أرشيف المقالات

[53] سورة الأنعام (8) - تدبر - محمد علي يوسف

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
وإن المحب الحق والمُعظِّم الصادق لا يملك نفسه ولا لسانه الذي يتكلَّم عن محبوبه بغير تكلّف ولكن من منطلق رد الفعل التلقائي لمحبته وتعظيمه..
رد الفعل الذي يورث رغبة عارمة في مشاركة كل من حوله تسبيح وتعظيم مولاه لينتظموا معه في سلسلة التعظيم الكونية التي تشمل كل ذرة في الكون..
ولا يطيق أبدًا السكوت عن جحود الجاحدين واستهانة المغرضين فلسان حاله ومقاله: {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ .
قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ .
مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ}
[الأنعام:14-16]..
وإن الإنسان مجبول كذلك على الإعجاب والانبهار بكل شيء عظيم أو مُعجَز له ولا يكون بطريق التكلُّف والاصطناع..
إنك حين ترى دقة صنعة لصانع أو لوحة محكمة لفنانٍ صوَّر بها مشهدًا طبيعيًا بديعًا لا تملك ساعتها إلا الثناء، وتتسارع نظرات الإعجاب والانبهار إلى عينيك وربما يسارع إلى لسانك لفظ الجلالة دون تكلُّف لتصيح بإعجاب: الله..
{وَللّه الْمَثَلُ الأَعْلَىَ} [النحل من الآية:60]..
إن المؤمن الذي يرى آثار قدرة الله وبديع صنعه في كل ذرة في الكون الفسيح؛ لا يتكلَّف كلمة سبحان الله بل يجدها تتسرَّب من قلبه إلى لسانه ليصيح بها من أعماقه مستشعرًا معناها منبهرًا بمدلولها موجهًا وجهه شطر سبيلها..
كان هذا ما فعله الخليل عليه السلام بعد جولة في بديع صنع الرحمن فكان أول ما تكلَّم به بعدها: {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ .
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
[الأنعام من الآية:78-79].
 

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١