مشروع المشير السيسي يضع الأساس للدولة المسيحية في وادي النطرون - عامر عبد المنعم
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
أخطر ما ورد في حديث المشير عبد الفتاح السيسي في الجزء الثاني من حواره مع إبراهيم عيسى ولميس الحديدي.. هو وضع أساس الدولة المسيحية في وادي النطرون ضمن ما يُسمَّى التقسيم الجديد للمحافظات المصرية.
هذا المخطط الذي يقف خلفه مسيحيون مُتطرِّفون ولوبي صهيوني من رجال الأعمال مرتبطين بأمريكا وإسرائيل، حاولوا تمريره في حكم الرئيس محمد مرسي ويومها كتبتُ مقالاً بعنوان: "قبل تأسيس دولة الرهبان بوادي النطرون"..
فضحتُ فيه المؤامرة التي حاولوا تمريرها بزعم إضافة ظهير صحراوي وظهير أمامي على البحر لكل محافظة، وقد سعيتُ وقتها لكشف اللعبة عبر توصيل المقال لوزير الإسكان الدكتور محمد وفيق في حكومة هشام قنديل، وأرسلتُ لقادة الحرية والعدالة، وأضطررتُ لكتابة المقال مرة ثانية بعد أن رأيت إصراراً على الاستمرار إلى أن تم وقف المشروع.
ولكن من يقفون وراء هذا التقسيم الانفصالي..
استغلوا الفوضى الحادثة الآن، وأعادوا تقديم المشروع للمشير السيسي الذي عرض أثناء حواره ذات الخريطة التي تنشيء محافظة في وادي النطرون لتكون أساس دولة الرهبان التي يعملون عليها منذ 30 عاماً.
وأحد الداعمين لهذا التقسيم الطائفي "ساويرس" الذي أصبح صاحب قرار في إدارة السلطة الحالية في مصر .
هذا التقسيم الإداري الجديد هو التنفيذ الدقيق لما خططه أصحاب التوجه الانفصالي من المسيحيين المصريين؛ لإيجاد الرقعة الجغرافية المطلة على البحر التي ستكون بداية لتأسيس الدولة القبطية المزعومة.
من المعروف أن بعض المسيحيين المصريين يتوقون إلى إقامة دولة خاصة بهم منذ نصف قرن -تقريباً-..
ظناً منهم أن الفرصة مواتية لضعف المسلمين وخضوع الدولة المصرية للهيمنة الغربية الصليبية.
ولأن إقامة دولة يحتاج إلى شعب وأرض؛ كان المطلوب هو البحث عن المكان المناسب، فاختار أصحاب هذا التوجه الانفصالي -في البداية- محافظة أسيوط، لوجود كثافة سكانية مسيحية بها، لكن هذا الخيار فشل، لأن المسلمين يُشكِّلون أغلبية في المحافظة، وتسبب تسرُّب فكرة الدولة المسيحية في رد فعل إسلامي -في السبعينيات- أفشل هذه الفكرة.
بحث أصحاب المخطط الانفصالي عن مكان بديل، فاختاروا وادي النطرون والصحراء حتى الساحل الشمالي الذي ربما لا يوجد به العقبة التي أفشلت الحلم في أسيوط، وهي الكثافة السكانية، إذ لا يزيد سكان هذه المنطقة عن 80 ألف نسمة.
فبدأ التوسع في الأديرة بمنطقة وادي النطرون وتحويلها إلى قبلة للمسيحيين، وبدأ الرهبان يتركون حياة الزهد في الدنيا إلى التوسع والتمدُّد والسيطرة على آلاف الكيلو مترات في وادي النطرون.
بدأت الماكينة تعمل من خلال العلاقات الرسمية وغير الرسمية..
