أرشيف المقالات

من يسمع عذاب أهل القبور ؟

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
مَن يسمع عذاب أهل القبور
الدار الآخرة..
أسئلة وأجوبة حول القبر

س: هل هناك مَن يسمع عذاب أهل القبور؟
ج: إن الله تبارك وتعالى إذا شاء أطْلَعَ بعضَ عباده في دار الدنيا على عذاب أهل القبور، وقد أعطى الله رسوله القدرة على سماع المعذبين في قبورهم؛ ففي الحديث الذي يرويه مسلم في "صحيحه" عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في حائط لبني النجَّار على بَغلة له، ونحن معه، إذ حادت به[1] فكادت تُلقيه، وإذا أقبُرٌ ستَّة أو خمسة أو أربعة، فقال: ((مَن يعرف أصحابَ هذه الأقبُر؟)) فقال رجل: أنا، قال: ((فمتى مات هؤلاء؟)) قال: ماتوا في الإشراك، فقال: ((إن هذه الأمُّة تُبتلى في قُبورها، فلولا ألا تدافنوا[2] لدعوتُ الله أن يُسمعكم من عذاب القَبر الذي أسمع منه)).
 
وفي "صحيحي البخاري ومسلم" و"سنن النسائي" عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما غَربت الشَّمس، فسَمع صوتًا، فقال: ((يَهودُ تُعذَّب في قبورها)).
 
ويدل على سماع الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - للمعذَّبين في قبورهم الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وفيه: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بقبرين، فقال: ((إنهما ليُعذَّبان وما يُعذَّبان في كبير...)) الحديث.
 
• وعذابُ القبر تَسمعه البهائم أيضًا، وقد مرَّ بنا في الحديث السابق، والذي رواه مسلم عن زيد بن ثابت: "بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في حائط لبني النَّجار على بغلة له ونحن معه؛ إذ حادت به فكادت أن تلقيَه، وإذا أقبُر سِتة أو خمسة أو أربعة...".
 
قال القرطبي - رحمه الله - في هذا الحديث، كما جاء في كتاب "التَّذكرة" (ص 163):
وإنما حادَت به البغلة لمَّا سمِعت من صَوت المعذَّبين، وإنما لم يسمعه من يَعقل من الجن والإنس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لولا ألا تدافنوا لدعوتُ الله أن يُسمعكم من عذاب القبر)).
 
وفي "الصحيحين" عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دخلتْ عَليَّ عجوزٌ من عَجائز يهودِ المدينة، فقالت: إن أهل القبور يُعذَّبون في قبورهم، قالت: فكذَّبتُها، ولم أنعم أن أصدقها، قالت: فخرَجَت، ودخل عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: يا رسول الله، إن عجوزًا من عجائز يهود أهل المدينة دخلت فزعمت أن أهل القبور يُعذَّبون في قبورهم، قال: صَدَقَت، إنهم يُعذَّبون عذابًا تسمعه البهائم كلُّها، قالت: فما رأيتُه بعدُ في صلاة إلا يَتعوَّذ من عذاب القبر".
 
قال ابن القيم كما في كتاب "الروح" (ص 72):
"وقال بعض أهل العلم: ولهذا السبب يذهب الناس بدوابهم إذا مَغَلَت إلى قبور اليهود والنصارى والمنافقين كالإسماعيلية، والنُّصَيْرِيَّة، والقَرامِطة من بني عُبيد...
وغيرهم الذين بأرض مصر والشام، فإن أصحاب الخيل يقصدون قبورهم لذلك كما يقصدون قبور اليهود والنصارى، قال: فإذا سمعت الخيل عذاب القبر أحدَثَ لها ذلك فزعًا وحرارة تذهَب بالمغل[3].
 
وقد قال عبدالحق الإشبيلي:
"حدثني الفقيه أبو الحكم بن برخان - وكان من أهل العلم والعمل - أنهم دَفنوا ميِّتًا بقريتهم في شرق إشبيليَّة، فلما فرغوا من دفنه قعدوا ناحيةً يتحدَّثون ودابَّة ترعى قريبًا منهم، فإذا بالدابَّة قد أقبلت مُسرعةً إلى القبر، فجعلت أُذنَها عليه كأنها تسمع، ثم ولَّت فارَّةً، ثم عادت إلى القبر، فجعلت أذنها عليه كأنها تسمع، ثم ولَّت فارَّة، فعلت ذلك مرَّة بعد أُخرى، قال أبو الحكم: فذكرتُ عذاب القبر، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنهم ليُعذَّبون عذابًا تسمعه البهائم)) (الروح: ص 70، 71).



[1] حادت به: أي مالت عن الطريق ونفرت.


[2] ألا تدافنوا: أي مخافةَ ألا تدافنوا.


[3] المغل: مغص يصيب الدواب إذا أكلت التراب مع العلف.

شارك الخبر

المرئيات-١