أرشيف المقالات

الإرهاب الحوثي وصحافتنا المضللة! - ملفات متنوعة

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .


كشفت الأحداث الأخيرة في جنوب الوطن الغالي عن الوجه الحقيقي والقبيح للحركات الباطنية، وأثبتت من جديد أن في منطقتنا العربية من لا يزال تُحركه، وتتحكم فيه أيادي المكر الأجنبية.

غير أن محاولة التسلل الفاشلة، كشفت أيضًا عن مشكلة كبرى وخطيرة تعاني منها صحافتنا المحلية، وهذه المشكلة تتمثل في الدور التضليلي والتجهيلي الذي مارسته تلك الصحف طوال الفترة الماضية.

فبدلًا من مساعدة المواطن والمسؤول في التعرف على أعداء الوطن المتربصين، ونشر ثقافة التعريف بالعدو الإستراتيجي وخطره وخطر ثقافته ورموزها، مارست تلك الصحف دور الملمع والمروج لهذه الثقافة، وتلك الرموز، بل جعلت من رموزها وعلمائها مثالًا للاعتدال المزعوم، في مقابل ما يصفونه بتشدد وضيق أفق علماء هذه البلاد!

برز ذلك في مواقف كثيرة حاول فيها تيار الصحافة أن يستغل قضايا معينة يحدث أن يكون فيها لبعض علمائنا فتاوى مغايرة للتوجّه الرسمي، فيجد هذا التيار بغيته حينئذ؛ إذ يعمد مباشرة إلى استيراد فتاوى من الخارج، دون توفير حتى لتلك التي تم تعليبها في حوزات طائفية، وذلك في محاولة لإلغاء دور علماء هذه البلاد، والسعي لتقديم بديل (غير أمين) لهؤلاء العلماء ، يحدث كل ذلك نكاية في من يعتبرونهم خصومهم، دون اعتبار لمصلحة الوطن الكبرى.

بل إن أحد رؤساء تحرير إحدى الصحف (والذي ظهر على شاشة إحدى القنوات معلقًا على الأحداث الأخيرة، وواصفًا حركة الحوثيين وحكومة إيران بالغيبية والطائفية) كان قد كتب في صحيفته في إحدى المرات داعيًا إلى تكريم أحد أكبر المراجع الطائفية، بل ومنحه أعرق جائزة في بلادي (كما يقول الكاتب نفسه) ويعني جائزة الملك فيصل لخدمة القضايا الإسلامية.

هنا يحق لنا أن نتساءل: كيف يتسق أن يهاجم هذا الصحفي الآن المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة، بينما يدعو في صحيفته إلى تكريم أحد قادة هذا المشروع؟! هل كان يعتقد حين كتب ذلك المقال أن ذلك المرجع يقف ضد حركة التمرد الحوثية؟ ألم يسمع عن العلاقة الحميمة بينه وبين زعماء التمرّد، والتي عبر عنها الزعيم الروحي للحوثيين بدر الدين الحوثي، في رسالته له في نيسان من عام 2005، والتي طلب منه فيها التدخل في المسألة الحوثية؟

والسؤال الأهم: هل يتوقع رؤساء تحرير صحفنا المحلية من تلك المرجعيات، الذين تسابقوا على حشد ونقل آرائهم في قضايانا الوطنية، أن يصدروا بيانات تدين عمليات التسلل الحوثية، أو تدين ورقة تسييس الحج التي تلوح بها إيران؟ من هم العلماء الذين يمكنهم أن يشحذوا همم جنودنا هذه الأيام؟ أليس هم أولئك الذين تجاوزتهم تلك الصحف، ووصفهم كُتَّابها بالتشدد والمشاغبة؟!

إذًا هي مصيبة كبرى لدى رؤساء تحرير الصحف المحلية، وهي في أحسن الأحوال، ومع بذل أقصى محاولات إحسان الظن، قصر نظر فاضح مِمّن يُفترض أنهم مؤتمنون على فكر كل من يعيش على تراب هذا الوطن!

إنها دعوة لكل رؤساء التحرير بأن يجعلوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وألاّ يجعلوا من خصوماتهم الأيدلوجية (غير المسوَّغة) لعلماء هذا البلد مسوِّغًا للاستقواء بمخالفيهم، ممن أبانت لنا الحوادث أين يقفون منا على وجه الحقيقة.

شارك الخبر

المرئيات-١