طبيب مصري عائد من سوريا يروي فظائع ترتكبها قوات بشار
مدة
قراءة المادة :
8 دقائق
.
طبيب مصري عائد من سوريا ، حاملًا تجربة لا يعلم عنها الكثيرون شيئًا، سوى بعض اللقطات المتقطعة على شاشات التليفزيون لشعب ما زال ينزف من رفض ظلم طاغية وأعوانه، رافعين شعار (الحرية) للخلاص منه.
تجربة تحمل في طياتها الشجاعة والخوف والحزن والألم والرجاء.
التقت (المصريون) الدكتور(عبد الله الكريوني)، مقرر لجنة الحريات بنقابة الأطباء المصرية، وعضو لجنة الإغاثة بالنقابة، بعد عودته من رحلة إغاثة في سوريا، قام فيها مع وفد من الأطباء المصريين بعلاج الجرحى والمصابين داخل مستشفى ميداني مصري في مدينة حلب السورية، كاشفًا دور المصريين في إغاثة الشعب السوري وتفاصيل رحلة استغرقت شهرًا في قلب الثورة السورية.
وقبل أن يروي (الكريوني) تفاصيل رحلته إلى سوريا، بدأ حديثه بالتأكيد أن المصريين من أكثر الشعوب الواقفة بجوار الشعب السوري في أزمته، حيث اجتهدت هيئات الإغاثة المصرية لتكون على قدر المسئولية في كثير من الأحيان.
مشيرًا إلى أن هناك هيئتين إغاثة مصريتين من أكبر الفاعلين في الشأن السوري، وهما اتحاد الأطباء العرب، ونقابة الأطباء المصرية، وأشار إلى أن لجنة الإغاثة في نقابة الأطباء المصرية أنفقت ما يزيد على (26 مليون دولار) لإغاثة المنكوبين والمصابين والجرحى، سواء في الداخل السوري، أو في أماكن لجوء السوريين في مصر وتركيا والأردن ولبنان، وأن الهيئة تكفل في مصر ما يقرب من (2000 أسرة سورية) وتوفر لهم السكن والغذاء والدواء.
وعن رحلته إلى الداخل السوري، قال (الكريوني): "إن نقابة الأطباء المصرية أرسلت ما يقرب من عشرة قوافل إغاثية إلى داخل سوريا منذ بداية الثورة، وتتكون القافلة من الأطباء والأغذية والأدوية، والمعدات الطبية وغيرها من احتياجات السوريين هناك، مؤكدًا أن دخول سوريا كان صعبًا للغاية، لسيطرة نظام الأسد على جميع الحدود والمنافذ.
أما بعد تحرير الجيش السوري الحر لمدينة حلب، أصبح الدخول إليها عبر الحدود التركية السورية أمرًا سهلاً، مشيرًا إلى أن دخول سوريا يكون عبر معبر (باب الهوى) أو معبر (كيلس).
وأضاف أنهم دخلوا سوريا عبر معبر (باب الهوى) على حدود تركيا مع سوريا، وذلك في الأول من سبتمبر الماضي بالتنسيق مع الجيش السوري الحر والحكومة التركية، وتوجهت القافلة المصرية إلى مدينة حلب حاملة معها أطنانًا من الأدوية، والمعدات الطبية، التي قامت بشرائها من تركيا.
وأقاموا مستشفىً ميدانيًا في إحدى مناطق حلب - رافضًا ذكر مكانه حيث إنه مستهدف من جيش الأسد- مشيرًا إلى أن المستشفى مكون من كوادر طبية مصرية كاملة هناك، وقام على الفور بإجراء عشرات العمليات سواء جراحة عامة، أو قلب مفتوح، أو في الصدر، أو بتر أعضاء، وجراحة عظام، وغيرها من العمليات.
وأشار إلى أن المستشفى الميداني كان يستقبل أكثر من خمسين مصابًا يوميًا، بالإضافة إلى إجراء أكثر من عشرين عملية جراحية من بينهم عمليات خطيرة، بالرغم من أنه مجهز بغرفتين للعمليات فقط وغرفة عناية مركزة.
ويضيف (الكريوني) أن المستشفى الميداني المصري أقيم في بدروم إحدى العمارات بأقل الإمكانيات حتى لا تتعرض للقصف من جيش الأسد، حيث إن القصف مستمر على مدار اليوم سواء بالطائرات الـf16)) أو القصف المدفعي والأسلحة الثقيلة، إضافة إلى البراميل المتفجرة، وهي أحد اختراعات جيش الأسد، حيث يتم ملء براميل بالمتفجرات، وقصفها من الطائرات فتكون كفيلة بإسقاط أي عمارة من خمسة أدوار وأعلى، علاوة على أنها تصيب أي فرد في قطر(500) متر أو أكثر، مشيرًا إلى أنه نتج عن تلك البراميل المتفجرة آلاف الإصابات الخطيرة التي يصعب علاجها.
