أرشيف المقالات

قتل العمد هل يستوي فيه قتل المؤمن وقتل المسلم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .

السؤال الأول من الفتوى رقم [1843]

س1: قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [ النساء من الآية:93]، ذكر الله من قتل مؤمنًا ولم يذكر من قتل مسلمًا، فهل إذا قتل شخص مسلمًا يكون جزاؤه جهنم أو لا؟

ج 1: نعم، من قتل مسلمًا فجزاؤه جهنم؛ لأن باطن القتيل إن كان موافقًا لظاهره كان مؤمنًا أيضًا، فقاتله مستحق للوعيد الأخروي بنص الآية، وإن كان باطنه مخالفًا لظاهره فعلينا أن نعامله بمقتضى ظاهره وليس لنا أن ننقب عن باطنه، وعلى هذا فدمه معصوم لا يجوز الاعتداء عليه؛ لما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» (رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن).

وثبت عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أنه قال: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فَكَفَّ الأنصاري، وطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أسامة: أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟»، قلت: كان متعوذًا، فما زال يكررها حتى تمنيتُ أني لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم" (رواه البخاري ومسلم).

فلم يعتبر النبي صلى الله عليه وسلم ما ظنه أسامة رضي الله عنه في قتيله من عدم الصدق في الإيمان مانعًا من التشديد في الإنكار عليه حتى بلغ ذلك الإنكار من نفس أسامة مبلغًا عظيمًا، فقال: "تمنيتُ أني لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم".


فدل ذلك على أن أحكام الدنيا تجرى على الظواهر، وأن من قتل مسلمًا متعمدًا فهو آثم مرتكب لكبيرة مستحق لعذاب النار إلا إذا كان قتله إياه لما ثبت من إباحة دمه بأحد الأمور الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (رواه من حديث عبد الله رضي الله عنه: أحمد [1/382]، [444-465]، والبخاري [8/38]، ومسلم [3/ 1302-1303] برقم [1676]، وأبو داود [4/522] برقم [4352]، والترمذي [4/19] برقم [1402] والنسائي [7 /90-91]، [8/13] برقم [4016]،[4721]، وابن ماجة [2/847] برقم [2534]، والدارمي [2/218]، والدارقطني [3/82]).

لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة ولأنه قد يعبر في النصوص بكلمة مؤمن ويراد بها ما يشمل المسلم كما في قوله تعالى في خصال الكفارة: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء من الآية:92].

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
 

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