أرشيف المقالات

فضيلة طلب العلم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
فضيلة طلب العلم

إن من أهمِّ ما ينبغي عليكم أيها الشباب: الحرص على طلب الفقه والعلم النافع؛ لأن طلب العلم يُصحح أخطاءنا في فهم المنهج، ويبصرنا بالطريق، ويُرشدنا للصواب، ويجنبنا العثرات والعقبات، ويدلنا على سعادة الدارين، وحسبكم بشرف العلم وأهله فضيلة ومكانة.
 
إن طلب العلم أيها الشباب فريضة واجبة على كل مسلم، كل على قدر استطاعته وضرورته؛ لأن الله - تعالى - افترض علينا في شريعة الإسلام أركاناً وواجبات، وسنناً ومُستحبات، ولا تتم هذه الفرائض والواجبات إلا بالتعبد الصحيح بها، والقيام بحقها، ولا يكون ذلك إلا بطلب العلم بها، ومعرفة شروطها وأركانها، وتمييز الواجبات والشرائع عن بعضها.
 
كما أن الإسلام جاء بعمارة الدنيا لإقامة الدين؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61]، ولا يكون ذلك أيضاً إلا بالعلم وطلبه.
 
ونحن إذا تأملنا آيات القرآن، وجدنا أن الله - تعالى - في أول ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بطلب العلم النافع بمعناه الواسع الشامل للعلم الشرعي وغيره ما كان نافعاً؛ فقال تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5]، وقال تعالى لنبيه ورسوله: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114].
 
كما أن الله - تعالى - فرَّق بين العالم وغيره، وجعل لكل واحد مكانة تليق به، وفضل العالم على غيره؛ فقال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].
 
كما أن الله - تعالى - جعل لطلبة العلم وأهله درجاتٍ عاليات عنده - سبحانه - فقال: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11]، وصدق القائل:

تعلم فإن العلم زينٌ لأهله
وفضلٌ وعنوانٌ لكل المحامد

تفقه فإن الفقه أفضل قائدٍ
إلى البر والتقوى وأعدلُ قاصدِ

 
العلوم الشرعيَّة أفضل العُلُوم على الإطلاق:
لكن يَجِب عليكم أنْ تعلموا أنَّ أفضلَ العلوم على الإطلاق العلوم الشرعية، المتعلِّقة بمسائلِ الدين من الإيمان والتوحيد، والفقه في العبادة والمعاملة، والأخلاق والسلوك، وأمَّا سواها فمطلوبة ومُستحبة ما دَلَّت على عبادة الله -تعالى- ومعرفة آياته وقدرته، وما كان المسلمون في حاجة ماسَّة إليها؛ قال الله -تعالى-: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 49]، وقال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43].

وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين في حديث معاوية - رضي الله عنه - أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن يُرد اللهُ به خيرًا، يُفقهه في الدين)).

وقال الإمام الذهبي - رحمه الله -:
 

الْعِلْمُ قَالَ اللَّهُ قَالَ رَسُولُهُ
قَالَ الصَّحَابَةُ لَيْسَ بِالتَّمْوِيهِ

مَا الْعِلْمُ نَصْبُكَ لِلْخِلاَفِ سَفَاهَةً
بَيْنَ الرَّسُولِ وَبَيْنَ رَأْيِ فَقِيهِ

 
وقد اصطلح أهل العلم على تسمية مثل هذه العلوم، فيقال: علم التفسير، وعلم الحديث، وعلم الفقه والفرائض، وعلم العقيدة والتوحيد، وهكذا.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن