أذهان العوام بأن إحيائها دليل حب علي وآل البيت.
13.
الاستفادة من تجارب الشيعة في إيران والعراق ولبنان وانتهاج أساليب مشابهة لتلك البلدان علمياً وفكرياً وعسكرياً والتنسيق معها، والتحالف مع إيران وحزب الله اللبناني.
14.
تشويه التيارات السنية واعتبارهم الخطر الحقيقي الذي يهدد وجودهم واطلقوا عليهم مسميات (وهابيين، إرهابيين، أعداء آل البيت، أعداء المذهب، تكفيريين).
15.
اعتماد أسلوبي الترغيب والترهيب لمخالفيهم في المذهب والرأي والمعتقد وقد قاموا بتهجير ابناء دماج ودمروا مساجدها وقتلوا شيوخها وعلمائها، ودمروا مركز الحديث الذي اسسه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله - والذي كان يعتبر مناراً شامخاً في تدريس العقيدة الصحيحة وعلوم الحديث.
معتقدات هذه الفرقة:
المتتبع لمنشورات هذه الفرقة ودروس زعمائها ومحاضراتهم يتضح له معتقدات هذه الفرقة الضالة فهم ينكرون شفاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويسبون أصحابه ويكفرونهم.
وقد نقل عن المؤسس بدر الدين الحوثي قوله: " أنا عن نفسي أؤمن بتكفيرهم كونهم خالفوا رسول الله صلى الله عليه وآله " وهم خير أمة اخرجت للناس وافضلهم بشهادة الله لهم وشهادة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
بل ويذهب إلى الطعن في السيدة عائشة - رضي الله عنها - وأمهات المؤمنين حين قام حسين بدر الدين الحوثي بدفن كلبة سوداء إلى منتصفها ثم يقول لأتباعه " ارموا عائشة التي لم يقم عليها الحد " وكذلك يقول في السنة قولاً عظيماً.
ويفسرون القرآن الكريم تفسيراً غريبا ومنها تفسير حسين الحوثي للآية القرآنية ((ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة)) في سورة ال عمران حيث يقول: " عادة ما يقولوا بعض المفسرين أنها يعني الحكمة يسمونها السنة، وهذا غير صحيح وإنما الحكمة أن تكون تصرفاتهم حكيمة وأن تكون مواقفهم حكيمة وليست الحكمة هي السنة ".
وهذا يعتبر انكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة حيث أن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نقلت إلينا بالتواتر عن الصحابة رضوان الله عليهم وهم بسبهم للصحابة وتهكمهم عليهم ينسفون السنة النبوة من الاساس.
وأخيراً أقول:
اذا لم ينتبه اليمنيون لهذا الفكر الدخيل على اليمن وأهل اليمن ويقمعوا هذا المعتقد الخبيث ويحاصروه فإن الشر المستطير ينتظرهم.
أسأل الله - عز وجل - بمنه وكرمه أن يحفظ علينا ديننا ويمننا إنه سميع مجيب. 

عبد الجليل الفقيه

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