ويصف (الكريوني) أبرز المشاهد المؤسفة التي شاهدها هناك في المستشفى الميداني في حلب نتيجة الإصابة بالقذائف والشظايا والتعذيب، حيث أوضح أن هناك عددًا كبيرًا من الحالات أتت المستشفى وهي في صورة أشلاء ممزقة، وحالات أخرى لديها قطع في الشرايين، وحالات لديها بتر في الأعضاء، وغيرها من الحالات الصعبة.
مشيرًا إلى أن المستشفى الميداني، والأطباء المصريين، ساهموا في إنقاذ عدد كبير من الحالات بدلاً من سفر تلك الحالات للعلاج في تركيا، والتي كانت تموت أغلبها في الطريق نتيجة لبعد المسافة وضعف الإمكانيات.
ويؤكد أن هناك عدد (2) مستشفى ميداني فقط في حلب، وهما مصريان لتغطية منطقة حلب بالكامل، واحد تابع لنقابة الأطباء المصريين، والآخر تابع لاتحاد الأطباء العرب، ولا يوجد غيرهما إلا بعض العيادات الصغيرة في أنحاء حلب.
وأضاف أن قوافل الإغاثة المصرية قامت بتجهيز (الشنطة الجراحية)، وزودت بها المقاتلين السوريين والجيش السوري الحر، وهي عبارة عن شنطة بها بعض المواد الإسعافية وأكياس الدم والمحاليل، وهناك بعض الأطباء يدخلون مع الجيش الحر في المعارك من أجل المساهمة في الإسعافات الأولية للمصابين والجرحى.
ويؤكد (الكريوني) أن جيش الأسد استهدف المستشفى الميداني المصري أكثر من مرة لدوره في إنقاذ الجرحى من مقاتلي الجيش الحر، ولكن لم ينجح في إصابته، حيث يقوم الوفد المصري بتغيير مكان المستشفى من آن لآخر بالرغم من صعوبة ذلك لتفادي القصف والاستهداف.
ويوضح أن قافلة الإغاثة التي شارك فيها ظلت في حلب ما يقرب من شهر، ثم استلم وفد مصري آخر من الأطباء إدارة المستشفى الميداني، وذلك حتى لا ينقطع دور المصريين في إغاثة السوريين.
ويشير إلى أن القوافل المصرية تقوم بتدريب الشباب السوريين على إسعاف المصابين وعلاجهم، ولكن هناك مشكلة كبيرة في ندرة الأطباء في سوريا ولذلك لا بد من تكثيف وجود الأطباء المصريين هناك.
وصرح (الكريوني) بأن اتحاد الأطباء العرب يحاول إقناع الحكومة التركية بالسماح لمصر بإنشاء مستشفى ميداني على حدودها مع سوريا، وتزويده بأطباء مصريين على أعلى مستوى.
مشيرًا إلى أن الحكومة التركية لم تقصر في حق السوريين وتعاونت مع الهيئات الإغاثية المصرية، حيث شحنت أطنان المساعدات المصرية على متن طائراتها إلى سوريا، ولكن قوانينها تمنع غير الأتراك من إقامة المستشفيات، أو العمل فيها على الأراضي التركية، وتقوم هيئات الإغاثة بإقناع تركيا بضرورة السماح للمصريين بإغاثة السوريين وعلاجهم على أراضيها حيث إنهم مؤهلون لذلك.
وأكد أن احتياجات الأشقاء السوريين في الداخل السوري كثيرة للغاية حيث تتكلف أكثر من (100مليون دولار) شهريًا، وهي أكبر من طاقة المنظمات الإغاثية المصرية والتركية.
مشيرًا إلى أن هذه الاحتياجات تتنوع بين الغذاء والدواء وألبان الأطفال والملابس، مطالبًا مزيد من المنظمات والهيئات الإغاثية بأن تساهم في توفير تلك الاحتياجات للشعب السوري بأقصى سرعة، وخصوصًا في الست محافظات السورية التي تتعرض للقصف وهي (حلب، وحماة، وإدلب، ودرعا، وحمص، ودير الزور)، بالإضافة إلى دمشق التي بدأت تتعرض للقصف هي الأخرى.
كما طالب الحكومة المصرية بأن توجد آلية لاستضافة المصابين والجرحى والمرضى السوريين، وعلاجهم في مصر، حيث إن الإمكانيات هناك لا تكفي لعلاجهم، مشيرًا إلى أن المشكلة هي أن عددًا كبيرًا من السوريين ليس لديهم جوازات سفر، أو فقدوها نتيجة القصف، وليس هناك مكاتب جوازات تعمل حاليًا في سوريا، ولذلك لا بد من وجود آلية لاستقبال هؤلاء السوريين بأقصى سرعة لعلاجهم في مصر.