باستخدام طرق عديدة للتمهيد لهذه الدولة فتم الآتي:
أولاً: بدأ دير الأنبا مقار يتوسع للسيطرة أولاً على وادي النطرون كله وعدم الاكتفاء بالموجود، وتحقق للدير ذلك، ففي سنوات قليلة قام الدير بالآتي:
أ- وضع دير الأنبا مقار يده على 200 فدان طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1964م.
ب- سيطر الدير على 300 فدان بقرار من رئيس الوزراء رقم 16 لسنة 1977م.
ج- حصل الدير على 1000 فدان منحة من السادات في 23/8/1978م.
د- سيطر الدير على 2000 فدان من قبيلة الجوابيص.
ثانياً: وعندما سيطر الدير على الوادي المنخفض عن سطح البحر بدأ يتحرَّك شمالاً للسيطرة على الأراضي وحتى العلمين بالساحل الشمالي، ووضع الدير يده على آلاف الكيلو مترات بالصحراء الغربية بحجة الاستصلاح.
ونشرت الصحف في أوائل التسعينيات قيام الدير بوضع يده على 50 ألف فدان بالقرب من مدينة الحمام عند الكيلو 69 بطريق الإسكندرية مطروح، وعلى ساحل البحر المتوسط على بعد 200 كيلو من وادي النطرون.
ثالثاً: بدأ دير الأنبا مقار في التحرُّك شرقاً منذ السبعينيات، للسيطرة على المساحات الواقعة بين الدير وطريق مصر الإسكندرية الصحراوي لوضع يده على الأراضي الواقعة بين الكيلو 26 حتى الكيلو 118 طريق مصر الإسكندرية الصحراوي.
رابعاً: استغلال أنصار المخطط الانفصالي أزمة السلطة قبل الثورة وبعدها وحتى الآن، في الاستيلاء على آلاف الأفدنة في الصحراء الغربية، من جنوب البلاد وحتى شمالها، وآخر هذا التمدُّد المسيحي على الأرض استيلاء رهبان من الإسكندرية منذ أيام على 9 آلاف فدان في وادي الريان بالفيوم وهي محمية طبيعية، مستغلين ضعف سلطة الدولة والاستقطاب السياسي الذي أوجد حالة من الفراغ.
هذا التوسع زادت وتيرته بعد الثورة، حيث يستغل الرهبان أزمة السلطة وانشغال الرأي العام بالمعارك السياسية في وضع اليد على مساحات شاسعة من الأراضي وبناء أسوار خرسانية عالية وفرض سياسة الأمر الواقع.
هذه الرغبة الجامحة في بناء ما يشبه المستوطنات على هذه المساحات الكبيرة يطرح المزيد من المخاوف ويثير الشكوك حول الأسباب التي تدفع هؤلاء الرهبان للاستيلاء على الصحراء الغربية بهذه الطريقة!
قد يكون هناك من يُفكِّر في إقامة الدولة المزعومة في هذا الفراغ! وقد يكون هناك من يُفكِّر في أنه قد يأتي اليوم الذي يكونون فيه في حاجة لمبادلة هذه الأراضي مع المسلمين في الجزء الشمالي الغربي لمصر إن لم يستطيعوا السيطرة على غرب البلاد.
وجزء من هذا الجناح الانفصالي المتطرِّف هو الذي يقود حملة التصعيد الطائفي خلال السنوات الأخيرة، وزيادة المطالب الطائفية لابتزاز الدولة وإبعاد الأنظار عن المخطط الأصلي الدائر الآن غرب البلاد.
بالتأكيد أصحاب التوجه الانفصالي قلة، ونعي أن أغلبية المسيحيين المصريين لا يُفكِّرون في مثل هذه المغامرات الانتحارية، لكن ليس من المقبول ولا من المعقول أن تَخترِق هذه القلة أجهزة الدولة وتُمرِّر طموحاتها المتوهِمَة والمستحيلة، بل ونرى من يُمرِّر هذه المشروعات الخطيرة وسط حالة التخبط الجارية، ويظن أن الشعب المصري مُغيَّب ولن يكتشف هذا التخطيط الشرير!