أرشيف المقالات

الانتصار لتحكيم شرع الله - أم سارة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باسمك اللهم وبحمدك والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله أن جعلنا مسلمين وأنعم علينا بالإسلام وكفى بها نعمة أما بعد..

يقول تعالى في محكم آياته:
يقول تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء} [النحل:89]، ويقول تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} [الأنعام:38]، ويقول تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [ النساء ]، ويقول الحبيب المصطفى: «لا يؤمنُ أحدُكم حتَّى يَكونَ هواهُ تبعًا لمَّا جئتُ بِهِ» (الأربعون النووية: حسن صحيح).

تلك الآيات والأحاديث وغيرها الكثير دالة على وجوب تحكيم ما أنزل الله، وإلا تنتفي عنا صفة الإيمان الحق، وهذا قول الله حيث بدأ بقوله: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ}، وأيضا بدأ الحبيب عليه الصلاة والسلام بقوله: «لا يؤمنُ أحدُكم»، فمن ذا الذي يستطيع أن تُنتفى عنه صفة الإيمان..!

إن الله سبحانه وتعالى لم يترك شيء في هذه الحياة الدنيا إلا وبينه، ووضع لنا الأحكام والتشريعات التي يجب أن نسير عليها، والتي تنظم العلاقة بيننا وبين بعضنا البعض، وتصون أعراضنا وتحفظ حقوقنا، وعلى هذا مضى الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدون من بعده، ومن جاء من خلفاء وأمراء بعدهم وهم يُحَكْمون شرع الله، وما أنزله في كتابه وبينه على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم..

حتى وصلنا إلى العصور التي اعوج فيها الميزان وقسمت فيها الأراضي الإسلامية التي كانت تحت راية واحدة وحكم واحد إلى دويلات، لكل دولة حاكم وراية مختلفة عن الأخرى، فاعوج الحال وضعفت الأمة واحتُلت من أعداء الدين، إن لم يكن احتلالاً عسكريًا كان احتلالاً فكريًا، ووجد من روج له وأعان عليه، واستبدلوا شرع الله وحدوده بقوانين وضعية من صنع البشر.

فنجد في بعض الدول من عطل الحدود، ومنهم من تدخل في الميراث وساوى بين الرجل والمرأة، ومنهم من حدد الزواج بواحدة فقط، والرجل يحل له أن تكون له أكثر من عشيقة لكنه يتزوج واحدة فقط..! ومنهم من جمع كل ذلك (عطل الحدود، وحدد الزواج بواحدة، وساوى في الميراث) لقد استبدلوا ما هو أدنى بما هو خير، وظهرت الجماعات وتفرق المسلمون، وظهرت التيارات مثل (الليبرالية، والعلمانية، واليسارية) وغيرها من الذين يدّْعون أن الشريعة تكمن في علاقة العبد بربه، ولا أحد يستطيع أن يتدخل فيها!! كيف هذا؟ هل الإسلام علاقة تعبدية فقط؟ لا والله الإسلام منهج حياة لم يترك الله فيه شيء إلا وبينه ووضع له القوانين والحدود

وللأسف جاءت ثورات عزلت الحكام والحكومات، وأتت بآخرين ولم نجد فيهم ولو رئيس واحد استبدل القوانين الوضعية التي هي من صنع البشر بقوانين خالق البشر، كل من حكم البلاد العربية بعد الثورات غير وبدل في القوانين وسن ما أراد ولم يستبدل ولو قانون واحد وضعي بقانون الخالق العادل، مع أن أغلبهم أو جميعهم كان يرفع شعار (إسلامية إسلامية) لقد رفعوا الشعار فقط ولم ينتصروا له، ولذلك لم تصمد تلك الكراسي طويلا ولم يمكنها الله في الحكم، فإن الله ينصر من ينصره، فقد بدأت تلك الكراسي تتهاوى من تحت من جلسوا عليها ولاحقتهم المشاكل من كل جانب، لا لشيء إلا لأنهم لم ينتصروا لحكم الله وتحكيم شريعته، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7].

ونحن أيضا -عامة الناس- لن ينصرنا الله ويرسل إلينا الحاكم العادل إلا إذا خرجنا جميعًا لنصرة شرع الله، ونطلب طلب واحد (يسقط يسقط قانون البشر) نريد قانون الخالق وتطبيق شريعته..

وليتذكر الجميع وخاصة من بيدهم مقاليد الأمور، تلك الرسائل الربانية، وليرى هل يقوى أن يكون من هؤلاء في الآخرة:
{..وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44].
{..وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة:45].
{..وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:47].

فاللهم مكن لشريعتك وحكمك أن يسود على أرضك
 

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير